لأنهما يأتيان بالحروف على الكمال والزيادة لا تضرهما لأنهما مغلوبان عليها ولكن يكره تقديمها لمكان هذه الزيادة انتهى وتوهم كون هذه الزيادة مخلة بالصورة المعتبرة في نظم الكلام وبالتوالي المعتبر بين حروفها مدفوع بما أشار إليه العلامة في عبارته المذكورة من أنه لا اثر لهذه الزيادة في ابطال الهيئة المعتبرة في نظم الكلام واخراجه عن حقيقته عرفا إذا كانا مغلوبين عليها ولكن يبقى الكلام حينئذ فيما حكم به العلامة وغيره من كراهة تقديمهما إذ لا دليل يعتد به عليها بعد البناء على صحة قرائتهما ولو على القول بكفاية فتوى الفقيه في اثباتها من باب المسامحة لان هذا ان سلم ففيما إذا لم يعلم مستنده والا فالعبرة بمستنده وقد عللوها في المقام بهذه الزيادة وهى غير صالحة لاثبات الكراهة شرعا نعم لا يبعد الالتزام برجحان ترك التقديم من باب حسن الاحتياط خروجا عن شبهة الخلاف واما ما ذكره في التذكرة من عدم جواز ايتمام المفصح بمن لا يفصح ببعض الحروف فغرضه من لم يتمكن من أداء ماهية الحرف صحيحا والا فليس مطلق عدم الافصاح قادحا جزما فالعبرة في هذا الباب بقدرة الامام على الاتيان بالقراءة الواجبة التي يتحملها عن المأموم صحيحة إذا كان المأموم متقنا والا ففيما يتقنه كما تقدم تفصيله في مبحث الأمي فلا نطيل بالإعادة ولا يشترط في صحة الجماعة وترتب احكامها بالنسبة للامام والمأموم ان ينوى الامام الإمامة فلو صلى بنية الانفراد فأتم به غيره انعقدت الجماعة ولحقها احكامها وان لم يقصدها بل وان لم يشعر بها حتى فرغ من صلاته نعم قد يقال بوجوب قصدها في الجماعة التي تكون الجماعة شرطا لصحتها كالجمعة والمعادة نفلا وهو لا يخلو من وجه وقد تقدم شرح هذه المسألة لدى التكلم في أنه لابد في صحة الجماعة من نية الاقتداء فراجع وصاحب المسجد الراتب فيه والامارة من قبل الإمام العادل والمنزل الساكن فيه أولى من غيرهم بالتقدم بلا خلاف في شئ منها على الظاهر بل عن غير واحد ظاهرا وصريحا دعوى الاجماع عليها ويدل على الأول منها مضافا إلى ذلك ما عن موضع من كتاب الفقه الرضوي قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال صاحب الفراش أحق بفراشه وصاحب المسجد أحق بمسجده وعنه أيضا في باب صلاة الجماعة قال اعلم أن أولى الناس بالتقدم في الجماعة اقرأهم إلى أن قال وصاحب المسجد أولى بمسجده وعن كتاب دعائم الاسلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يؤمكم أكثركم نورا والنور القران وكل أهل مسجد أحق بالصلاة في مسجدهم الا ان يكون أمير حضر فإنه أحق بالإمامة من أهل المسجد وعن جعفر بن محمد عليه السلام قال يؤم القوم أقدمهم هجرة إلى الايمان إلى أن قال صاحب المسجد أحق بمسجده ويدل على الثاني والثالث مضافا إلى ما سمعت خبر أبي عبيدة عن الصادقة عليه السلام ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يتقدم القوم أقرأهم للقران فان كانوا في القراءة سواء فأقدمهم هجرة فان كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا فان كانوا في السن سواء فليؤمهم اعلمهم بالسنة وأفقههم في الدين ولا يتقدمن أحدكم الرجل في منزله وصاحب سلطان في سلطانه ويدل على الثاني أيضا ما سمعته من خبر الدعائم ثم إن الظاهر كما صرح به في الجواهر وغيره كون أولوية هذه الثلاثة سياسية أدبية ناشئة من مراعاة حقهم الذي هو أشبه شئ بحق السبق والأحقية الثابتة لأولياء الميت بالنسبة إلى تجهيزاته لا لفضيلة ذاتية فلو أذنوا لغيرهم جاز وانتفت الكراهة المستفادة من الخبر الأخير وغيره كما عن الشهيدين وغيرهما التصريح بذلك بل عن المنتهى التصريح مع ذلك بان الغير حينئذ أولى من غيره نافيا معرفة الخلاف فيه لكن عن الذخيرة تبعا للمدارك انه اجتهاد في مقابلة النص وفيه ما أشرنا إليه من أن المنساق من النص بواسطة مناسبات الموارد ليس الا الأحقية التي هي من قبيل أحقية ولى الميت الغير المقتضية لمنع الغير مع الاذن فلا يعم الكراهة المستفادة من النص حال الاذن بل قد يظهر من بعضهم القول باستحباب اذنهم للأكمل منهم مع حضوره معهم جمعا بين مراعاة حقهم بارجاع الامر إليهم وبين ما دل على استحباب تقديم الأفضل والأكمل كقوله عليه السلام من أم قوما وفيهم من هو اعلم منه لم يزل امرهم إلى السفال إلى يوم القيمة وهو لا يخلو من وجه فليتأمل ثم إن مقتضى اطلاق النصوص والفتاوى ثبوت هذه الأحقية وعدم سقوطها بعدم حضور صاحبها في أول الوقت ومن هنا صرح في التذكرة والذكرى وغيرهما بانتظار الراتب ففي التذكرة قال ما لفظه لو حضر جماعة المسجد استحب ان يراسل امامه الراتب حتى يحضر أو يستنيب ولو كان الموضع بعيدا وخافوا فوات أول الوقت و امنوا الفتنة صلوا جماعة انتهى وعن الذكرى أنه قال ولو تأخر الامام الراتب استحب مراسلته ليحضر أو يستنيب ولو بعد منزله وخالفوا فوات وقت الفضيلة قدموا من يختارونه إلى أن قال ولو حضر بعد صلاتهم استحب اعادتها معه لما فيه من اتفاق القلوب مع تحصيل الاجتماع مرتين انتهى وما ذكره أخيرا من استحباب الإعادة معه بعد حضوره مبنى على استحباب إعادة الجامع صلاته جماعة وقد عرفت في محله انه لا يخلو من تأمل اللهم الا ان يلتزم به في مثل المقام الذي لا يترتب عليه الاخلال بواجب من باب المسامحة كما لا يخلو من وجه وكيف كان فربما يظهر من بعض الأخبار ما ينافي ما ذكرناه من عدم سقوط الأولوية المزبورة بعد حضور صاحبها في الوقت كخبر حفص بن سالم انه سئل أبا عبد الله عليه السلام إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة يقوم القوم على أرجلهم أو يجلسون حتى يجيئ امامهم قال لا بل يقومون على أرجلهم فان جاء امامهم والا فليؤخذ بيد رجل من القوم فيقدم وخبر معاوية بن شريح عن أبي عبد الله في حديث قال إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة ينبغي لمن في المسجد ان يقوموا على أرجلهم ويقدموا بعضهم ولا ينتظروا الإمام قال قلت وان كان الامام هو المؤذن قال وان كان فلا ينتظرونه ويقدموا بعضهم وربما نزل هذان الخبران على الضيق أي صورة خوف فوات وقت الفضيلة والأولى تخصيص الخبرين بموردهما وهو ما لو حصلت الإقامة برجاء لحوق الامام فابطاء الامام فحينئذ ينبغي لأهل المسجد العمل بما يقتضيه الإقامة من القيام على أرجلهم والتلبس بأداء الصلاة بتقديم من يصلى بهم تحرزا عن اختلال الإقامة بطول الانتظار هذا مع امكان ان يدعى عدم التنافي بين الاخبار أصلا فان المنساق مما دل على أحقية الامام الراتب بامامة مسجده ليس الا المنع عن معاوضته في الإمامة وهو منصرف عن ايتمام بعض مأموميه ببعض عند تأخير الامام عن وقته فإنه لا يعد بنظر العرف منافيا لحقه بل بمنزلة ما لو صلى كل واحد
(٦٨١)