عنه كما أنه قد يستشعر حرمة القطع من كثير من الروايات المسوقة لبيان حكم مثل هذه الأفعال التي وقع فيها الارشاد إلى ايقاعها على وجه غير مناف للصلاة كالصفق باليد لاعلام الجارية ونحو ذلك وكذا من صحيحة حريز المتقدمة وغيرها مما يقف عليه المتتبع فهذا اجمالا مما لا ينبغي الارتياب فيه فما ربما يستشعر من كلمات بعض من التردد فيه كأنه في غير محله فضلا عن الجزم بعدمه كما حكاه في الحدائق عن بعض معاصريه فقال صريح جملة من محقق متأخري المتأخرين بأنهم لم يقفوا في المسألة على دليل يعتمد عليه وكان بعض المعاصرين يفتي لذلك بجواز قطع الصلاة اختيار أو يجوز له في الشكوك المنصوصة قطع الصلاة والإعادة من رأس للخروج عما في بعض صورها من الخلاف انتهى واستدل العلامة في بعض كتبه على ما حكى عنه لحرمة قطع الفريضة بوجهين الأول ان الاتمام واجب وهو ينافي القطع فيكون القطع محرما الثاني قوله تعالى لا تبطلوا اعمالكم واعترضه في الحدائق بان الأول منهما لا يخلو عن مصادرة والثاني لا يخلو من الاجمال المانع من الاستناد إليه في الاستدلال انتهى وهو جيد وكفى في الاذعان بعدم دلالة الآية الشريفة على المدعي انا لم نجد أحدا ممن سمع بهذه الآية يرتاب في جواز رفع اليد عن شئ من الاعمال التي تلبس بها من عباداته ومعاملاته لأجل هذه الآية وانما نشأ توهم دلالة الآية عليه في خصوص المقام لأجل مغروسية حرمة ابطال الصلاة في النفس من الخارج مذهب الوهم إلى تطبيق الآية عليها والا في فرق بين الصلاة الوضوء والغسل وتشييع الجنائز وسائر أنواع العبادات والمعاملات مما لا تكاد تحصى فالمتدبر في سوق الآية يريها أجنبية عن هذا الباب المقصود بها على ما يشهد سوتها اما النهي عن اتباع الاعمال بما يحبط اجرها ويجعلها لغوا من شرك أو كفر أو عجب ونحوها أو النهي عن أجيادها باطلا بايقاعها على الوجه الذي لم يأمر به الله والرسول (فيكون على هذا التقدير بمنزلة التأكيد لقوله تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول صلى الله عليه وآله) ولكن المعنى الأول أوفق بظاهر اللفظ بمقتضى وضع باب الافعال وربما يؤيده أيضا ما عن الأمالي وثواب الاعمال عن الباقر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من قال سبحان الله غرس الله له بها شجرة في الجنة ومن قال الحمد لله غرس الله له بها شجرة في الجنة ومن قال لا إله إلا الله غرس الله له بها شجرة في الجنة فقال رجل من قريش يا رسول الله ان شجرنا في الجنة لكثير قال نعم ولكن إياكم ان ترسلوا عليها نيرانا فتحرقوها وذلك أن الله تعالى يقول " يا أيها الذين امنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا اعمالكم " و على اي تقدير فالظاهر أن النهي عن ابطال العمل في الآية كالأمر بإطاعة الله والرسول ارشادي محض لم يقصد به الحرمة تعبدا ودعوى ان ظاهر النهي الحرمة الشرعية وابطال العمل عبارة عن علة لغوا بحيث لا يترتب عليه الأثر المقصود منه ويصدق على ابعاض العمل أيضا انه عمل أو ابطالها عبارة عن رفع اليد عنها وجعلها بلا ثمرة كما أن ابطال الاعمال المستقلة أيضا عبارة عن ذلك فالآية بعمومها تشمل المدعى مدفوعة بعد الغض عما أشرنا إليه من أن من راجع وجدانه يرى عدم انسياق ذهنه إلى حرمة رفع اليد عن سائر اعماله تعبدا حمل الآية على هذا المعنى يلزمه تخصيص الأكثر المستهجن فتلخص مما ذكر ان الاستدلال بالآية لحرمة القطع ضعيف ونظيره في الضعف الاستدلال له بنصوص التحريم والتحليل بدعوى ظهورها في حرمة المنافيات من حين التلبس بتكبيرة الاحرام إلى أن يتحقق التسليم المحلل وفيه انه يكفي في صحة اطلاق التحريم والتحليل المنع الشرطي فلا يصح الاستناد إلى مثل هذه الأسامي في اثبات الحرمة الشرعية كما لا يخفى على المتأمل واضعف منهما الاستدلال له بالنصوص الناهية عن ارتكاب منافيات الصلاة مثل قوله عليه السلام في خبر زرارة إذا استقبلت القبلة بوجهك فلا تقلب وجهك عن القبلة وفي خبر أبي هارون الإقامة من الصلاة فإذا أقمت فلا تتكلم وغير ذلك مما يقف عليه المتتبع لوضوح ان المتبادر من مثل هذه النواهي إرادة الحكم الوضعي لا التكليفي فالانصاف انه لا دليل يعتد به على الحرمة سوى الاجماع والاشعارات الواقعة في النصوص التي تقدمت الإشارة إليها وغاية ما يمكن اثباته بالاجماع وغيره انما هو حرمة قطع الفريضة الواجبة عليه بالفعل اختيارا من غير ضرورة عرفية مقتضية له دون النافل وان عرضها الوجوب بندء وشبهه وكذا الفرائض المعادة استحبابا أو احتياطا أو المأتي بها نيابة عن الغير تبرعا أو بإجارة وشبهها ولكن الاحتياط مما لا ينبغي تركه في شئ منها والله العالم في صلاة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين الركن الثالث في بقية الصلوات وفيه فصول الفصل الأول في صلاة الجمعة والنظر في مهية صلاة الجمعة ومن تجب عليه وآدابها الجمعة الجمعة ركعتان كالصبح فميا عدى القنوت ونحوه كما ستعرف انشاء الله يسقط معهما الظهر بل هي ظهر بعينها في يوم الجمعة فالتعبير بالسقوط مسامحة كما يفصح عن ذلك اخبار مستفيضة مصرحة بان صلاة الظهر يوم الجمعة أربع ركعات إذا لم يكن من يخطب بهم والا ركعتان كصحيحة الفضل بن عبد الملك قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول إذا كان قوم في قرية صلوا الجمعة أربع ركعات فإن كان لهم من يخطب بهم جمعوا إذا كانوا خمسة نفر وانما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين وصحية محمد بن مسلم عن أحدهما قال سألته عن أناس في قرية هل يصلون الجمعة جماعة قال نعم يصلون أربعا إذا لم يكن من يخطب وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال في قوله تعالى حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وأنزلت هذه الآية يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وآله في سفر فقنت فيها وتركها على حالها في السفر والحضر و أضاف للمقيم ركعتين وانما وضعت الركعتان اللتان أضافهما النبي (ص) يوم الجمعة للمقيم لمكان الخطبتين مع الامام فمن صلى يوم الجمعة في غير جماعة فليصلها
(٤٢٨)