هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب حتى في كلام القائلين بوجوب التسليم ويدل عليه روايات منها صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يكون خلف الامام فيطيل الامام التشهد فقال يسلم من خلفه ويمضى في حاجته ان أحب وصحيحة أبى المعزا عنه أيضا في الرجل يصلى خلف الامام فيسلم قبل الإمام قال ليس بذلك بأس وصحيحة الأخرى قال سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يكون خلف الامام فيسهو فيسلم قبل ان يسلم الإمام قال لا باس وصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يكون خلف امام فيطول في التشهد فيأخذه البول أو يخاف على شئ ان يفوت أو يعرض له وجع كيف يصنع قال يسلم وينصرف ويدع الامام وقد تقدم بعض الكلام فيما يتعلق بالمقام لدى البحث عن وجوب المتابعة في الأقوال فراجع المسألة الحادية عشرة إذا وقف النساء في الصف الأخير فجاء رجال للصلاة جماعة وجب أي اعتبر في صحة صلاتهم ان يتأخرن عنهم إذا لم يكن للرجال موقف امامهن بناء على عدم جواز المحاذاة و التقدم ولو في خصوص الجماعة كما عن ظاهر المعتبر أو في خصوص مثل الفرض كما يظهر من المصنف ره في الكتاب حيث رجح في مبحث المكان لقول بالكراهة وحكم لدى التعرض لبيان الموقف في مبحث الجماعة في مسألة ما لو كان الامام رجلا والمأموم امرأة باستحباب تأخرها عنه وصرح هيهنا بوجوب تأخرهن عن الرجال وقد عرفت في شرح المسألة المشار إليها ان القول بالتفصيل بين الجماعة وغيرها لا يخلو من قوة ولكن ترك التفصيل والالتزام بكراهة المحاذاة أو تقدمهن مطلقا حتى في الجماعة لا يبعد ان يكون أقوى ويمكن ان يكون مستندا المصنف ره في الحكم بوجوب تأخرهن عن الرجال في المقام دعوى استفادته من صحيحة زرارة الطويلة المتقدمة في مسألة اشتراط ان لا يكون بين الإمام والمأموم حائل عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال وأيما امرأة صلت خلف امام وبينها وبينه مالا يتخطى فليس لها تلك بصلاة قال قلت فان جاء انسان يريد ان يصلى كيف يصنع وهى إلى جانب الرجل قال يدخل بينها وبين الرجل وتنحدر هي شيئا فإنها مشعرة بالمفروغية عن عدم جواز وقوفه خلفها أو بحذائها في صف واحد في الجماعة فليتأمل المسألة الثانية عشرة إذا استنيب المسبوق فإذا انتهت صلاة المأمومين اومأ إليهم ليسلموا ثم يقوم فيأتي بما بقي عليه من الصلاة كما يشهد له صحيحة معاوية بن عمار قال قال سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يأتي المسجد وهم في الصلاة وقد سبقه الامام بركعة أو أكثر فيعتل فيأخذ بيده ويكون أدنى القوم إليه فيقدمه قال يتم صلاة القوم ثم يجلس حتى إذا فرغوا من التشهد يؤمى إليهم بيده عن اليمين والشمال فكان الذي أومى إليهم بيده التسليم وانقضاء صلاتهم وأتم هو ما كان فاته أو بقي عليه وصحيحه عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام في امام قدم مسبوقا بركعة قال إذا أتم صلاة القوم فليؤم إليهم يمينا وشمالا فليصرفوا ثم ليكمل هو ما قاله من صلاته ولو استناب واحدا منهم ليسلم بهم جاز أيضا كما يدل عليه خبر طلحة بن يزيد عن جعفر عن أبيه ع قال سألته عن رجل أم قوما فأصابه رعاف بعد ما صلى ركعة أو ركعتين فقدم رجلا ممن قد فاته ركعة أو ركعتان قال يتم بهم الصلاة ثم يقدم رجلا فيسلم بهم ويقوم هو فيتم بقية صلاته و قضية الجمع بين هذه الرواية وبين الصحيحتين الآمرتين بالايماء إليهم الحمل على التخيير والالتزام بأداء وظيفة الإمامة بكل من الامرين كما أن مقتضى ندبية الجماعة في الغالب وعدم تعين نية الإمامة على الامام وجواز مفارقته عن المأمومين والمضي في صلاته بنية الانفراد ولو في أثناء الركعة فضلا عما بعد انقضاء القدر المشترك بينه وبين المأمومين انما هو حمل الامر المتعلق بكل من الامرين وكذا بالجلوس إلى أن يفرغوا من التشهد كما في الصحيحة الأولى على الاستحباب خاتمة تتعلق بالمساجد والمراد بالمسجد على ما ينسبق إلى الذهن في اطلاقات الشارع وعرف المتشرعة المكان الموقوف على كافة المسلمين للصلاة فيه فهو بهذا المعنى على الظاهر موضوع للأحكام الشرعية الآتية دون ما لو وقفه على أن يصلى فيه خصوص طائفة كأولاده نسلا بعد نسل أو الفقهاء مثلا أو وضع موضعا من داره لان يصلى فيه ويكون مسجد بيته من غير أن يوقفه على المسلمين فإنه خارج عما أريد منه في مثل المقام وان صدق عليه اسم المسجد لغة وكيف كان فلا شبهة في أنه يستحب اتخاذ المساجد في المدارك قال اما استحباب اتخاذ المساجد فهو من ضروريات الدين وفضله متفق عليه بين المسلمين قال الله تعالى انما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر الآية وروى الكليني ره في الحسن عن أبي عبيدة الحذاء قال سمعت أبا عبد الله ع يقول من بنى مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة قال أبو عبيدة فمر بي أبو عبد الله ع في طريق مكة وقد سويت بأحجار مسجدا فقلت له جعلت فداك نرجو ان يكون هذا من ذاك فقال نعم انتهى أقول استفادة المدعى أي استحباب بناء المساجد بمعنى انشائها منم الآية الشريفة انما هي بالفحوى والا فالمتبادر منها بمقتضى مدلولها اللفظي هو الحث على عمارة المسجد السابق مسجديته كما لا يخفى وربما يستشعر من الرواية المزبورة عدم اعتبار سبق الملكية في صحة المسجدية بل يكفي في ذلك تنجيز المباحات بهذا القصد كما أنه يستشعر منه كفاية بنائه بهذا العنوان وتخليته لان يصلى فيه المسلمون في صيرورته مسجدا من غير احتياجه إلى اجراء صيغة الوقفية كما ليس بالبعيد بالنسبة إلى الأوقاف العامة التي هي من قبيل التحريريات كالمساجد والقناطر ونحوهما كما يأتي تحقيقه في محله انشاء الله ومما ورد أيضا في الحث على بناء المساجد؟ النبوي المروى عن كتاب الاعمال من بنى مسجدا في الدنيا أعطاه الله بكل شبر منه أو قال بكل ذراع منه مسيرة أربعين الف عام مدينة من ذهب وفضة ودر وياقوت وزمرد وزبرجد ولؤلؤ الحديث وما رواه الصدوق باسناده عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر ع أنه قال من بنى مسجدا كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة قال أبو عبيدة ومر بي وانا بين مكة والمدينة أضع الأحجار فقلت هذا من ذلك فقال نعم وخبر هاشم الجلال المروى عن محاسن البرقي قال دخلت انا وأبو الصباح على أبي عبد الله ع فقال له أبو الصباح ما تقول في هذه المساجد التي بنتها الحاج في طريق مكة فقال بخ بخ تيك أفضل المساجد من بنى مسجدا كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة في المدارك قال المفحص كمقعد هو الموضع الذي تكشفه القطاة في الأرض وتبنيه لجؤجؤها فتبيض فيه وهذا التشبيه مبالغة في الصغر ويمكن ان يكون وجهه عدم الاحتياج في حصول المسجدية إلى بناء الجدران بل يكفي رسمه كما ينبه عليه فعل أبى عبيدة انتهى ويستحب أن تكون المساجد مكشوفة غير مسقفة بل يكره كونها مسقفة كما يدل عليه جملة من الروايات منها حسنة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام
(٧٠٢)