فالأصل بالنسبة إليه مثبت لا محالة ولكنه يتوجه على الأصل المزبور اي اصالة عدم فعل المشكوك فيه انه علم من استقراء احكام الشكوك ان الشارع لم يعتد بهذا الأصل في عدد الركعات أصلا بل أوجب احراز سلامتها في الفرائض من الزيادة والنقصان حتى بالنسبة إلى الأخيرتين من الرباعية فيما عدى صورة الشك بين الأربع والخمس ولكن جعل بالنسبة إلى الأخيرتين قاعدة تعبدية لحفظهما عن الاختلال بزيادة أو نقصان وهي الاتيان بما يشك فيه مفصولا كي يتدارك به النقص على تقدير الحاجة ولا يتحقق به الزيادة على تقدير الاستغناء بل قد ورد هذا النحو من العلاج في بعض الأخبار في الثنائية أيضا كخبر عمار الساباطي قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عليه السلام عن رجل لم يدر صلى الفجر ركعتين أو ركعة قال يتشهد وينصرف ثم يقوم فيصلي ركعة فإن كان صلى ركعتين كانت هذه تطوعا وان صلى ركعة كانت هذه تمام الصلاة ولكنه لا ينبغي الالتفات إليه كما نبه عليه الشيخ في محكى الاستبصار حيث قال إنه خبر شاذ مخالف للاخبار كلها وأجمعت الطائفة على ترك العمل به انتهى كبعض الأخبار المتضمنة للبناء على الركعة للشاك في الواحدة والثنتين كخبر عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم عليه السلام قال في الرجل لا يدري صلى ركعة أم ثنتين قال يبنى على الركعة وموثقة عبد الله بن أبي يعفور قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل لا يدري أركعتين صلى أم واحدة قال يتم بركعة وخبر الحسين بن أبي العلاء قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل لا يدري أركعتين صلى أم واحدة قال يتم لقصورها عن مكافئة ما عرفت وعن الشيخ في الاستبصار انه أجاب عن هذه الأخبار أولا بأنها اخبار قليلة وما تضمن الإعادة كثيرة جدا ولا يجوز العدول عن الأكثر إلى الأقل وثانيا بالحمل على النافلة إذ لا تصريح فيها بكون الشك في الفريضة وفي المدارك بعد نقل ذلك عنه قال وهذا الحمل وان كان بعيدا الا انه لا باس بالمصير إليه لضعف هذه الروايات من حيث السند ولو صح سندها لأمكن القول بالتخيير بين البناء على الأقل والاستيناف كما اختاره ابن بابويه رحمه الله انتهى وفيه انه ان كان الحكم بالتخيير لأجل كونه حكما عمليا في المتعارضين فهو فرع المكافئة وهي منتفية كما هو واضح وان كان من باب الجمع من حيث الدلالة كما هو الظاهر ففيه بعد الغض عن احتياجه في مثل المقام إلى شاهد خارجي ان كثيرا من الروايات الدالة على وجوب الإعادة مثل ما وقع فيها التفصيل بين الأولتين والأخيرتين في وجوب الحفظ والخلوص من السهو يأبى عن هذا الحمل فالمتجه رد علم هذه الأخبار إلى أهله ويحتمل قويا جريها مجرى التقية كما نبه عليه في الحدائق لموافقته لاخبار العامة وأقوالهم ففي الحدائق نقل عن مسلم في صحيحه باسناده عن عبد الرحمن بن عوف قال سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول إذا سهى أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلى أو اثنتين فليبن على واحدة وان لم يدر اثنتين صلى أم ثلاثا فليبن على ثنتين وان لم يدر ثلاثا صلى أم أربعا فليبن على ثلاث ويسجد سجدتين قبل ان يسلم ثم قال قال البغوي في شرح السنة بعد نقل الخبر المذكور هذا الحديث يشتمل على احكام أحدها انه إذا شك في صلاته فلم يدر كم ركعة صلى يأخذ بالأقل والثاني ان محل سجدتي السهو قبل السلام اما الأول فأكثر العلماء على أنه يبني على الأقل ويسجد للسهو انتهى وهيهنا فوائد الأولى هل تبطل الصلاة بنفس الشك من حيث هو فيكون الشك كالحدث قاطعا للصلاة فلا يجدي زواله بعد تحققه أم لا فلو تروى وزال الشك مضى في صلاته ما لم يفت التوالي قولان حكى أولهما عن بعض اخذا بظاهر الأخبار التي علق فيها الإعادة على الشك كقوله عليه السلام إذا شككت في المغرب فأعد وإذا شككت في الفجر فأعد وفيه انه يظهر بالتدبر في النصوص ان هذا انما هو لحفظ الصلاة وسلامتها عن الزيادة والنقصان كما يفصح عن ذلك قوله عليه السلام في صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة التي وقع فيها السؤال عمن لا يدري واحدة صلى أم ثنتين يستقبل حتى يستيقن انه قد أتم وقوله عليه السلام في خبر ابن أبي يعفور الواردة فيمن لا يدري كم صلى فأعد ولا تمض على الشك وفي خبر زرارة فمن شك في الأولتين أعاد حتى يحفظ ويكون على يقين وفي خبر أبي بصير إذا سهوت في الأولتين فأعدهما حتى تثبتهما فما هو صريح غير واحد وظاهر آخرين من عدم عروض البطلان بحدوث الشك من حيث هو هو الأظهر وهل يجب التردي إلى أن يتحقق الفصل الطويل أو يكفي مسماه أم لا يجب أصلا وجوه أوجهها أوسطها إذ المتبادر من الشك في النصوص والفتاوي وهو التحير الحاصل للنفس بعد اعمال الروية في الجملة اي الشك المستقر لا التردد البدوي الحاصل بمجرد التفات الذهن ومن هنا يتجه على القول بكون الشك بنفسه من القواطع تخصيصه أيضا بالشك المستقر واما بعد حصول الاستقرار فيجوز له الاستيناف وأم لم نقل بكونه بنفسه سببا للبطلان الاطلاق النصوص الامرة بالإعادة الغير القاصرة عن شموله واحتمال وجوب التروي إلى أن يتحقق الفصل الطويل المخل بناء على عدم عروض البطلان بنفس الشك للنهي عن ابطال العمل واستصحاب حرمة القطع مدفوع بالاطلاق ودعوى ورود المطلقات مورد حكم اخر وهو في لاعتداد مع الشك فلا ينافيه اشتراط جواز الاستيناف بحصول الفصل الطويل الموجب للبطلان مدفوعة بظهور أغلب النصوص في كونها مسوقة لبيان الحكم الفعلي الثابت للشاك عند تحيره في ما يقتضيه تكليفه فصرفها إلى إرادة الإعادة بعد حصول الفصل أو مبطل اخر بعيد ولا يشكل ذلك باستلزامه وقوع الافتتاح بلا امر فيقع فاسدا ومفسدا كما عرفته في مسألة ما لو كبر ثانيا ونوى به الافتتاح فان قضية الرخصة في الاستيناف جواز رفع اليد عن هذا الفرد الذي تلبس به واختيار فرد اخر امتثالا للامر بطبيعة الصلاة فيقع ذلك الفرد بجميع اجزائه موافقا للمأمور به بل هذا هو مقتضى الأصل في كل عبادة لم يثبت حرمة قطعها فان الامر بالاجزاء منتزع من التكليف بالكل فما دام التكليف بالكل باقيا يكون مأمورا باجزائه وتلبسه بفرد من افراد المأمور به لا يعين عليه اختياره في مقام الامتثال فلو بدا له ان يأتي بفرد اخر جاز له ذلك كما تقدم التنبيه عليه في مسألة العدول من سورة إلى أخرى ومن التسبيح إلى القراءة أو عكسه في الأخيرتين فسقوط الامر الغيري المتعلق باجزاء المركب عنه تلبسه بفرد منها مراعى بحصول ذلك الفرد الذي تلبس به فلو رفع اليد عنه واتى بفرد اخر وقع ذلك الفرد الآخر مصداقا للمأمور به ويتحقق بافتتاحه امتثال الامر الغيري المتعلق بالافتتاح لهذا الفرد من الصلاة التي رخص في اختيارها في مقام الامتثال الثانية لو أوقع بعض الأفعال
(٥٥٤)