عدم نقل القول بظاهرها من وجوب التقصير بالنهار في الأقل من الخمسة عن أحد عدى بعض متأخري المتأخرين كصاحب الذخيرة وبعض من تأخر عنه ممن لا يؤثر عمله في خروج الرواية عن الشذوذ عدم صلاحيتها التخصيص العمومات الكثيرة الواردة في محل الحاجة التي ربما يأبى بعضها عن التخصيص كقوله في مرسلة يونس أيما مكار أقام في منزله أو في البلد الذي يدخله أقل من عشرة أيام وجب عليه الصيام والتمام؟ المعتضد بعموم المعتبرة الدالة على الملازمة بين التقصير والافطار نعم لو لم يكن مخالفا للاجماع لامكن الجمع بين الاخبار بحمل هذه الرواية على الرخصة في التقصير بالنهار الا انه لم ينقل القول به عن أحد عدى انه ربما يظهر من المستند اختياره وكيف كان فالأولى رد علم هذه الرواية إلى أهله وحكى عن الإسكافي انه جعل إقامة الخمسة كالعشرة موجبة للتقصير والافطار مط ولم يعرف مستنده وقد ظهر بما ذكر ان القول الأول أشبه بالقواعد والله العالم الشرط السادس لا يجوز للمسافر التقصير حتى يتوارى عنه جدران البلد الذي يخرج منه أو يخفى عليه الاذان فأيهما حصل كفى في وجوب القصر على الأشهر بل المشهور بين القدماء بل مطلقا على ما ادعاه بعض وعن كثير من المتأخرين بل ربما نسب إلى أكثرهم تبعا للمحكى عن السيد والشيخ في الخلاف اعتبارهما معا وعن المقنع اعتبار خصوص الأول وعن المفيد والديلمي والحلي خصوص الثاني ونسب إلى والد الصدوق انه لم يعتبر حد الترخص بل أوجب التقصير بمجرد الخروج من منزله كما سيأتي في عبارة المصنف الإشارة إليه ومنشأ الخلاف اختلاف الاخبار وانظارهم فيما يقتضيه الجمع بينهما اما ما يدل على اعتبار أحد الامرين المزبور في جواز التقصير فمنها صحيحة محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله ع رجل يريد السفر متى يقصر قال إذا توارى من البيوت وصحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن التقصير قال إذا كنت في الموضع الذي تسمع الاذان فأتم وإذا كنت في الموضع الذي لا تسمع الاذان فيه فقصر وإذا قدمت من سفرك فمثل ذلك والمروى عن محاسن البرقي في الصحيح عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله ع قال إذا سمع الاذان أتم المسافر وموثقة إسحاق بن عمار المتقدمة في تحديد مقدار المسافة وفيها أليس قد بلغوا الموضع الذي لا يسمعون فيه اذان مصرهم الذي خرجوا منه قال بلى الحديث ويظهر من هذه الموثقة معروفية هذا التحديد لديهم وعن الفقه الرضوي أنه قال فإن كان أكثر من بريد فالتقصير واجب إذا غاب عنك اذان مصرك وان كنت في شهر رمضان فخرجت من منزلك قبل طلوع الفجر إلى السفر أفطرت إذا غاب عنك اذان مصرك وهذه الأخبار بأسرها متفقة الدلالة على في لرخصة في التقصير ما لم يبلغ شيئا من الحدين ولا يعارضها بعض الروايات المشعرة أو الظاهرة في ثبوت التقصير بمجرد الخروج من منزله مثل ما عن الصدوق مرسلا عن الصادق عليه السلام أنه قال إذا خرجت من منزلك فقصر إلى أن تعود ورواية علي بن يقطين عن أبي الحسن ع في الرجل يسافر في شهر رمضان أيفطر في منزله قال إذا حدث نفسه في الليل السفر افطر إذا خرج من منزله ومرسلة حماد عن أبي عبد الله ع في الرجل يخرج مسافرا قال يقصر إذا خرج من البيوت لوجوب تقييدها بالوصول إلى محل الترخص أورد علمها إلى أهله لقصورها عن المكافئة ويحتمل جريها مجرى التقية لحكاية القول بمضمونها عن بعض العامة فما نسب إلى والد الصدوق من كفاية مجرد الخروج من منزله استنادا إلى ظواهر هذه الأخبار ضعيف وانما الاشكال في المقام هو في رفع التنافي بين الحدين فنقول اما صحيحة محمد بن مسلم فهي مستند اعتبار توارى الجدران ولكن دلالتها عليه لا يخلو من خفاء إذ الصحيحة بظاهرها تدل على اعتبار تواريه من البيوت الذي هو عبارة عن الغيبوبة عنها التي هي من مقومات مفهوم المسافرة عنها في مقابل حضورها الذي يطلق عليه ما دام كونه عنها بمرئى ومسمع لا توارى البيوت عنه ولا ملازمة بين الامرين فإنه إذا بعد من البيوت التي خرج منها حتى وصل إلى مكان لم لم يره أهلها صدق عليه عرفا انه توارى من البيوت أو غاب عنها ولا يصدق على البيوت ولا على جدرانها انها توارت منه أو غابت عمن سافر عنه حتى يبلغ المسافر موضعا لم ير شيئا منها كما أنه لا يصدق عليه انه توارى من البيوت الا بعد استتار جثته وبينهما اختلاف بين فان البيوت يرى في العرف والعادة من مسافة فرسخ أو فرسخين ولا يرى الشخص من ربع هذه المسافة مثلا فكان الأصحاب لما رأوا ورود هذه الرواية في مقام التحديد ولا طريق لمن غاب عن البيوت إلى معرفة غيبوبته عنها في العادة الا بالمقايسة إلى ما يختفي عليه من تفاصيل اشكال البيوت والجدران المائزة بين قبابها بعضها عن بعض وغير ذلك من التفاصيل التي لا يختلف استتارها عن الشخص عن استتار الشخص من البيوت فهموا ان المراد بهذا التحديد تعرف حاله باختفاء تفاصيل جدران البلد عليه فجعلوه مناطا للحكم فمرادهم باختفاء الجدران هو هذا المعنى الذي لا ينفك عن تواريه كما يظهر ذلك بالتدبر في كلماتهم لا ما ينصرف إليه اطلاق توارى جدران البلد وكيف كان فظاهر هذه الصحيحة بمقتضى التحديد الواقع فيها انتفاء التقصير ما لم يتوار من البيوت سواء سمع الاذان أم لم يسمع فيتحقق المعارضة بين مفهوم هذه الصحيحة ومنطوق الفقرة الثانية من صحيحة ابن سنان وغيرها مما دل على سببية خفاء الاذان للتقصير مط كما أن مقتضى اطلاق الفقرة الأولى من هذه الصحيحة وهى قوله إذا كنت في الموضع الذي تسمع الاذان فأتم وغيرها مما دل على وجوب الاتمام لدى سماع الاذان في لفرق في ذلك بين ان يكون ذلك قبل توارى الجدران أو بعده فيعارضها على تقدير خفاء الجدران قبل ان يختفي صوت الاذان منطوق تلك الصحيحة فقد يقال ح بان مقتضى الجمع بينهما وقع اليد عن مفهوم الصحيحة الأولى بمنطوق الفقرة الثانية من الصحيحة الثانية وتخصيص الفقرة الأولى من هذه الصحيحة التي هي في قوة التصريح بمفهوم فقرئها الثانية بمنطوق الصحيحة الأولى فيصير محل المجموع ما فهمه المشهور من سببية كل منهما لترتب الجزاء بشرط ان لا يسبقه الاخر واعترض على هذا الجمع شيخنا المرتضى ره بما لفظه وهذا الجمع حسن لو كان المقام مقام بيان السبب للتقصير فيحمل على تعدد السبب كما في نظائره لكن المقام مقام بيان التجديد والحمل على تعدد الحد غير مستقيم بين الأقل والأكثر ولعله لذا عكس المتأخرون الجمع بين الصحيحين فاعتبروا خفاء الامرين انتهى أقول فكان المتأخرين لما رأوا عدم استقامة تحديد شئ واحد بحدين مختلفين فهموا من هذين الحدين ان المدار في ثبوت التقصير لدى الشارع على غيبوبته عن البلد بحيث لا يرى جدرانه ولا يسمع أصوات أهله والا فهو بحكم الحاضر وحيث إن الامرين لا يتخلف أحدهما عن الاخر في الغالب اكتفى الشارع باحراز أحدهما عن الاخر ما لم يعلم بتخلفه
(٧٥٠)