ليس اعتبارها من باب السببية المحضة كي يتجه الحكم بالتخيير عند المعارضة فالأشبه الحكم بتساقطهما والرجوع إلى الأصل الذي ستعرفه ولو جهلها ولم يكن هناك ما يصح الاعتماد عليه في معرفتها من بينة ونحوها أتم كما صرح به غير واحد بل في الجواهر بلا خلاف أجده فيه لأصالة عدم تحقق الموجب للقصر ولكن قد يشكل ذلك بان هذا الأصل انما يتفرع عليه انه لا يجب عليه القصر واما انه يجب عليه الاتمام فهو مبنى على أن لا يكون المقصد ثمانية فراسخ وهذا مما لا يمكن احرازه بالأصل لأنه من قبيل تعيين الحادث بالأصل فمقتضى علمه اجمالا بأنه مكلف بصلاة الظهر مثلا اما قصرا ان كانت المسافة ثمانية أو تماما ان كانت أقل وجوب الاحتياط بالجمع بينهما تحصيلا للجزم بفراغ الذمة عما اشتغلت به يقينا وأصالة عدم حدوث ما يوجب القصر لا يجدى في احراز ان المسافة ليست بثمانية كي يتعين عليه فعل التمام إذ لا تعويل على الأصول المثبتة ويدفعه ان بقاء التكليف بالتمام أيضا كعدم حدوث التكليف بالقصر متفرع على الأصل المزبور أي عدم حدوث ما يوجب انقلاب تكليفه لان مقتضى عمومات أدلة التكاليف وجوب الاتيان بصلاة الظهر مثلا رباعية على كل مكلف ما لم يسافر كما أن مقتضاها وجوب الفرائض الخمس في أوقاتها على كل امرأة ما لم تحض فيكون السفر كالحيض رافعا للتكليف الثابت بالعمومات فمتى شك في تحققه سواء كان شكه ناشيا عن أصل وجود الرافع أو رافعية الموجود كما فيما نحن فيه يبنى على عدمه بحكم الأصل فلا يتوقف تنجز التكليف بالتمام على احراز ان السفر الصادر منه لا يبلغ حد المسافة كي يقال إنه لا يجرى فيه الأصل أو ان الأصل بالنسبة إليه مثبت فما ذكر في تقرير الاشكال من أن وجوب الاتمام مبنى على عدم كون المقصد مسافة لا يخلو من مغالطة فان هذا ليس شرطا في تنجز التكليف بالتمام بل عدم حدوث السفر البالغ ذلك الحد وهو على وفق الأصل ومعه لا يبقى لعلمه الاجمالي اثر في ايجاب الاحتياط إذ لا يلزم من اعمال الأصول الجارية في طرفيه مخالفة قطيعة للحكم المعلوم بالاجمال فلا يصلح مانعا عن اعمالها في مواردها كما تقرر في محله ولا تتوهم ان اثبات الأحكام الثابتة بالعمومات في مثل المقام ونظائره من الشبهات الموضوعية من باب التمسك بالعمومات في الشبهات المصداقية الذي أنكرناه في غير مورد فإنه ليس كذلك بل من باب احراز موضوع العام بالأصل كما لا يخفى على المتأمل الرابع هل يجب الفحص مع الامكان أم يجوز الرجوع إلى الأصل بدونه وجهان قد يقوى في لوجوب نظرا إلى ما تقرر في محله من عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعية حتى الوجوبية منها كما في المقام وقيل بالأول مستدلا عليه بتعليق الحكم بالقصر على المسافة النفس الامرية فيجب مع الشك رعاية التحصيل الواقع اما الجمع أو الفحص الأول منتف هنا اجماعا فتعين الثاني وربما فصل بعض بين صورة تعسر الفحص وعدمه فلم يوجبه مع التعسر لأدلة نفى الحرج وفيه ان المسافة النفس الامرية المعلق عليها القصر مشكوكة التحقق فهي منفية بالأصل وليس علمه الاجمالي بوجوب أحد الامرين عليه في الواقع مانعا عن اعمال الأصول الجارية في أطرافه في مثل المقام أي مقتضيا لوجوب الاحتياط كما عرفته انفا والا لم يكن يرتفع اثره بالفحص الغير المفيد في استكشاف الواقع كما في الشبهة المحصورة وغيرها مما يكون العلم الا مقتضيا لوجوب الاحتياط والحاصل ان العلم الاجمالي ان كان مقتضيا لوجوب الاحتياط فلا يكون الفحص رافعا لاثره والا فليس مقتضيا للفحص أيضا اللهم الا ان يقال إن العلم الاجمالي في مثل المقام وان لم يكن مؤثرا في تنجيز التكليف بالواقع على كل تقدير كي يكون اثره وجوب الاحتياط وسقوط الأصول المنافية له عن الاعتبار ولكنه مانع عن الرجوع إلى الأصول قبل الفحص كما في الشبهات الحكمية فان ما دل على معذورية العامل بالأصول النافية للتكليف قبل الفحص شموله لمثل المقام لا يخلو من تأمل فالقول بوجوب الفحص ما لم يكن حرجا لعله أقوى والله العالم ولو كانت المسافة أربعة فراسخ فصاعدا إلى ما دون الثمانية وأراد العود ليومه فقد كمل مسير يوم بذهابه ورجوعه ووجب عليه التقصير بلا خلاف معتد به في خصوص الفرض أي فيما لو أراد الرجوع ليومه بل عن الأمالي انه من دين الإمامية وعن الشيخ في كتابي الاخبار القول بالتخيير بين القصر والاتمام وعن ابن أبي عقيل أنه قال كل سفر كان مبلغه بريدان وهما ثمانية فراسخ أو بريد ذاهبا وبريد جائيا وهو أربعة فراسخ في يوم واحد أو فيما دون عشرة أيام فعلى من سافره عند ال الرسول إذا خلف حيطان مصره أو قريته وراء ظهره وخفى صوت الاذان ان يصلى صلاة السفر ركعتين أقول الظاهر أن تخصيص العشرة بالذكر من باب التمثيل ومقصوده ان المسافة المعتبرة في التقصير أعم من الثمانية الممتدة والملفقة من الأربعة فصاعدا من غير تقييده بالرجوع ليومه وقد جنح إلى هذا القول بل قواه صريحا غير واحد من متأخري المتأخرين ونسب إلى جماعة القول بالتخيير في الملفقة مطلقا حتى فيما لو رجع في يومه ولعل الشيخ في كتابي الاخبار قائل بهذا القول فان من المستبعد ارادته في خصوص ما لو رجع ليومه كما سيتضح وجهه لدى الإشارة إلى مستنده وفي الجواهر قال المشهور بين الأصحاب نقلا وتحصيلا بل عن الأمالي انه من دين الإمامية التخيير بين القصر والاتمام إذا لم يرد الرجوع ليومه غير أن الشيخ وابن حمزة منهم نصا على وجوب الصوم وعدم جواز الافطار خلافا للمرتضى والحلي فأوجبا التمام واختاره الفاضلان في بعض كتبهما انتهى وعن ظاهر الكليني في الكافي القول بتحتم القصر بمجرد الأربعة وان لم يرد الرجوع أصلا حيث اقتصر على ايراد اخبار الأربعة ومنشأ تشتت الأقوال اختلاف الاخبار فإنها على انحاء منها المعتبرة المستفيضة ان لم تكن متواترة المشتملة على تحديدها بثمانية فراسخ أو بريدين أو مسيرة يوم أو بياض يوم وقد تقدم نقل كثير منها وعرفت فيما تقدم ان مرجع هذه التحديدات المختلفة إلى شئ واحد بنص الروايات المزبورة وفى جملة من الروايات التي كادت تكون أيضا متواترة تحديدها بأربعة فراسخ ولكن في عدة منها تقييدها بما لو أراد العود لا مط فمنها مرسلتا ابن أبي عمير ومحمد بن يحيى الخزاز المتقدمتان في تحديد الميل (في صحيحة زرارة عن أبي جعفر ع قال التقصير في بريد والبريد أربعة فراسخ وصحيحة زيد الشحام قال سمعت أبا عبد الله ع يقول بتقصير الرجل في مسيرة) اثنى عشر ميلا وصحيحة إسماعيل بن الفضيل قال سألت أبا عبد الله ع عن التقصير فقال في أربعة فراسخ ورواية الجارود قال قلت لأبي جعفر ع فكم التقصير قال في بريد وموثقة ابن بكير قال سألت أبا عبد الله ع عن القادسية اخرج إليها أتم أم اقصر قال وكم هي قلت هي التي رأيت قال فصر في الحدائق نقل عن البحار انه نقل عن المغرب أنه قال القادسية موضع بينه وبين الكوفة خمسة عشر ميلا ثم قال وهو يدل على وجوب القصر في أربعة فراسخ لعدم القول بالفصل انتهى وصحيحة معاوية بن وهب أنه قال لأبي عبد الله ع ان أهل مكة يتمون الصلاة بعرفات فقال ويحهم أو ويلهم واي سفر أشد منه لا تتم
(٧٢٥)