في أحد أقواله ونعني بالأمي من لا يحسن قراءة الحمد أو ان لا يحسن القراءة وقال الشافعي الأمي من لا يحسن الفاتحة أو بعضها ولو كلمة واحدة وقالت الحنفية الأمي من لا يحسن من القران ما يصلى به لان القراءة واجبة مع القدرة ومع الايتمام بالأمي تخلو الصلاة عن القراءة وقال عليه السلام لا صلاة الا بفاتحة الكتاب ولان الامام يتحمل القراءة عن المأموم ومع عجزه لا يتحقق التحمل ثم نقل عن جملة من العامة القول بالجواز مطلقا منهم الشافعي في القديم ثم نقل عن الشافعي قولا ثالثا وهو الجواز في صلاة الاخفات دون الجهر والفرق ان المأموم عنده لا يجب عليه القراءة في الجهرية وتجب في الاخفاتية انتهى ملخصا أقول واستدل له أيضا بان صلاة الامام حينئذ ناقصة فلا يجوز الايتمام بها وفيه ما عرفت انفا من أنه لا دليل على اعتبار ان لا تكون صلاة الامام من حيث هي انقص من صلاة المأموم على الاطلاق فالعمدة بعد الغض عن الاجماع ما أشار إليه العلامة في عبارته المتقدمة وشرحه هو انه يستفاد من مثل الروايات الدالة على أن الامام ضامن القراءة من خلفه وانه يجزيك قرائته وان المأموم يكل القراءة إلى الامام ان الأخبار الناهية عن القراءة خلف الإمام ليست مخصصة لعموم قوله عليه السلام لا صلاة الا بفاتحة الكتاب بل من باب ان الامام يتحمل القراءة عنه ومع عجزه لا يتحقق التحمل فتفسد صلاة المأموم لخلوه عن القراءة الواجبة مع قدرته عليها وعدم تحمل الامام عنه ان قلت هذا فيما إذا أوكل القراءة إلى الامام واما إذا قرء بنفسه بناء على أن سقوطها عنه رخصة لا عزيمة كما لا يخلو من وجه خصوصا في الجهرية التي لا يسمع الهمهمة فلا إذ لا تحمل حينئذ فكونه أميا بالنسبة إلى القراءة بعد فرض مباشرة المأموم بنفسه للقرائة ليس الا ككونه كذلك بالنسبة إلى ما عداها من الأذكار الواجبة التي لا يتحملها الامام في عدم كونه مانعا عن الايتمام به قلت سقوط القراءة عن المأموم في الأولتين اما على جهة العزيمة أو الرخصة ولو بشرط سماع الصوت في الجهرية هو من اثار الجماعة الصحيحة بحيث يستكشف من انتفائه عدم صحتها كما يؤمى إلى ذلك ما شاع في الاخبار من الكناية عن صحة الايتمام بشخص أو فساده بالامر بالقراءة خلفه أو النهى عنها فصحة الجماعة لا تتخلف عن أن تكون قراءة الإمام صالحة لان يجتزى المأموم بها كما يشهد بذلك اطلاق ما دل على أن الامام ضامن لقرائة من خلفه والنهى عن القراءة خلف الإمام المرضي وان من قرء خلف امام يأتم به فمات بعث على غير الفطرة والحاصل انه لا خلاف نصا وفتوى في أن من احكام الجماعة الصحيحة سقوط القراءة عن المأموم في الأوليين اما وجوبا أو جوازا حتى في الجهرية التي لا يسمع الهمهمة فإنه وان أوجب بعض القراءة في هذه الصورة الا ان وجوبها لديه مشروط بعدم السماع فله ان يقرب من الامام بحيث يسمع صوته فيترك القراءة وحيث إن سقوطها عن المأموم ليس تخصيصها لعموم لا صلاة الا بفاتحة الكتاب بل من باب ان الامام متعهد بفعلها لزم من ذلك اعتبار قدرة الامام على الاتيان بالقراءة المطلوبة من مأمومه في صحة إمامته له وربما يؤيده أيضا مفهوم قوله عليه السلام في خبر أبي البختري لا بأس ان يؤم المملوك إذا كان قاريا وقد ظهر مما ذكرناه ان الأشبه عدم جواز إقامة اللاحن أيضا بالمتقن فضلا عمن لا يحسن أصل القراءة كلا أو بعضا فإنه لا بد ان يكون الضامن متمكنا من أداء المضمون عن المضمون عنه على النحو المطلوب منه فلا يكفي في ذلك مجرد صدق اسم كونه قاريا بعد ان لا تكون قرائته مجزية لنفسه الا بقاعدة الميسور ونحوها فكيف يصح ضمانه لقرائة الغير الذي هو بنفسه قادر على القراءة الصحيحة بل كيف يجوز لذلك الغير ان يكل قرائته إلى هذا الشخص الذي لا يتمكن الا من الاتيان بقراءة لو اتى بها نفس ذلك الشخص لا يجديه اللهم الا ان يدعى ان اجتزاء اللاحن بقرائته لدى عجزه عن الاتيان بالقراءة الصحيحة ليس من باب قاعدة الميسور بل قرائته بالمقايسة إليه بملاحظة عجزه تعد في العرف مصداقا حقيقيا لمهية المأمور به بنوع من المسامحة العرفية ولذا يفهم وجوبها من اطلاق الامر بقراءة الفاتحة مثلا بشهادة العرف من غير توسيط قاعدة الميسور ولكنه يتوجه عليه منع كون ما ينطق به اللاحن مصداقا حقيقيا لمهية الكلمة الملحونة بل هو مصداق مسامحي يصح سلب اسمها عنه حقيقة واستفادة وجوبه من اطلاق الامر بقراءة تلك الكلمة منشأها مغروسية جريان قاعدة الميسور في مثلها في النفس ولذا قد يفهم من الاطلاق وجوب الإشارة القائمة مقامها على الأخرس العاجز عن النطق مع أنه لا شبهة في عدم كون الإشارة مصداقا حقيقيا للقرائة فما عن الشيخ في المبسوط وجماعة من المتأخرين من تجويز الإمامة اللاحن بالمتقن تمسكا بصدق اسم القراءة عليه وكذا ما عن الحلى من تجويزه ذلك فيما إذا لم يكن اللحن مغيرا للمعنى لا مطلقا لا يخلو من نظر فليتأمل ولو تشاركا في الأمية أو اللحن جاز لكل منهما الايتمام بالاخر مع التساوي واتحاد المورد لاطلاقات أدلة الجماعة واما لو اختلفا بالزيادة والنقصان جاز لمن كانت أميته أكثر أن يأتم بالاخر من غير عكس ولو اختلف المورد لم يجز لأحدهما الايتمام بالاخر الا ان ينوى المأموم الانفراد عند بلوغ الامام إلى ما لا يحسنه بناء على جواز الايتمام مع هذا القصد من أول الأمر وهو على اطلاقه لا يخلو من اشكال تنبيه حكى عن بعض العامة القول بأنه لو أم الأمي بالقاري بطلت صلاتهما جميعا اما القاري فلما عرفت واما الأمي فلانه بدخوله في الصلاة بنية الإمامة وجبت عليه القراءة يعنى من باب التحمل فتفسد صلاته من هذه الجهة ففيه ما لا يخفى فإنه متى تعذر ايجابها عليه في صلاته كيف يجب عليه ان يتحملها عن غيره حتى تفسد صلاته من حيث اخلاله بهذا الواجب هذا مع أن ذلك غير مقتضى لفساد أصل الصلاة بل الإمامة كما لا يخفى نعم ربما التزم غير واحد من أصحابنا بذلك فيما إذا كان القاري مرضيا صالحا لان يأتم به أو يكون متمكنا من الايتمام بثالث قار بناء على وجوب الايتمام عليه مع الامكان لكونه فردا اختياريا من الصلاة قائما مقام الصلاة مع القراءة الصحيحة فلا يجوز لدى التمكن منه الاجتزاء بالصلاة مع القراءة الناقصة أو الابدال الاضطرارية القائمة مقامها وان شئت قلت مقتضى عموم قوله عليه السلام لا صلاة الا بفاتحة الكتاب بعد ان علم بجواز ايكالها إلى من يأتم به وقيام فعل الامام مقام فعله في اسقاط هذا التكليف عدم جواز الاخلال بها بالاقتصار على القراءة الناقصة أو غيرها من الابدال الاضطرارية لدى التمكن من الخروج عن عهدتها بهذا الوجه ولكن المبنى على اطلاقه محل نظر فإنه ان تم فهو فيما إذا نشأ عجزه عن التقصير بترك التعلم حيث تنجز في حقه التكيف بالصلاة مع القراءة الصحيحة مخيرا في الخروج عن عهدتها بين الايتمام والمباشرة فمع التمكن من أحد الامرين لا يسقط ذلك التكليف عنه الا بفعله واما مع العجز عن التعلم فهو كالأخرس لم يعتبر الشارع القراءة الصحيحة جزء من صلاته بل ما تمكن منها كما أنه جعل إشارة الأخرس بمنزلة قرائته جزء
(٦٧٨)