لو صدر منه شك أو سهو موجب لإعادة الصلاة ثم حصل في الصلاة المعادة ما يوجب الإعادة أيضا فإنه لا يبعد ولا يلتفت إليه بل يتم الصلاة ولا منافاة بينه وبين التحديد بالثلاث الواقع في الصحيحة إذ لا يلزم ان يكون في لإعادة في الصلاة المعادة لحصول الكثرة بل هما حكمان بينهما عموم وخصوص من وجه أقول ظهور الرواية فيما ذكره غير خفي إذ ليس فيه اشعار بإرادته في كثير السهو الا ان هذا المعنى بظاهره على الظاهر مخالف للاجماع كما أومى إليه في المدارك حيث قال بعد نقل هذه العبارة وهو كذلك الا اني لا اعلم بمضمونها قائلا ولكن يظهر مما حكى عن المحدث المجلسي الميل إليه فإنه بعد ان نقل ذلك عنه قال أقول لم نعلم تحقق اجماع على خلافه والرواية المعتبرة دلت عليه فلا مانع من القول به ولذا مال إليه والدي العلامة قدس الله روحه والأحوط الاتمام والإعادة رعاية للمشهور بين الأصحاب انتهى فكان الشهيد رحمه الله رأى في مكان الاخذ بهذا الظاهر بعد عدم معروفية الفتوى به عن أحد وجهه بالحمل على كثير السهو واستظهر من اطلاقه حصول الكثرة بالثانية ولا يخفى عليك ان توجيه الرواية بالحمل على كثير السهو وجيه إذ الغالب عدم حصول موجب الإعادة في المعادة الا ممن يكثر عليه السهو ولكن هذا ينافي التمسك بإطلاقه لاثبات وصف الكثرة بالثانية كما لا يخفى والحاصل انه لا يجوز رفع اليد عن اطلاقات أدلة الاجزاء والشرائط والأصول القاضية بوجوب تفريغ الذمة عما اشتغلت به يقينا بمثل هذا الظاهر بعد اغراض المشهور وامكان جريه مجرى الغالب من وروده في كثير السهو والله العالم * (المسألة الخامسة) * من شك في عدد النافلة بنى على الأكثر أو الأقل مخيرا بينهما كما صرح به غير واحد بل عن المعتبر وغيره دعوى الاجماع عليه وان بنى على الأقل كان أفضل وفي المدارك قال في شرح العبارة ما لفظه لا ريب في أفضلية البناء على الأقل لأنه المتيقن واما جواز البناء على الأكثر فقال المصنف رحمه الله في المعتبر انه متفق عليه بين الأصحاب واستدل عليه بان النافلة لا يجب بالشروع فكان؟ للمكلف الاقتصار على ما أراد وهو استدلال ضعيف إذ ليس الكلام في جواز القطع وانما هو في تحقق الامتثال بذلك وهو يتوقف على الدليل إذ مقتضى الأصل عدم وقوع ما تعلق به الشك انتهى وقال في الحدائق بعد ان نقل عبارة المدارك واستجوده ما لفظه أقول يمكن ان يستدل لأفضلية البناء على الأقل هنا بما رواه ثقة الاسلام في الكافي مرسلا قال وروى إذا سهى في النافلة بنى على الأقل والظاهر من ايراده هذا الخبر هو تنبيه على الفرق بين الفريضة والنافلة فان حكم الفريضة كما قدمنا تحقيقه هو البناء على الأكثر مطلقا وما ورد فيها من البناء على الأقل فقد بينا وجهه واما النافلة فان الحكم فيها هو البناء على الأقل لهذا الخبر واما ما ذكره أصحابنا من جواز البناء على الأكثر فالظاهر أنه لا مستند له الا ما يدعونه من الاتفاق كما سمعت من عبارة المعتبر انتهى أقول فيما استظهر من الكافي نظر فإنه على ما يظهر من الوسائل والجواهر ان الكليني رحمه الله روى المرسلة المزبورة بعد ان روى عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما قال سئلته عن السهو في النافلة فقال ليس عليك شئ أو سهو كما عن بعض النسخ فكأنه رحمه الله استظهر من هذا الصحيح ان حكمه المضي في شكه اي البناء على المصحح وعدم الاعتناء بشكه كما في كثير الشك فقوله بعد ذلك وروى (الخ) مشعر بإرادة التنبيه على عدم تعينه وجواز البناء على الأقل و كيف كان فقد استدل بعض لجواز البناء على الأكثر بالصحيحة المزبورة وكذا بقوله عليه السلام في حسنة ابن البختري ولا سهو في نافلة إذ الظاهر منه أيضا إرادة عدم الالتفات إلى سهوه والمضي في صلاته بالبناء على المصحح اي الأكثر الا إذا كان مفسدا فعلى الأقل فيجتمع بينه وبين المرسلة المتقدمة بالحمل على التخيير وقد جعل بعض الصحيحة المزبورة بنفسها دليلا للتخيير بدعوى ان التخيير لازم للنفي المذكور فيها ضرورة اندراج ما عداه من البطلان أو تعين الأكثر أو الأقل في المنفي على النسختين سيما الأولى منهما لصدق وجوب شئ حينئذ عليه وكونه حكما للسهو ويمكن الخدشة في الاستدلال بالصحيحة من أصله بأنه لا شاهد فيها على إرادة الشك من السهو فحملها على السهو المعروف المنسبق إلى الذهن من اطلاقه أولى ويمكن دفعها بان شيوع إرادة الشك من مثل هذه العبارة في الاخبار لو لم يجعلها ظاهرة فيه فلا أقل من الاحتمال المحوج إلى الاستفصال فاطلاق الجواب من غير استفصال يفيد العموم ويمكن الخدشة في دلالة الحسنة أيضا بأنه وان كان المراد بالسهو فيها الشك كما عرفته فيما سبق ولكن لابد من حمل نفي السهو فيها على معنى يناسب سائر فقراتها ومن المعلوم في رادة البناء على المصحح منه في سائر فقراتها فلا يعلم منها ارادته بهذا المعنى في هذه الفقرة ويكمن دفعها بأنه يستفاد منها ذلك بضميمة الاجماع وغيره مما دل على عدم بطلان النافلة بالشك فيها كخبر الخصال الآتي الحاصر لما يبطله السهو في خمس صلوات فإنه إذا انضم إلى ذلك ما استفيد من هذه الرواية من أنه لا حكم لسهوه يستنتج من المطلوب وهو ان تكليفه في لاعتناء بسهوه والاخذ بالاحتمال الذي يصح معه الصلاة لا الرجوع إلى أصل العدم أو قاعدة الشغل أو غيرهما من القواعد المفردة للشاك وهذا وان اقتضى بظاهره تعين البناء على الأكثر ما لم يكن مفسدا كما في كثير الشك والشاك في ركعات صلاة الاحتياط ولكن يرفع اليد عن ذلك بالاجماع المستفيض نقله ان لم يكن متواترا على عدم تعينه بل كون البناء على الأقل أفضل كما يشهد لذلك أيضا مضافا إلى الاجماعات المنقولة المرسلة المتقدمة المروية عن الكافي التي ورد فيها الامر بالبناء على الأقل وضعفها بالارسال غير قادح بعد كون المقام محلا للمسامحة وبما أشرنا إليه من عدم صحة التعويل على مثل هذه المرسلة في اثبات حكم شرعي لولا المسامحة ظهر ضعف الاستشهاد بها للقول بتعين البناء على الأقل خصوصا مع مخالفته للمشهور لو لم يكن مجمعا عليه ويمكن الاستدلال للتخيير أيضا بعد الغض عن الاجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة وعدم نقل خلاف فيه عن أحد من المتقدمين بما نبه عليه المصنف رحمه الله في عبارته المتقدمة المحكية عن المعتبر وان طعن عليه جملة ممن تأخر عنه ورأوه أوهن من بيت العنكبوت توضيحه انك عرفت فيما سبق ان الأظهر ان الشك في عدد ركعات الصلاة بنفسه ليس من المبطلات وانما نحكم بالبطلان
(٥٨٧)