وغيره قال قال سليمان بن خالد لأبي عبد الله عليه السلام وانا جالس اني منذ عرفت هذا الامر أصلي في كل يوم صلاتين اقضي ما فاتني قبل معرفتي قال لا تفعل فان الحال التي كنت عليها أعظم من ترك ما تركت من الصلاة فإنه عليه السلام بين خطائه في اعتقاد وجوب القضاء ولم يبين خطائه في كيفيته فيستشعر من ذلك امضاء فعله من هذه الجهة ومنها رواية عمار المشتملة على مسائل متفرقة ففيها قال سألته عن الرجل يكون عليه صلاة في الحضر هل يقضيها وهو مسافر قال نعم يقضيها بالليل على الأرض فاما على الظهر فلا ويصلي كما يصلي في الحضر إذ الظاهر أن المقصود بالجواب هو المنع عن القضاء على الظهر سواء كان في الليل أم في النهار فهو جار مجرى الغالب المتعارف لدى الاعراب من كون سيرهم في النهار فتخصيص الليل بالرخصة لكونه في الغالب هو وقت استقرار المسافر وفراغة باله فيستفاد من ذلك عدم كون الامر مبنيا على المضايقة و الا لامر بالمسارعة إلى القضاء مهما حصل له الاستقرار ولو في أثناء اليوم إذ العادة وان جرت بالسير في اليوم ولكنها لم تجر باستيعابه فكثيرا ما يحصل له الفرصة في أثناء اليوم أيضا ولو بمقدار صلاة أو صلاتين فلم يكن يجوز له التأخير إلى الليل وهذا خلاف ما لو كان الامر موسعا فان الراجح حينئذ في الغالب تأخيره إذ قلما ينفك المسافر في النهار عن الاشغال المنافية للتوجه والاقبال وقد يقال في تقريب الاستدلال بهذه الرواية بأنه لو كان القضاء على الفور لوجب على الظهر أيضا كما يجب الحاضرة كذلك لدى ضيق وقتها وفيه ما لا يخفى إذ القائل بالفور انما يوجب المبادرة إلى فعلها جامعة للاجزاء والشرائط في أول أزمنة القدرة على الاتيان بها كذلك لا انه يخل باجزائها وشرائطها الاختيارية لأجل وجوب المبادرة وقد يقال أيضا بأنه لو كان البناء على المضايقة لكان على الامام الاستفصال عن كون السفر ضروريا أو غير ضروري ومنعه عن غير الضروري وفيه ان السؤال وقع عن جواز ان يقضي المسافر ما فاته في الحضر فالجواب وقع لبيان هذا الحكم من الجهة التي وقع عنه السؤال لا لسائر ما يتعلق به حتى يحتاج إلى الاستفصال فالمتجه في تقريب الاستدلال هو ما ذكرناه وبهذا التقريب يمكن الاستشهاد أيضا برواية أخرى لعمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل ينام عن الفجر حتى تطلع الشمس وهو في السفر كيف يصنع أيجوز له ان يقضي بالنهار قال لا يقضي صلاة نافلة ولا فريضة بالنهار ولا تجوز ولا تثبت له ولكن يؤخرها فيقضيها بالليل على ارادته حال السير كما هو الغالب في النهار ولكن قد يشكل هذا التوجيه بالنسبة إلى النافلة إذ الظاهر جواز قضائها ولو حال السير اللهم الا ان يحمل النهي على مطلق المرجوحية الشاملة للكراهة فليتأمل ومنها ما دل على جواز النافلة لمن عليه فائتة من الأخبار السابقة وغيرها كصحيح أبي بصير عن الصادق عليه السلام قال سألته عن رجل نام عن الغداة حتى طلعت الشمس فقال يصلي ركعتين ثم يصلي الغداة وموثق عمار عنه أيضا قال لكل صلاة مكتوبة لها نافلة ركعتين الا العصر فإنه يقدم نافلتها فتصيران قبلها وهي الركعتان اللتان تمت بهما الثمان بعد الظهر فإذا أردت ان تقضي شيئا من الصلاة مكتوبة أو غيرها فلا تصل شيئا حتى تبدء فتصلي قبل الفريضة التي حضرت ركعتين نافلة لها ثم اقض ما شئت إلى اخره ويمكن الجواب عن مثل هذين الخبرين بالالتزام بالفورية العرفية الغير المنافية لمثل الركعتين و لكن القائلون بها على الظاهر كما هو صريح كثير منهم لا يلتزمون بذلك هذا مع أنك عرفت ان عمدة ما يصح الاستشهاد به للقول بالمضايقة هي صحيحة زرارة التي وقع في ذيلها النهي ان يتطوع بركعة حتى يقضي الفريضة كلها وهي منافية لهذا التوجيه ولا يمكن الجمع بينها وبين الخبرين ونظائرهما بارتكاب التخصيص فان سياق الصحيحة أبية عن التخصيص فالمتجه الجمع بين الصحيحة وغيرها مما ينافيها من الاخبار المزبورة وغيرها مما أوردناها في مبحث المواقيت لدى البحث عن جواز التطوع لمن عليه فريضة هو حمل النهي في هذه الصحيحة على الارشاد كما عرفته في المبحث المشار إليه وقد تقدم في ذلك المبحث ما له ربط بالمقام من توجيه الاخبار وغيره فراجع وربما يؤيد المواسعة أيضا اخبار اخر لا يهمنا استقصائها وربما يؤيده أيضا بعض الروايات الآتية في مسألة الترتيب كما ستعرف وقد تلخص مما ذكر ان الأقوى ما هو المشهور فيما بين المتأخرين من القول بالمواسعة ولعله هذا القول لدى المتقدمين أيضا كان اشهر وان نسب إليهم في كلام غير واحد شهرة القول بالمضايقة وعلى تقدير تحقيق النسبة فالشهرة المتأخرة أبلغ في إفادة الوثوق في مثل المقام كما لا يخفى وجهه * (المسألة الثانية) * في اعتبار الترتيب بين الحاضرة والفائتة وليعلم أولا انه لا خلاف يعتد به على الظاهر في أن الفرائض اليومية الفائتة تترتب بعضها على بعض في الجملة بمعنى انه يعتبر لدى التنبه وعدم الغفلة ان تتقدم السابقة فوأتا على اللاحقة كالظهر على العصر والعصر على المغرب والمغرب على العشاء والعشاء على الصبح لو حصل الفوات بهذا الترتيب والا فكما فاتت سواء كان ذلك ليوم حاضر أو صلوات يوم فاتت وربما تحمل العبارة على إرادة بيان اعتبار الترتيب في الفوائت والحواضر وهو خلاف سوق العبادة وكيف كان فلا شبهة في اعتبار الترتيب بين الحاضرتين المشتركتين اي الظهرين أو العشائين في وقتهما المشترك كما عرفته في المواقيت واما الترتيب بين فائتة هذا اليوم وحاضرته فهو من جزئيات المسألة الآتية والغرض بالبحث هاهنا هو بيان اعتبار الترتيب بين الفوائت وقد تقدم التعرض له في مبحث المواقيت وعرفت فيما تقدم انه مما لا يخفى الاستشكال فيه قد استفيض نقل الاجماع عليه من غير نقل خلاف يعتد به فيه ويشهد له صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء وكان عليك قضاء صلوات فابدء بأولهن فاذن لها وأقم ثم صلها ثم صل ما بعدها بإقامة إقامة لكل صلاة ومرسلة جميل عن الصادق عليه السلام قال قلت له يفوت الرجل الأولى والعصر والمغرب وذكرها عند العشاء الآخرة قال يبدء بالوقت الذي هو فيه فإنه لا يأمن الموت فيكون قد ترك صلاة فريضة في وقت قد دخلت ثم يقضي ما فاته الأولى فالأولى والمتبادر من عليه السلام قوله يبدء بالوقت الذي هو فيه بقرينة السؤال إرادة فعل العشاء ابتداء مع أن ظاهره بقرينة التعليل بعدم الامن من الموت ارادته في سعة الوقت وهو ينافي مشاركة العشائين في الوقت الا بمقدار أداء الأخيرة من اخره كما حققناه في محله فان مقتضاها تقديم المغرب على العشاء في الفرض لتقدمها عليها في الرتبة نصا واجماعا فلا يبعد ان يكون العدول عن تسمية الفريضة الحاضرة التي أريد الابتداء بها إلى قوله عليه السلام بالوقت الذي هو فيه لأجل التقية ويكون المراد به انه يأتي أولا بما هو وظيفة الوقت على اجماله اي العشائين ثم يقضي ما فاته الأولى فالأولى وكيف كان فما في ظاهر الرواية من الاشكال غير قادح في دلالتها
(٦٠٨)