وان الله جعل أصحاب اليمين المطيعين فلهذه العلة يقوم على يمين الامام دون يساره وخبر أبي البحتري عن جعفر عليه السلام ان عليا عليه السلام قال الصبي عن يمين الرجل إذا ضبط الصف جماعة والمريض والقاعد عن يمين الصبي جماعة وخبره الاخر عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهم السلام قال رجلان صف فإذا كانوا ثلاثة تقدم الامام ومضمرة الكافي عن الحسين بن سعيد انه امر من يسئله عن رجل صلى إلى جانب رجل فقام عن يساره وهو لا يعلم ثم علم وهو في صلاته كيف يصنع قال يحوله عن يمينه وخبر الحسين بن يسار المدايني انه سمع من يسئل الرضا عليه السلام عن رجل صلى إلى جانب رجل فقام عن يساره وهو لا يعلم كيف يصنع ثم علم وهو في الصلاة قال يحوله عن يمينه وخبر الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام انه كان يقول المرأة خلف الرجل صف ولا يكون الرجل خلف الرجل صفا انما يكون الرجل إلى جنب الرجل عن يمينه وقد عرفت فيما مر ضعف القول المزبور وان الاخبار بعد تسليم ظهورها في الوجوب يتعين صرفها عن هذا الظاهر بالحمل على الاستحباب بشهادة القرائن الداخلية والخارجية التي من جملتها فهم المشهور وفتاويهم فراجع ثم لا يخفى عليك انه لا منافاة بين ما سمعته هنا من استحباب قيام الجماعة خلف الامام وبين ما حكى عن الفاضل من استحباب قيام الامام وسط الجماعة لتساوي نسبته إلى المأمومين ليتمكنوا من المتابعة ولما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال وسطوا الامام وسدوا الخلل ضرورة ان المراد بالوسط لا ينافي الخلف ولكن قد يناقش في أصل هذا الحكم بعدم صلاحية ما ذكروه دليلا له اما الأول فواضح لأنه اعتبار محض واما المرسلة فهي مع كونها عامية معارضة بما دل على استحباب اليمين عموما وخصوص مرفوع علي بن إبراهيم الهاشمي المروي عن الكافي قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام يصلي بقوم وهو إلى زاوية في بيته بقرب الحائط وكلهم عن يمينه وليس على يساره أحد وربما يستدل بهذه الرواية لتضعيف ما سمعته من الحدائق من وجوب قيام المتعدد خلف الامام بدعوى ظهورها في المحاذاة وفيه نظر إذ لا ينسبق من اليمين في مثل المقام الا إرادة جهة اليمين الغير المنافية لتأخرهم عن الامام في الموقف ويتوجه على المناقشة في أصل الحكم بان المرسلة المزبورة كافية في اثباته لكونها من أوضح مصاديق قاعدة المسامحة الثابتة بالأدلة المعتبرة وعموم ما دل على استحباب اليمين غير مناف له لامكان كونهما من قبيل المستحبات المتزاحمة واما المرفوعة فهي حكاية في واقعة خاصة مجملة الوجه غير صالحة لمعارضة القول خصوصا بعد الالتفات إلى أن الظاهر استقرار سيرة النبي صلى الله على وآله وكذا وصيه عليه السلام على الوقوف وسط الجماعة لا في الزاوية كما يفصح عن ذلك محرابيهما في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله ومسجد الكوفة فمن هنا يظهر انه لو اغمض عن المرسلة المزبورة أيضا أمكن الالتزام باستحباب التوسط من غير مسامحة لأجل التأسي ثم إن ما ذكرناه من استحباب قيام المأموم الواحد عن يمين الامام والمتعدد خلفه انما هو فيما إذا كان كلا من الإمام والمأموم ذكرا واما لو كان الامام ذكرا والمأموم أنثى فالمشهور بين الأصحاب على ما في محكى المفاتيح استحباب وقوفها خلفه مطلقا متعددة كانت أو امرأة واحدة للامر به في خبر أبي العباس قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يؤم المرأة في بيته قال نعم تقوم ورائه ومرسل ابن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يؤم المرأة قال نعم تكون خلفه ومضمر القسم بن الوليد قال سألته عن الرجل يصلي مع الرجل الواحد معهما النساء قال يقوم الرجل إلى جنب الرجل ويتخلفن النساء خلفهما وصحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال الرجل إذا أم المرأة كانت خلفه عن يمينه سجودها مع ركبتيه وصحيحة الفضيل بن يسار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أصلي المكتوبة بأم على قال نعم قال تكون عن يمينك تكون سجودها بحذاء قدميك إلى غير ذلك من الاخبار التي تقدم بعضها ويؤيده أيضا الروايات الناهية عن أن يصلي الرجل وبحذائه امرأة تصلي بل بعضها باطلاقه شامل للمقام فلو قلنا بالحرمة هناك لزمه الالتزام بها هاهنا أيضا اي في باب الجماعة لكونه أولى بذلك لورود اخبار خاصة فيه ظاهرة في ذلك كالروايات المتقدمة مضافا إلى شمول بعض الاطلاقات له بل قد يشكل الالتزام بجواز المحاذاة هاهنا وان قلنا بكراهتها في غير الجماعة لا لكون التأخر في الجملة من مقتضيات الجماعة على ما نفينا البعد عنه فيما سبق إذ القدر المعتبر من التأخر المصحح للايتمام ليس بمقدار ينافي صدق المحاذاة التي نقول بحرمتها أو كراهتها بل لعدم صلاحية القرائن المذكورة هناك للكراهة للشهادة على ارادتها من الروايات الخاصة الواردة هاهنا الظاهرة في المنع عن المحاذاة ووجوب تأخرها عن الامام ولا ملازمة بين المقامين لامكان ان يكون للجماعة مدخلية في مطلوبية تأخرهن عن الرجال وامتياز صفوفهن عن صفوفهم فيتجه حينئذ القول بالتفصيل بين الجماعة والفرادى ولكن قد يلوح من كلماتهم التسالم على في لفرق بين المقامين بل عن غير واحد صريحا دعوى في لقول بالفصل فان تم الاجماع عليه فهو والا فالقول بوجوب تأخرها في الجماعة لا يخلو من قوة كما يؤيده ما في صحيحة علي بن جعفر المتقدمة الواردة في المرأة التي صلت بحيال الامام بزعم انه العصر فبان ظهرا من امر الإمام عليه السلام بإعادة صلاتها بل قد يستدل له بهذه الصحيحة ولكنك عرفت فيما سبق ضعفه هذا ولكن مع ذلك كله فما قواه في المتن بل لعله المشهور من الاستحباب لعله أقوى لما في نفس هذه الأخبار من الاختلاف في تحديد ما يعتبر من التأخر فان صحيحة هشام نص في الاكتفاء بكون سجودها مع ركبتيه ومقتضى الجمع بينها وبين غيرها مما يظهر منه اعتبار أزيد من ذلك كصحيحة فضيل الامرة بكون سجودها بحذاء قدميه وكذا الروايات الامرة بوقوفها خلفه أو ورائه أو في صف متأخر عن الامام أو عن صفوف الرجال إلى غير ذلك من الروايات الظاهرة أو الصريحة في إرادة تأخرها عنه بجميع جسدها حمل تلك الأخبار على الأفضلية أو اختلاف جهات الفضل واما نفس هذه الصحيحة فهي أيضا لابد من حملها على الاستحباب بالنسبة إلى القيود التي اعتبرها في المأمور به ككونها عن يمينه وكون سجودها مع ركبتيه فلا يبقى لها مع ذلك ظهور في كون نفس التأخر بهذا المقدار واجبا وان له مطلوبية وراء المطلوبية الناشئة من كراهة المحاذاة ولو كان الامام امرأة وقلنا
(٦٦٢)