حرمته من حيث هو لا من جهة التشريع فلا يجدى ح تحصيل اجماعهم على الحرمة في اثبات حرمته من حيث هو فضلا عن نقله واما الاخبار وان كان ظاهر بعضها كصيحة محمد بن مسلم هو الحرمة بل المبطلية حيث إن المتبادر من مثل هذه النواهي إرادة المنع الغيري الناشي عن مانعية الفعل ولكن فيما عداها قرائن كثيره مشعرة بإرادة الكراهة كاشتمالها على التعليل الذي يذكر نظيره غالبا للمكروهات من التشبه بالمجوس وأهل الكفر والنهي عن العود دون الامر بالإعادة وتعليل الامر بالارسال بأنه أحرى ان الا تشغل نفسك عن الصلاة وقوله (ع) لا يجمع المؤمن يديه الخ والاكتفاء بمثل هذا العبائر مع جريان عادتهم بشدة المبالغة والاهتمام ببيان الحرمة والبطلان فيما صار عكسه معروفا عند المخالفين وكونه في مرسلة حريز وصحيحة زرارة مذكورا في عداد جملة من المكروهات بحيث يظن من السياق كونه منها ففي أوليهما قال لا تكفر فإنما يفعل ذلك المجوس ولا تلثم ولا تحتفز ولا تقع على قدميك ولا تفترش ذراعيك وفي الثانية قال إذا قمت في الصلاة فعليك بالاقبال في صلاتك فإنما يحسب لك منها ما أقبلت عليه ولا تعبث فيها بيدك ولا برأسك ولا بلحيتك ولا تحدث نفسك ولا تتثائب ولا تتمط ولا تكفر فإنما يفعل ذلك المجوس ولا تلثم ولا تحتقر ولا تفرج كما يتفرج البعير ولا تقع على قدميك ولا تفترش ذراعيك ولا تفرقع أصابعك فان ذلك نقصان في الصلاة الحديث والظاهر أنه قوله (ع) نقصان في الصلاة راجع إلى الكل فيكون هذا مؤيدا للحمل على الكراهة فيشكل مع هذه القرائن الكثيرة المشعرة بالكراهة أو الظاهرة فيها الجمود على ظاهر النهي الوارد في صحيحة محمد بن مسلم وغيرها من الأخبار المزبورة الا ان رفع اليد عن هذا الظاهر المعتضد بالشهرة والاجماعات المنقولة تعويلا على مثل هذه الاشعارات التي اعرض عنها المشهور أشكل فالقول بالحرمة مع أنه أحوط لا يخلو من قوة وقد أشرنا انفا إلى أن المتبادر من النهي في مثل هذه الموارد على تقدير تعلقه بنفس الفعل كما هو الظاهر لا من حيث كونه تشريعا انما هو إرادة المنع الغيري اي بيان الحكم الوضعي لا محض التكليف كما أن هذا هو المتبادر من قوله (ع) في الخبرين الأخيرين انه عمل ولا عمل في الصلاة ولكن قد يشكل توجيه هذا الكلام حيث إن ظاهره انه يعتبر في الصلاة ان لا يكون فيها عمل خارجي والتكتف عمل خارجي فيجب تركه في الصلاة لأجل هذه العلة مع أنه لا يمكن الالتزام بمطلبه كل عمل هو مثل التكتف مما ليس ماحيا لصورة الصلاة ولا يعتد في العرف عملا معتد به كحك الجلد ووضع اليد على الرأس ونحوه ولذا حمله بعض على إرادة انه بدعة في الصلاة ولا يجوز الابتداء فيها وبعض على إرادة انه فعل كثير وحيث انه ليس بكثير حسا نزله على كونه كذلك في نظر الشارع بمعنى انه فعل كثير شرعا ومرجعة إلى حمل العلة على علة تعبدية غير معقولة وهو بعيد عن مساق التعليل وحكى عن بعض ابقائه على ظاهره وحمله على الكراهة فمعناه ح ان التكتف عمل خارجي ولا ينبغي ان يعمل في الصلاة عمل غير افعالها وهذا المعنى أوفق بظاهر اللفظ وأنسب بما ثبت من الخارج من كراهة العبث ونحوه في الصلاة فيكون هذا التعليل أيضا بظاهره من مؤيدات القول لا بأس الا انا قد أشرنا إلى أن الاعتماد على هذه المؤيدات بعد شذوذ القول بالكراهة لا يخلو من اشكال وكيف كان فما ذهب إليه في المدارك من القول بحرمته من حيث هو دون الابطال ضعيف لما أشرنا إليه من أن المتبادر من أدلته سواء قلنا بالحرمة أو الكراهة انما هو إرادة خلو الصلاة عنه لا مجرد تركه من حيث هو من غير أن يترتب على فعله نقص في الصلاة كما لا يخفى على المتأمل الثاني في تفسير التكفير ففي الحدائق قال في تفسيره ما لفظه والتكفير في اللغة هو الخضوع وان ينحني الانسان ويطأطأ رأسه قريبا من الركوع كما يفعله من يريد تعظيم صاحبه ففي القاموس فسره بان يخضع الانسان لغيره وفي النهاية الأثيرية هو ان ينحني الانسان إلى اخر ما ذكر و قد اختلف الأصحاب في تفسيره فالفاضلان على أنه عبارة عن وضع اليمين على الشمال ويقيده العلامة في المنتهى والتذكرة بحال القراءة وقال الشيخ لا فرق بين وضع اليمين على الشمال وبالعكس وتبعه ابن إدريس والشهيدان و يدل على هذا القول ما تقدم من رواية صاحب كتاب دعائم الاسلام وهو ظاهر روايتي علي بن جعفر المتقدمتين أيضا وبه يظهر قوة القول المذكور قال بعض مشايخنا المتأخرين والظاهر أنه لا فرق في الكراهة والتحريم بين ان يكون الوضع فوق السرة أو تحتها (وبين ان يكون بينهما حائل أم لا) وبين ان يكون الوضع على الزند أو على الساعد وقد صرح بالجميع جماعة من الأصحاب واستشكل العلامة في الأخير منها انتهى أقول ويدل على الأخير ما تقدم في رواية علي بن جعفر الثانية من قوله يضع احدى يديه على الأخرى بكفه أو ذراعه وبه يضعف استشكال العلامة في ذلك انتهى كلام صاحب الحدائق وهو جيد وملخص الكلام في هذا المقام هو انه ليس للتكفير الذي تعلق به النهي في الأخبار حقيقة شرعية بل المقصود به الكيفية المعهودة المتعارفة في مقام التأدب والخضوع لدى مستعمليه من الفرس واتباعهم وقد حكى عن عمر انه لما جئ إليه بأسارى العجم كفروا امامه فسئل عن ذلك فأجابوه بانا نستعمله خضوعا وتواضعا لملوكنا فاستحسن هو فعله مع الله تعالى في الصلاة فالمقصود بالاخبار الناهية عنه المنع عن احداث هذا العمل في الصلاة وبيان كونه منافيا للهيئة المطلوبة فيها وما في الأخبار المتقدمة من المنع عن وضع اليمنى على اليسرى أو الجمع بين اليدين أو وضع أحدهما على الأخرى فالمراد به بحسب الظاهر الإشارة إلى الوضع المعهود الذي يسمى تكفيرا لا مطلق الوضع باي غرض يكون ولو لحك موضع أو دفع ألم أو وقاية برودة ونحوه مما لا يصدق معه اسم التكتف والتكفير ولا تختص صدق اسم التكفير بوضع خصوص اليمنى على اليسرى وما في بعض النصوص والفتاوى كما في المتن وغيره لعله جاري مجرى الغالب المتعارف بمقتضى الطبع من استعلاء اليمنى على اليسرى والا فالظاهر عدم الفرق في صدق موضوعه ولا في حكمه حرمة أو كراهة بين الكيفيات التي تقدمت الإشارة إليها في عبارة صاحب الحدايق مع ما في الأخبار المتقدمة من الدلالة عليه كما لا يخفى على المتأمل ومنها الالتفات إلى ما ورائه في المسالك قال في شرح العبارة هذا إذا كان بكله ولو كان بوجهه بحيث يصير الوجه إلى حد الاستدبار فالأولى انه كذلك وان كان الفرض بعيدا اما البصر فلا اعتبار به انتهى وفي المدارك قال اطلاق العبارة يعني عبارة المصنف ره يقتضي في لفرق في ذلك بين ما لو كان الالتفات بكل البدن أو بالوجه خاصة ولا ريب في بطلان الصلاة بذلك لفوات الشرط وهو الاستقبال ولحسنة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال إذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد
(٤٠٢)