وهذا مما لا يمكن الالتزام به فإنه على الظاهر مخالف للاجماع وساير الأصول والقواعد الشرعية التي لا يمكن الخروج عنها بمثل هذه الرواية فان اختلاف المأمومين ليس موجبا لبطلان صلاتهم ولا لبطلان صلاة الامام خصوصا مع ما في السؤال من التعميم لصورة ما لو كان الامام مائلا إلى أحدهما فعلى كل منهم العمل بما يعتقده أو يظنه فلا مقتضى لإعادة الجميع اللهم الا ان تنزل الرواية على جريها مجرى العادة من صيرورة الاختلاف موجبا لعروض الشك للجميع وعلى هذا أيضا لا يتجه الحكم بالإعادة على الاطلاق بل لو كان شكهم فيما عدى الأخيرتين الا ان يلتزم بجواز الإعادة لدى الشك في الأخيرتين أيضا وكون الجبر بصلاة الاحتياط من باب التوسعة والتسهيل ولكنه خلاف المشهور وكيف كان فيشكل الاعتماد على هذه الفقرة من الرواية ولكن نقل عن بعض نسخ الفقيه انه رواها بتقديم العاطف على قوله في الإعادة فقال فعليه وعليهم في الاحتياط والإعادة الاخذ بالجزم ولعل هذا هو الصحيح ومعناه حينئذ على الظاهر أن على الامام وعلى كل من المأمومين في صورة اختلافهم ان يعمل كل منهم على ما يقتضيه شكه أو يقينه من الاحتياط والإعادة حتى يحصل له الجزم ببراءة الذمة كما هو مقتضى الأصول والقواعد فينطبق حينئذ على ما قدمناه من الفروع وليس كلامه عليه السلام مقصورا على الحكم المسؤول عنه حتى يقال إنه لا يلزم الإعادة في الصورة الذكورة على أحد منهم بل هو حكم عام يشمل جميع صور الاختلاف بين الجميع فيشمل ما إذا شك الامام أو بعض المأمومين بين الواحدة والاثنتين وكذا غيره من الصور التي يجب فيها الإعادة كمالا يخفى ويمكن توجيه ما حكى عن الكافي والتهذيب من اسقاط العاطف بارجاعه أيضا إلى هذا المعنى بل لعل هذا هو الظاهر منه بعد التأمل إذا الظاهر أنه عليه السلام بعد ان بين انه ليس على الامام سهو إذا حفظ عليه من خلفه باتفاق منهم وليس على المأموم سهو ما لم يسه الامام أراد ان ينبه على أنه على تقدير اختلاف المأمومين في الحفظ لا يرجع أحد منهم إلى الآخر بل كل يعمل على حسب تكليفه من حيث هو فقوله عليه السلام فعليه وعليهم في الاحتياط يعني في حكم السهو الذي هو الاحتياط وتحصيل القطع ببراءة الذمة الإعادة والاخذ بالجزم الذي هو عبارة عن البناء على الأكثر وصلاة الاحتياط اي الاستقلال بحكم شكه لا رجوع بعضهم إلى بعض وكون المفروض في المورد عدم شك المأمومين بل اختلافهم في الحفظ غير مناف إذ لا يجب مع اختلافهم ان لا يوجد شاك فيما بينهم والمقصود بهذا الحديث اعطاء الحكم على سبيل الكلية وبيان ان سهو الإمام والمأموم في هذه الصورة غير ملغى فكل منهم يجب عليه ان يعمل في الاحتياط الموجب للقطع بتفريغ ذمته ما يقتضيه تكليفه من الإعادة والاخذ بالجزم فيفهم من ذلك تكليف الموقن من غير حاجة إلى التصريح به لكونه اخذا بالجزم من غير حاجة إلى الإعادة أو البناء على الأكثر فليتأمل الثالث كلما ذكرناه من الاحكام لسهو الامام أو المأموم انما هو للسهو بمعنى الشك واما السهو بالمعنى المتعارف فهو اما ان يختص بالامام أو بالمأموم أو يشتركان فيه اما الأول فلا اشكال بل لا خلاف على الظاهر في جريان جميع الأحكام المتقدمة سابقا بالنسبة إلى المنفرد عليه لاطلاق أدلته السالم عن ورود دليل حاكم عليها فإذا سهى عن ركن زيادة أو نقيصة بطلت صلاته أو سهى عن شئ وهو في المحل تداركه وان تجاوزه وكان مما يقضي قضاه وان كان مما يوجب سجود السهو سجد للسهو وما في بعض العبارات من اطلاق انه لا سهو على الامام كاطلاق بعض الأخبار يراد منه الشك كما لا يخفى على المتدبر ولكن وقع الخلاف في أنه إذا صدر من الامام ما يوجب سجود السهو عليه فهل يكون ذلك موجبا للسجود على المأموم أيضا تبعا لسهو الامام فعن الشيخ في المبسوط وكذا عن الوسيلة والسرائر انه يجب على المأموم متابعته في سجود السهو وان لم يفعل موجبه بل عن المبسوط انه ان سبقه الامام للسجود بنقص صلاته جاء به المأموم بعده بل ذكر انه ان تركه الامام عمدا أو سهوا وجب على المأموم الاتيان به وصرح أيضا بأنه ان دخل المأموم في صلاة الامام وقد كان قد سبقه بالركعة أو الركعتين فإن كان سهو الامام فيما قد مضى من صلاته التي لم يأتم بها المأموم فلا سجود للسهو على المأموم وان كان سهوه فيما ائتم به وجب على المأموم ونسب إلى الأشهر بين المتأخرين بل المشهور اختصاص سجود السهو بالامام وعدم وجوبه على المأموم وهو الأقوى للأصل من غير معارض عدى ما قيل من عموم ما دل على وجوب متابعة المأموم للامام الممنوع شموله لذلك مع جريانه في بعض الصور المزبورة مما لا يتحقق فيه المتابعة والموثق عن عمار الساباطي قال سئلته عن رجل يدخل مع الامام وقد سبقه الامام بركعة أو أكثر فسهى الامام كيف يصنع فقال إذا سلم الامام فسجد سجدتي السهو فلا يسجد الرجل الذي دخل معه وإذا قام وبنى على صلاته وأتمها وسلم يسجد الرجل سجدتي السهو وهذا مع مخالفته للمشهور بين أصحابنا وموافقته للمشهور بين العامة على ما قيل بل عن المنتهى انه مذهب فقهاء الجمهور كافة لا يبعد جريها مجرى العادة من تبعية المأموم للامام كثيرا ما في سهوه ولذا استدل العلامة به في محكى المنتهى على وجوب سجود السهو عليه عند حصول سببه وتخصيص الامام بالذكر للجري مجرى الغالب في مقام التعبير فلا يكاد ينسبق إلى الذهن إرادة وجوبه عليه بلا حصول سببه منه تعبدا من اطلاق النص وكيف كان فلا تنهض هذه الرواية حجة لاثبات المدعى بعد ما عرفت واما إذا اختص المأموم بالسهو ففي الحدائق قال لا خلاف ولا اشكال في عدم وجوب شئ لذلك على الامام انما الخلاف بالنسبة إلى المأموم في أنه هل يجب عليه الاتيان بموجب ذلك السهو أم والأشهر الأظهر انه يجب عليه الاتيان بموجبه وذهب الشيخ رحمه الله في الخلاف والمبسوط إلى أنه لا حكم لسهو المأموم هنا ولا يجب عليه سجود السهو بل ادعى عليه الاجماع واختاره المرتضى رحمه الله ونقله عن جميع الفقهاء الا مكحول انتهى أقول الخلاف ههنا على ما يظهر بالتدبر في كلام صاحب الحدائق وغيره انما هو فيما يوجبه السهو من سجود السهو وقضاء الأجزاء المنسية واما ما عداهما من أحكام السهو فالظاهر في لخلاف
(٥٨٢)