بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الفصل الثالث في الجماعة والنظر في أطراف الأول الجماعة مستحبة في الفرائض كلها يومية كانت أم غيرها حاضرة كانت أم فائتة مما عدى الجمعة والعيدين فإنها واجبة فيهما عند اجتماع شرائطه كما عرفت واما استحبابها بالنسبة إلى الفرائض الحواضر اليومية فهو من ضروريات الدين كما لا يخفى ذلك على من تدبر الآثار الواردة في شرعها وفضلها وفي الاحكام المتعلقة بها مضافا إلى الأخبار الخاصة الواردة في الحث على الجماعة في خصوص كل واحدة منها أو جميعها كما سيأتي نقل جملة منها انشاء الله بل قضية اطلاق تلك الأخبار شمولها للفوائت أيضا اللهم الا ان يدعى انصرافها إلى الحواضر كما ليس بالبعيد و لكن مع ذلك لا يبعد دعوى استفادة شرعيتها في الفوائت أيضا من ذلك لما تقدمت الإشارة إليه غير مرة من أن المستفاد من أدلة القضاء انما هو مطلوبية الصلاة المأمور بها في الوقت بعينها لدى فوتها في الوقت في خارجه فيلحقها جميع الأحكام الثابتة لها من حيث هي التي منها جواز فعلها جماعة من غير حاجة إلى ورود دليل فيه في خصوص القضاء مع أنه على الظاهر مما لا خلاف فيه بل عن ظاهر الذكرى دعوى اجماع المسلمين عليه ويشهد له أيضا مضافا إلى ذلك المستفيضة الحاكية لفعل رسول الله صلى الله عليه وآله في قضاء صلاة الصبح والاستشكال فيها بأنه كيف يصح ان ينام رسول الله صلى الله عليه وآله عن فريضة الصبح لا يسوغ طرحها رأسا فان ارتكاب التوجيه في أصل صدور الفعل من النبي صلى الله عليه وآله ببعض الوجوه الغير المنافية لمقامه صلى الله عليه وآله كما وقع في بعض تلك الأخبار الإشارة إليه أهون من طرح مثل هذه المعتبرة المستفيضة كما لا يخفى على المتأمل ورواية إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام تقام الصلاة وقد صليت فقال صل واجعلها لما فات ويشهد له أيضا بعض الروايات المتقدمة في مسألة العدول من الحاضرة إلى الفائتة كقوله عليه السلام في خبر عبد الرحمن وان ذكرها مع امام في صلاة المغرب أتمها بركعة ثم صلى المغرب إلى غير ذلك من الشواهد والمؤيدات التي لا يبقى معها مجال للارتياب فيه واما استحبابها فيما عداها من الفرائض فعن المنتهى نسبته إلى علمائنا وعن الذكرى أيضا كذلك مصرحا بالتعميم حتى المنذورة وهذا بالنسبة إلى صلاة الآيات والأموات مما لا ريب فيه إذ الأخبار الخاصة الواردة فيهما وفي بيان احكام كل منهما وافية باثباته واما بالنسبة إلى ما عدى ما ذكر من الصلوات الواجبة كصلاة الطواف وركعات الاحتياط وما عرضه الوجوب بنذر وشهبه فان ثبت اجماع على مشروعية الجماعة في شئ منها فهو والا كان للنظر فيه مجال كما اعترف في الجواهر وغيره والاستدلال عليه بالاطلاقات الواردة في باب الجماعة مثل قوله عليه السلام في صحيحة ابن سنان الصلاة جماعة تفضل على صلاة الفذ بأربع وعشرين درجة وصحيحة زرارة والفضيل قالا قلنا له الصلاة في جماعة فريضة هي فقال الصلوات فريضة وليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها ولكنه سنة من تركها رغبة عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علة فلا صلاة له وقوله صلى الله عليه وآله في حديث المناهى ومن مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة كان له بكل خطوة سبعون الف حسنة الحديث إلى غير ذلك من المطلقات مقتصرا في تخصيصها على القدر الثابت وهو خصوص النافلة ضعيف فان المطلقات واردة مورد حكم آخر غير مسوقة لبيان الحكم من هذه الجهة فلا يصح الاستشهاد بها لاثبات أصل المشروعية في موارد الشك خصوصا بالنسبة إلى المنذورة وشبهها مما هي في الأصل نافلة بل الأظهر في ذلك خلافه إذ المتبادر من الروايات الدالة على أنه لا جماعة في نافلة وانها بدعة وكل بدعة ضلالة إرادة ما كانت نافلة من حيث هي فعروض وصف الوجوب لها بنذر أو إجارة ونحوها لا يخرجها عن كونه كذلك والعجب ممن استدل بمفهوم هذه الأخبار لعموم المدعى بدعوى انه يفهم من تعليق المنع على النافلة دوران الحكم مدار صفة النفلية إذ بعد الغض عما تقرر في محله من في لاعتداد بمفهوم الصفة خصوصا إذا لم يكن معتمدا على موصوف مذكور فإنه حينئذ أشبه شئ بمفهوم اللقب ما عرفت من ظهورها في إرادة النافلة من حيث هي الغير المنافية لكونها معروضة للوجوب من جهات خارجية هذا مع وقوع التصريح بمناط المنع في الاخبار وان علته في لمشروعية وكونها بدعة دون مبدء اشتقاقها أي وصف النفلية فلو سلم حينئذ الملازمة بينهما فهو من باب الاتفاق دون العلية كما هو مناط استفادة المفهوم من الصفة فلو فرض إرادة المفهوم من مثل هذه الأخبار فليس الا من باب مفهوم اللقب إذ بعد ان علم أن علة المنع امر اخر وراء مبدأ اشتقاقه وهو كونها بدعة لا يتفاوت الحال فيما يتفاهم من الكلام بين ان يعبر عن الموضوع الذي تعلق به الحكم باسم جامد أو مشتق فقال؟
لا جماعة في النافلة لأنها بدعة بعد وقوع التصريح لعلة المنع الا كقولك لا جماعة في صلاة جعفر مثلا كما لا يخفى ودعوى كون الحكم استحبابيا فيكفي في دليله الشهرة ونقل الاجماع غير مجدية للمأموم في الاجتزاء بصلواته الفاقدة للقرائة عن الصلاة الواجبة عليه لطوافه مثلا فان ما ثبت استحبابه بقاعدة المسامحة لا يترتب عليه الآثار الخاصة المترتبة على مطلوبية ذلك الشئ من حيث هو في الواقع فان اخبار من بلغه ثواب على عمل التي هي مدرك هذه القاعدة لا تدل على محبوبية العمل بمضمون ما بلغه عن النبي صلى الله عليه وآله برجاء كونه صادرا منه من باب التسليم والانقياد لا التعبد بصدقه حتى يترب عليه لوازمه وهو وقوعه مصداقا للفريضة الواجبة عليه فقياسها على أدلة حجية الخبر كما صدر من بعض في غير محله وتتأكد الجماعة أي استحبابها في الصلوات الخمس المفروضة المترتبة اليومية سيما الصبح والعشائين قال الشهيد الثاني في شرح اللمعة الجماعة مستحبة في الفريضة متأكدة في اليومية حتى أن الصلاة الواحدة منها تعدل خمسا أو سبعا وعشرين صلاة مع غير العالم ومعه ألفا ولو وقعت في مسجد تضاعف بمضروب عدده في عددها ففي الجامع الجماعة مع غير العالم الفان وسبعمأة ومعه مأة الف قال وروى أن ذلك مع اتحاد المأموم فلو تعدد تضاعف في كل بقدر