هذه الجهة كي يصح التمسك بها لنفي الاشتراط نعم ورد الامر المطلق بفعلها في بعض الأخبار ولكنه ليس للوجوب كصحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل وليتطيب بما وجد وليصل وحده كما يصلي في جماعة إذا الجماعة شرط في وجوبها نصا واجماعا فالامر بان يصلى وحده في هذه الرواية ليس الا للاستحباب ويستشعر من سوق التعبير في هذه الصحيحة جواز ترك حضور الجماعة اختيار مع أن هذا لا يجوز على تقدير كونها مع الامام فالظاهر جرى هذه الصحيحة أيضا مجرى المتعارف في ذلك الزمان من أيتام الناس بغير الامام أو المنصوب من قبله فتلخص مما ذكرنا ان الأقوى ما هو المشهور من اشتراط وجوبها بحضور الامام أو منصوبه واما اعتبار سائر الشرائط المعتبرة في وجوب الجمعة كما هو ظاهر المتن وغيره بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه فهو أيضا مما لا ينبغي التأمل فيه فان شرط وجوب الجمعة بعد فرض وجود المنصوب لدى التحقيق منحصر في الجماعة والعدد والحضور والذكورة والبلوغ والحرية والسلامة من المرض والجنون والعمى وان لا يكون بينه وبينها أزيد من فرسخين وهذه الشرائط معتبرة في وجوب العيدين أيضا جزما واما الخطبتان والوحدة فهما من شرايط الصحة في الجمعة لا الوجوب كما تقدمت الإشارة إليه في المحلة فوقوع التردد من بعض أو الخلاف في اعتبارهما في العيدين لا يوهن ما ادعى في كلمات غير واحد من الاجماع على اعتبار شرايط الجمعة في وجوب صلاة العيدين وكيف كان فيدل على اعتبار الجماعة في وجوبها مضافا إلى الاجماع وصحيحتي زرارة المتقدمتين الدالتين على أن من لم يصل مع الامام في جماعة فلا صلوه له ولا قضاء عليه رواية محمد بن قيس عن جعفر بن محمد (ع) قال انما الصلاة يوم العيد على من خرج إلى الجبانة ومن لم يخرج فليس عليه صلاة وخبر هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله (ع) قال الخروج يوم الفطر ويوم الأضحى إلى الجبانة حسن لمن استطاع الخروج إليها فقلت أرأيت ان كان مريضا لا يستطيع ان يخرج أيصلي في بيته قال لا وربما يستشعر من هذه الرواية بل من سابقتها جواز الترك حيث جعل فيه بظاهرها الخروج إلى الجبانة شرطا للوجوب مع كونه مقدمة للواجب على تقدير اجتماع سائر الشرائط فلعله لأجل جرى هذه الأخبار ونظائرها مجرى المتعارف في تلك الاعصار من عدم كون امامهم منصوبا من قبل الامام الأصل بل من قبل الجائر فلم يكن شرط الوجوب حاصلا كي يجب الخروج إليها ولكن قد تجب الصلاة معهم بعد الخروج من باب التقية فليتأمل ويدل على شرطية العدد صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) أنه قال في صلاة العيدين إذا كان القوم خمسة أو سبعة فإنهم يجمعون الصلاة كما يصنعون يوم الجمعة وعن كتاب دعائم الاسلام مرسلا عن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في صلاة العيدين إذا كان القوم خمسة فصاعدا مع امام في مصر فعليهم ان يجمعوا الجمعة والعيدين ونقل عن ابن أبي عقيل انه ذهب إلى اشتراط السبعة هنا مع أنه اكتفى في الجمعة بخمسة ورد بعدم المستند وأجيب عنه بان الظاهر من كلام ابن أبي عقيل وصول المستند إليه بذلك وان لم يصل الينا حيث قال على ما نقله عنه في المختلف ولا عيد مع الامام ولا مع أمرائه في الأمصار بأقل من سبعة من المؤمنين فصاعدا ولا جمعة بأقل من خمسة ولو كان إلى القياس لكانا جميعا سواء ولكنه تعبد من الخالق وهو كالصريح في عثوره على مستند وكيف كان فلا تعويل عليه في مقابل ما عرفت مضافا إلى مخالفة هذا القول للاجماعات المستفيضة ان لم تكن متواترة على مساواتهما للجمعة في الشرائط ويدل على شرطية الحضور والذكورة والسلامة من المرض جملة من الروايات التي ربما يأتي نقلها في طي المباحث الآتية فلا يهمنا التعرض لنقلها مفصلا بعد البناء على عدم وجوبها من أصلها في زمان الغيبة مع أن شيئا منها مما لا خلاف فيه على الظاهر ولا قائل بالفصل بين الشرايط التي ورد النص بها وغيرها واما اعتبار الوحدة فقد استدل له بأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وآله انه صلى في زمانه عيدان في بلد كما لم ينقل انه صلى جمعتان وبصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال قال الناس لأمير المؤمنين (ع) الا تخلف رجلا يصلي العيدين فقال لا أخالف السنة و عن دعائم الاسلام مرسلا عن علي (ع) انه قبل له لو أمرت من يصلي بضعفاء الناس يوم العيد في المسجد قال اكره ان أسن سنة لم يسنها رسول الله صلى الله عليه وآله وعن البحار نقلا من كتاب عاصم بن حميد عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول قال الناس لعلي (ع) الا تخلف رجلا يصلي بضعفاء الناس في العيدين قال لا أخالف السنة وعن المحاسن بهذا المضمون روي عن رفاعة قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول الحديث ونوقش بعدم دلالتها على الحرمة ومن ثم توقف العلامة في التذكرة والنهاية على ما حكى عنهما في اشتراط هذا الشرط وفي المدارك بعد ان ناقش في الدليلين المزبورين بما سمعت ونقل عن العلامة التوقف فيه قال وهو في محله أقول لو قلنا بوجوبها عينا على كل مكلف من غير اشتراط بحضور الامام أو منصوبه كما مال إليه في المدارك لكان له وجه ولكنك عرفت اشتراطه بحضور الإمام (ع) أو منصوبة فلا يبقى (ح) مجال للخدشة في دلالة الأخبار على المدعى ضرورة ان سائر الأئمة (ع) كالأمير على لم يخالفوا السنة فلم ينصبوا شخصين لإقامتها في مكانين من بلد وبدونه ينتفي شرط الوجوب واما ان ترك النصب كان لازما عليهم أم جائزا فليس علينا الفحص عنه هذا مع أن عمدة المستند لاثبات هذه الشرط وغيره من الشرائط المعتبرة في الجمعة هو الاجماع المستفيض نقله المعتضد بما يستشعر من جملة من الأخبار من اتحاد شرائطهما مثل تعليل ان صلاة الجمعة ركعتا كما في الخبر مروي عن العيون والعلل بان الجمعة عيد وصلاة العيد ركعتان وما ورد من أنه ينبغي للامام عند اجتماع العيد والجمعة ان يأذن الناس بعد صلاة العيد في ترك حضور الجمعة ان يقول لهم في خطبة الأولى انه قد اجتمع لكم عيدان فانا أصليهما فمن كان مكانه قاصيا فأحب ان ينصرف عن الاخر فقد اذنت له إلى غير ذلك من الشواهد والمؤيدات المشعرة بأنهما من سنخ واحد من حيث الشرائط ومن هنا قد يقوي في النظر وجوب الخطبتين في العيدين أيضا كالجمعة وان لم يكن في الروايات التي وقع التعرض لهما التصريح بوجوبهما
(٤٦٥)