الرفع على عمومات أدلة التكليف فلا يصلح العمومات لمعارضته وان كانت أعم منه من وجه كما تقرر في محله وقضية ذلك تحكيم الحديث على أدلة قاطعية الكلام و تخصيص قاطعيته الكلام بما إذا لم يكن مكرها عليه الا ان يمنع دلالة الحديث على رفع جميع الآثار بل خصوص المؤاخذة أو يدعى بان موردها التكاليف المستقلة فلا يعم مثل المقام وكلاهما خلاف التحقيق فالحاقة بالناسي أوفق بالقواعد اللهم الا ان يقال إن الذي يظهر من النصوص والفتاوي كما لعله المغروس في أذهان المتشرعة ان التكلم عمدا كالحديث بالذات مناف لفعل الصلاة كما أشار إليه العلامة فيما حكى من تذكرته فالاكراه عليه اكراه على ايجاد المنافي ومرجعة لدى التحليل إلى الاكراه على ابطال الصلاة واثره ح ليس الا المؤاخذة وهي مرفوعة بحكم الحديث أو يقال إنه يفهم من تعبير الشارع بكونه قاطعا ان للصلاة هيئة اتصالية يقطعها التكلم عمدا فرفع اثر الاكراه ح غير مجد في احراز تلك الهيئة الاتصالية التي اعتبرها شرطا في الصلاة إذ لا يثبت به لوازمه العقلية كما تقدمت الإشارة إليه في مسألة الالتفات إلى ما ورائه فراجع وكيف كان فالقول بالبطلان كما لعله المشهور على ما يقتضيه اطلاق كلماتهم بل لم ينقل التصريح بخلافه عن أحد لعله أقوى والله العالم والرابع من الأمور التي يبطلها عمدا القهقهة بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ويدل عليه صحيحة زرارة أو حسنته عن أبي عبد الله عليه السلام قال القهقهة لا تنقض الوضوء وتنقض الصلاة وموثقة سماعة المضمرة قال سألته عن الضحك هل يقطع الصلاة قال اما التبسم فلا يقطع الصلاة واما القهقهة فهي تقطع الصلاة ومضمرة ابن أبي عمير المروية عن الكافي عن رهط سمعوه يقول إن التبسم في الصلاة لا ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء انما يقطع الضحك الذي فيه القهقهة ومرسلة الصدوق قال قال الصادق (ع) لا يقطع التبسم الصلاة ويقطعها القهقهة ولا تنقض الوضوء وخبر أبي بصير ومحمد بن مسلم المروي عن الخصال عن الصادق عن ابائه عليهم السلام قال قال أمير المؤمنين (ع) لا يقطع الصلاة التبسم وتقطعها القهقهة والقهقهة لغة الترجيع في الضحك وشدة الضحك كما في القاموس ولعله يرجع إلى ذلك ما عن الصحاح القهقهة في الضحك معروفة وهو ان يقول قه قه وفي مجمع البحرين قها من باب ضرب ضحك وقال في ضحكة قه بالسكون فإذا كرر قبل قه قه وعن الجمل والمقاييس انها الاغراق في الضحك وعن شمس العلوم انها المبالغة فيه وعن العين وتهذيب اللغة قهقه الضاحك إذا مد ورجع ولكن حكى عن الروض انه بعد نقل كلام أهل اللغة وانه الترجيع في الضحك أو شدة الضحك قال والمراد هنا مطلق الضحك كما صرح به المصنف ره في غير هذا الكتاب وفي الروضة قال في تفسير القهقهة هو الضحك المشتمل على الصوت وان لم يكن فيه ترجيع وشدة وفي الحدائق بعد ان نقل عن الروض والروضة ما سمعت قال وعلى هذا النحو كلام غيره أيضا ثم قال وبالجملة قال بعضهم فسر القهقهة بالضحك المشتمل على الصوت لوقوعها في الأخبار في مقابلة التبسم الخالي منه ومنهم من فسرها بمطلق الضحك ظنا منه ان التبسم ليس من افراد الضحك مع أن الظاهر من موثقة جماعة انه من افراد الضحك وبذلك صرح في القاموس أيضا حيث قال فيه هو أقل الضحك وأحسنه وكيف كان فان ما ذكروه لا يخلو من الاشكال لمخالفة للاخبار وكلام أهل اللغة انتهى وهو جيد وما عن بعض اللغويين من تفسيرها بالضحك بصوت على الاطلاق لا يصلح معارضا لكلام غيره ممن عرفت لجواز كونه تفسيرا بالأعم كما يصدر كثيرا ما عن اللغويين مثله فلا يعارض كلام من عداه ممن صرح بأنه للأخص مع اعتضاده بالعرف العام وما قابلتها بالتبسم لا تقتضي الحاق الضحك الذي فيه صوت بلا شدة ولا ترجيع بالقهقهة فلعله ملحق بالتبسم ووضوح عدم كونه عرفا من افراد التبسم ليس الا كوضوح عدم كونه من افراد القهقهة هذا مع امكان جرى النصوص مجرى الغالب وعدم ملحوظية هذا القسم فيها لندورته حيث إن الغالب عدم حصول الصوت للضحك الا من اشتداده ومعه قل ما ينفك عن الامتداد والترجيع وكيف كان فاستفادة قاطعيته من هذا النصوص في غاية الاشكال فمقتضى الأصل في لتكليف بالاجتناب عنه واستيناف الصلاة معه بل عدم كونه قاطعا للصلاة وان لا يخلو هذا الأصل من خدشة ولكنها قابلة للدفع كما تقرر في محله كما أن مقتضى الأصل ذلك فيما لو منع نفسه عن اظهار الضحك وان امتلأ جوفه ضحكا بحيث احمر وجهه وارتعش بل المتجه فيه ذلك وان قلنا بظهور الأخبار في أن الضحك الذي ليس بتبسم مبطل مطلقا سواء تحقق به مفهوم القهقهة أم لا إذا الظاهر عدم تحقق مفهوم الضحك عرفا فحاله حال من امتلأ جوفه من الريح ومنعه عن الخروج حتى تغير لونه و ارتعش ولو سلم صدق الضحك عليه فلا أقل من انصراف الأخبار عنه والله العالم ثم إن المراد بالقهقهة عمدا في كلماتهم بحسب الظاهر انما هو في مقابل السهو لا الاضطرار أو القهر الذي هو أوضح من افرادها واسبقه إلى الذهن من اطلاق ما وقع عنه السؤال والجواب في الأخبار كما أومى إليه في الجواهر حيث قال واما القهقهة اضطرارا ولو بتقصير في المقدمات فيقوى البطلان بها بلا خلاف معتد به أجده فيه لا طلاق النصوص والفتاوي ومعاقد الاجماعات بل لعله هو الفرد الكثير الذي وقع السؤال عنه في النصوص بل قد يظهر من كل من نسب الخلاف فيه إلى الشافعية الاجماع عليه بل كأنه يلوح من التذكرة حيث قال القهقهة تبطل الصلاة اجماعا منا وعليه أكثر العلماء سواء غلب عليه أم لا فهما عن ظاهر حمل العلم والعمل من الخلاف في ذلك حيث قال ولا يقهقه ولا يبصق الا ان يغلبه لا ريب في ضعفه انتهى ولعل قوله ولو بتقصير في المقدمات من سهو قلم الناسخ والا فالأنسب ان يقول ولو بلا تقصير في المقدمات وكيف كان فلا ينبغي الاستشكال فيه بعد ما تقدمت الإشارة إليه من أن الضحك قهرا من أوضح المصاديق التي يتسبق الذهن إلى ارادتها من الأخبار بل الغالب في الضحك حدوثه من التعجب العارض للنفس من غير أن يسبقه عزم وإرادة حتى يكون فعلا اختياريا موصوفا بالعمد أو السهو فحدوثه من حيث هو في الغالب قهري واتصافه بالاختيارية والعمد أو السهو انما هو بلحاظ قدرته على المنع وحبس النفس عنه والتفاته إلى وقوعه في الصلاة أو غفلته عنه فالفرد الذي لا يكمل معه من حفظ النفس أكمل افراده الذي لا يتخطى الحكم عنه إلى ما دونه بظاهر دليله من الأخبار ولا يعارضها حديث الرفع وان كان له المحكومة على سائر العمومات كما تقدمت الإشارة إليه فان شمول الأخبار الواردة في القهقهة للقهري منها أوضح من ارادته بذلك الحديث بل قد يتأمل في اندراجه في موضوعه فان إرادة مثله مما أظهروا إليه واستكرهوا عليه لا يخلو من خفاء مضافا إلى ما تقدمت الإشارة إليه فيما سبق من أن الاستدلال به لنفي
(٤٠٩)