وفيه بعد تسليم شمول لا تسمع القراءة باطلاقها لهذه الصورة فهي من افرادها الخفية التي يكون صرف الاطلاق إلى ارادتها بالخصوص ابعد من حمل الامر بالقراءة على الاستحباب والصحيحة على بيان الرخصة في الترك الغير المنافية له بلا شبهة نعم لا يبعد ان يدعى انصراف الأخبار المشتملة على الامر بالانصات التي اعترفنا بظهورها من حيث هي في وجوب الانصات وترك القراءة إلى ما إذا سمع الكلمات دون مجرد الصوت وتنزيل النهى عن القراءة مع سماع الهمهمة على الرخصة في الترك دون الحرمة فيتجه حينئذ هذا التفصيل فليتأمل تنبيهان الأول مقتضى اطلاق النص والفتوى بل صريح بعض عدم الفرق في في لسماع بين كونه لبعد المأموم وغيره من الموانع كصمم فيه أو مزاحمة أصوات تزاحم صوت الامام ونحوهما والله العالم الثاني لو سمع بعض قراءة الإمام دون بعض فهل الراجح في حق المأموم القراءة مطلقا أو تركها كذلك أو القراءة في حال في لسماع والانصات عند السماع وجوه من امكان دعوى انصراف الأخبار الناهية عن القراءة مع السماع إلى سماع الكل فعند انتفائه يثبت مطلوبية القراءة اخذا بمفهوم تلك الأخبار المصرح به في جملة منها ومن قبول هذه الدعوى للمنع خصوصا بالنسبة إلى ما علق فيه النهى على سماع الهمهمة الذي لا يكون في الغالب الا كذلك فلا يبعد ان يدعى ان المنساق من ذلك مطلوبية الترك على الاطلاق لدى السماع في الجملة بحيث يعم الفرض بل وكذا من مثل صحيحة الحلبي التي ورد فيها النهى عن القراءة خلف الإمام الا في صلاة يجهر فيها ولم تسمع إذ لا يبعد ان يقال بانصراف الاستثناء إلى صورة في لسماع رأسا ومن في لاعتناء بمثل هذه الدعاوى والاخذ بظهور الشرطية في سببية السماع لمطلوبية الانصات على الاطلاق وعدمه للقرائة كذلك وهذا هو الأشبه فعلى هذا لو سمع من أول الفاتحة إلى نصفها دون النصف الأخير أو بالعكس اجتزى بما سمع وقرء ما لم يسمع ولكن قد يشكل ذلك فيما إذا حصل منه الاخلال بالترتيب ونظم الآي كما لو قرء مثلا الآية الأولى من الفاتحة ثم سمع ان الامام يقرء الخامسة مثلا ثم خفى عليه صوت الامام فهل يقرء حينئذ من حيث قطع قرائته أو من حيث خفى عليه صوت الامام وجهان لا تخلو أولهما من قوة بناء على وجوب القراءة عليه على تقدير في لسماع إذ الواجب عليه القراءة المعتبرة في الصلاة المراعى فيها الترتيب فيجب رعايته مع الامكان واما على المختار من الاستحباب فالامر موسع عليه إذ كما أن له ترك القراءة رأسا كذلك الاكتفاء بالبعض والاتيان من الموضع الذي خفى عله صوت الامام أو من موضع القطع ولكن الأحوط ان لا يقصد على الأول التوظيف بل القربة المطلقة و الله العالم واما حكم المأموم في الأخيرتين من الاخفاتية والجهرية فقد اختلفت فيه كلمات الأصحاب غاية الاختلاف فعن الحلى انه لا شئ عليه في الأخيرتين من كل صلاة جهرية كانت أم اخفاتية لا القراءة ولا التسبيح وان سقوطهما عنه عزيمة وعن ظاهر غير واحد من القدماء أيضا القول بسقوطهما ولكن على سبيل الجواز لا اللزوم واختاره صريحا بعض متأخري المتأخرين وعن ظاهر غير واحد القول بحرمة خصوص القراءة مطلقا أو في خصوص الجهرية مع استحباب التسبيح أو لزومه وصرح غير واحد بعدم السقوط وبقاء حكم المنفرد من التخيير بين القراءة والتسبيح وهذا لا يخلو من قوة ولكن الأولى له بل الأحوط اختيار التسبيح كما أن الأولي للامام اختيار القراءة وهما بالنسبة إلى المنفرد على السواء على ما استفدناه من الجمع بين الاخبار على ما شرحناه في مبحث القراءة خلافا لما هو المشهور بين المتأخرين من أفضلية التسبيح للجميع فراجع واستدل للقول بأنه لا شئ عليه بعموم الأخبار الناهية عن القراءة خلف الإمام وان الامام ضامن لقرائة من خلفه وخصوص قوله عليه السلام في صحيحة زرارة المتقدمة ولا تقرأن شيئا في الأخيرتين وقوله عليه السلام في صحيحة علي بن يقطين المتقدمة التي وقع فيها السؤال عن الركعتين اللتين يصمت فيهما الامام ان قرأت فلا بأس وان سكت فلا بأس وقوله عليه السلام في خبر سليمان بن خالد جوابا عن السؤال عن انه أيقرء الرجل في الأولى والعصر خلف الامام وهو لا يعلم أنه يقرء لا ينبغي له ان يقرء يكله إلى الامام بدعوى شهادة سوق السؤال بقرينة قوله وهو لا يعلم أنه يقرء على إرادة القراءة في الأخيرتين ومفهوم صحيحة زرارة لا تقرأن في الركعتين الأخيرتين من الأربع ركعات المفروضات شيئا اماما كنت أو غير امام قلت فما أقول قال إن كنت اماما أو وحدك فقل سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله ثلث مرات تكمله تسع تسبيحات ثم تكبر وتركع وما رواه السيد والحلي مرسلين فعن السيد أنه قال واما الاخريان فالأولى ان يقرء فيهما أو يسبح وروى أنه ليس عليه ذلك وعن الحلى أنه قال فاما الركعتان الاخريان فقد روى أنه لا قراءة فيهما ولا تسبيح وروي انه يقرء فيهما أو يسبح والأول أظهر ويتوجه على الاستدلال بالمرسلين انهما من أضعف انحاء الارسال فلا ينهضان للحجية خصوصا مع معارضتهما بالمثل في عبارة المرسل وغيرها مما ستعرف واضعف منه الاستدلال بالعمومات خصوصا عموم ضمان الامام للقرائة إذ بعد الغض عن انصرافها إلى القراءة في الأوليين اللتين يتعين فيهما القراءة دون الأخيرتين اللتين لم يتعلق الوجوب فيهما بخصوص القراءة كي يضمنها الامام ان غاية ما يقتضيه العمومات هو النهى عن القراءة خلف الإمام مطلقا حتى في الأخيرتين وهذا لا يقتضى رفع التكليف الثابت في الأخيرتين المتعلق بالأعم من القراءة والتسبيح ان قلت إن الثابت من أدلة التسبيح هو الوجوب التخييري فإذا انتفى ذلك بهذه العمومات ينفى تعيينه بالأصل قلت مقتضى الأصل في الواجب التخييري عند تعذر بعض أطرافه أو تعلق النهى به تعين الاخر كما تقرر في محله هذا مع أن الأخبار الدالة على وجوب التسبيح في الأخيرتين أغلبها ظاهرة في الوجوب العيني وانما رفعنا اليد عن ذلك بالحمل على الوجوب التخييري جمعا بينها وبين الروايات الدالة على جواز القراءة في الأخيرتين فليقتصر في الحكم بالتخيير على مقدار ما دل الدليل على جواز القراءة فيه بل قد حققنا في مبحث القراءة ان وظيفة الأخيرتين هي الذكر والتسبيح دون القراءة من حيث هي لاستفاضة النصوص بان السبع ركعات التي سنها رسول الله صلى الله عليه وآله أي ثالثة المغرب
(٦٤٢)