ليس بشئ كما في صحيحة زرارة التي وقع فيها الامر بالمضي متفرعا على هذه القاعدة فان مقتضاها كون التلافي بقصد المشروعية تشريعا وملحقا بالزيادة العمدية نعم لو كان ذلك الشئ مثل القراءة والتشهد ونحوه مما يجوز فعله في أثناء الصلاة مطلقا ما لم ينويه التشريع جاز الاتيان به برجاء المطلوبية من باب الاحتياط في موارد الخلاف أو بنية القربة المطلقة برجاء إصابة الواقع وان لم يكن امره منجزا عليه بخلاف مثل الركوع والسجود الذي لا يجوز زيادته عمدا حتى مع نية الاحتياط الثاني من كان فرضه الصلاة جالسا مثلا فشك بعد ان جلس بقصد القراءة للثانية قبل ان يتلبس بها في أنه هل سجد سجدة أو سجدتين أو تشهد أم لا فهل هو بمنزلة ما لو شك فيها بعد ان قام وجهان أوجههما العدم إذ لا اثر لمحض النية في صدق اسم التجاوز والدخول في الغير ولا يختلف الحال في ذلك بين القول ببدلية الجلوس ونحوه عن القيام الواجب على القادر أو القول بسقوط التكليف بالقيام إذ لا اثر لوجوبه شرعا وكونه منزلا منزلة القيام في اجراء هذا الحكم الذي يدور مدار صدق اسم التجاوز والخروج عن محل الشئ بحيث لو ذكر النقص وعاد إليه وتداركه صدق عليه اسم الرجوع وكون الجلوس حال القراءة واجبا بدلا عن القيام لا يجعله كذلك إذ غاية الأمر انه حينئذ يصير كالجلوس حال التشهد من واجبات الصلاة ولكنه لا يؤثر وجوبه في صدق اسم الخروج عن محل السجدة ما لم يتلبس بنفس التشهد أو القراءة كما لا يخفى على المتأمل الثالث ان التجاوز عن محل المشكوك فيه متوقف على التلبس بما هو متأخر عنه في الرتبة فلا يكفي مجرد تلبسه بفعل اخر مما لا ترتب بينهما كما لو قام بعد رفع الرأس من السجود لغرض اخر غير افعال الصلاة ثم شك في أن قيامه هل كان عن سجدة أو سجدتين فإنه حينئذ شك في الشئ قبل التجاوز عنه بل وكذا لو تلبس بما هو متأخر عنه سهوا كما لو قام إلى الثانية سهوا قبل اكمال الأولى فشك في أنه هل كان ذلك بعد رفع الرأس من الركوع أو السجدة الأولى فإنه ليس مندرجا في موضوع هذه القاعدة كما تقدم التنبيه عليه في مسألة نسيان السجدة فراجع ثم انا قد أشرنا إلى أن اخبار الباب قاصرة عن اثبات كفاية مجرد التجاوز عن محل المشكوك فيه من حيث هو فلابد من اعتبار الدخول في الغير ولكن مقتضى عموم الغير شموله لمطلق افعال الصلاة حتى الكلمة والكلمتين بل الهوى ونحوه من الافعال التبعية على تردد في ذلك وهل يعم سائر الأفعال الخارجية المترتبة على افعال الصلاة شرعا أو عرفا أو عادة فيه تأمل بل منع خصوصا في الأخير لانصراف النص عن مثله فمن اعتاد مثلا تحويل خاتمه من اليمنى إلى اليسرى بعد القراءة أو رفع الرأس من السجدتين لتذكر عدد الركعات فشك في السجدة أو القراءة بعد ان حول خاتمة قبل ان يدخل في فعل اخر من افعال الصلاة لا يتصرف إليه لفظ الغير المذكور في الأخبار جزما واما في لاعتناء بالشك في الجزء الأخير من الصلاة اي التسليم بعد التلبس بالتعقيب الذي هو مترتب عليه شرعا أو شئ اخر من الافعال العادية التي لا يتلبس بها الا بعد الصلاة فإنما هو لقاعدة الفراغ والا فاستفادته من اخبار الباب لا يخلو عن اشكال الرابع هل الشك في الصحة والبطلان كالشك في أصل الوقوع وعدمه فيتلافى في المحل ولا يلتفت إذا خرج فمن شك قبل القراءة في التكبير مثلا انه هل جاء بتكبيرة الاحرام على وجه صحيح أولا أعاد وان كان بعد القراءة مضى أو انه ليس كذلك ربما يظهر من بعضهم الأول لرجوع الشك فيه إلى الشك في وجود الشئ الصحيح فيجري عليه الحكم وفي الجواهر بعد ان ذكر هذا الوجه ناسبا إلى ظاهر بعضهم قال ويحتمل العدم لظهور الأخبار في الشك في أصل الوقوع فيقتصر عليه ويحكم بالصحة في محل البحث لأصالتها في كل فعل يقع من المسلم ولعله الأقوى انتهى أقول اما ظهور الأخبار في الشك في أصل الوقوع فلبس قابلا للانكار ولكن هذا فيما عدى قوله عليه السلام في ذيل صحيحة زرارة في مقام اعطاء الضابط إذا خرجت من شئ ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشئ فإن هذه الفقرة في حد ذاتها ظاهرة في الشك في الصحة إذ الخروج من الشئ لا يتحقق حقيقة ما لم يتلبس به ولكن يرفع اليد عن هذا الظاهر بقرينة المورد وهو لا يصلح قرينة الا لحملها على ما يتناول الشك في الوجود بان يحمل الخروج منه على إرادة ما يتناول التجاوز عن محله بضرب من التوسع ويراد من قوله عليه السلام فشكك ليس بشئ مطلق الشك المتعلق بذلك الشئ سواء تعلق بصحته أو وجوده ولو نوقش في دلالة هذه الصحيحة أيضا لاتجه دعوى استفادة في لاعتناء بالشك في صحة شئ بعد التجاوز عنه والدخول في غيره مما دل عليه لدى الشك في أصل وجوده بالفحوى مع أنه لا يظن بأحد الالتزام بالتفصيل بعدم الاعتناء بالشك في أصل الوجود والالتفات إليه لدى الشك في صحته ولو نوقش في جميع ذلك لاشكل الاستدلال عليه بأصالة الصحة الجارية في ساير الأعمال الصادرة من المسلم لما عرفت في مبحث الوضوء ان هذا الأصل انما يجري لدى الشك في صحة العمل الصادر من نفسه بعد الفراغ من ذلك العمل الذي يعد مجموعة في العرف عملا واحدا كالوضوء ونحوه لا في أثنائه فمقتضى الأصل حينئذ الحاق الشك في صحته شئ من افعال الصلاة قبل الفراغ منها بصورة العلم بترك ايجاده صحيحا في وجوب تداركه مع الامكان والحكم ببطلان الصلاة لدى تعذره الا إذا كان ذلك الشئ مما لا يقدح الاخلال به سهوا في الصحة ولكن قد أشرنا إلى أن هذا التفصيل بحسب الظاهر مما لا يلتزم به أحد وكيف كان فقد تلخص مما ذكر ان عمدة المستند لالحاق الشك في الصحة بالشك في الوجود انما هي دعوى استفادته من الأخبار المزبورة اما بالأولوية أو بارجاعه إلى الشك في وجود الشئ الصحيح الذي اعتبره الشارع جزء من الصلاة المعتضدة بعدم القول بالفصل على الظاهر وحيث إن الأخبار المزبورة قاصرة عن اثبات إناطة الحكم بمجرد التجاوز و الخروج من الشئ ما لم يتلبس بغيره من الاجزاء المترتبة عليه كما تقدمت الإشارة إليه فيما سبق يجب الاقتصار في الحكم بالصحة أيضا على ذلك كما هو واضح تفريع إذا تحقق نية الصلاة وانتقل عن محلها وشك في أنه هل نوى ظهرا أو عصرا مثلا أو فرضا أو نفلا استأنف فإنه ما لم يحرز عنوان الفعل المتلبس به لا يتأتى منه القصد إلى إطاعة امره ولكنه لا يخلو من تأمل كما سنشير إليه ولكن عن غير واحد تقييده بما إذا لم يعلم ما قام إليه والا بنى عليه وعن القواعد
(٥٥٩)