عقيب الثانية وكيف كان فالظاهر في لخلاف في مثل المقام في بطلان صلاته ووجوب اعادته لعدم كون الفعل الصادر منه بوجهه الواقع في حيز الطلب أي الصلاة المقصورة اختياريا له فلا يقع إطاعة لامره كي يصح عبادة ولا ينافي ذلك ما قويناه من اتحاد مهية القصر والاتمام ذاتا وعدم اعتبار تعيينهما بالقصد في ابتداء العمل إذ المراد بذلك مشاركتهما في الأوليين في عدم امتياز أحدهما عن الاخر الا بالاعتبارات اللاحقة للأوليين لا في ذاتهما والا فمن الواضح اشتراط المقصورة بالاقتصار على الأوليين والخروج عنهما بالتسليم والتامة بخلافه فلا بد في حصول إطاعة الامر المتعلق بكل منهما من وقوع الفعل على الوجه الذي تعلق به طلبه عن اختياره ولكن قد أشرنا فيما قدمناه في مبحث نية الوضوء إلى أنه لولا ظهور كلماتهم في التسالم على بطلان العبادة فيما هو من نظائر المقام لم يبعد الالتزام بكفاية كون الامر الواقعي داعيا إلى حصول متعلقه بقصد اطاعته في صحته ووقوعه عبادة وان كان المكلف مخطئا في تشخيص الواجب وتعيين متعلقه كما لو امره باحضار زيد فالتبس عليه الامر وزعم أنه طلب منه احضار عمرو فدعاه هذا الطلب إلى احضار عمرو واتفق خطائه في تشخيص عمرو ومصادفته لزيد فان حصول احضار زيد في مثل الفرض لم يكن الا بداعي الطلب المتعلق به وان كان المأمور مخطئا في ذلك وكذا فيما نحن فيه فان الداعي إلى فعل الصلاة المقصورة الصادرة منه لم يكن الا الامر الواقعي المتعلق به وان كان المكلف معتقدا تعلقه بشئ اخر وكون المأتى به هو ذلك الشئ الذي اعتقد تعلق الامر به فان هذا لا يؤثر في خروج ذات المأتى به عن كونه مأتيا به بداعي امره الواقعي المتعلق به الذي هو ملاك صحته و وقوعه عبارة فليتأمل ثم إنه بعد البناء على بطلان صلاته كما هو المشهور فلا شبهة في أنه يجب عليه ان يعيدها قصرا ان علم بذلك قبل خروج وقتها إذ المفروض عدم سقوط طلبها بالفعل الأول واما ان علم بذلك بعد خروج وقتها ففي وجوب قضائها قصرا مطلقا أو تماما كذلك أو التفصيل بين الناسي وغيره فالناسي يقضيها قصرا وغيره تماما أو بين الجاهل بكون المقصد مسافة وبين غيره فالأول يقضى تماما وغيره قصرا وجوه أوجههما الأول إذ الفريضة المطلوبة منه في الواقع هي الصلاة المقصورة فهي التي فاتته وان كان حال جهل أو نسيانه معذورا في مخالفة الواقع بحيث لو كان اتيا في ذلك الوقت بصلاة تامة لوقعت مجزية في بعض فروضه كما عرفته فيما سبق وكونه في حال جهله أو غفلته مأمورا بأمر ظاهري شرعي أو عقلي بالاتمام ان سلمناه فغير مجد في بقاء اثره بعد ارتفاع موضوعه إذ غاية ما يمكن الالتزام به من الأثر للامر الظاهري انما هو حصول الاجزاء بفعل متعلقه أي قيامه مقام الواقع في اسقاط طلبه وعدم وجوب تداركه في الوقت وخارجه لا انقلاب التكليف إليه بحيث لو فاته لكان الفائت في حقه هو الفعل المطلوب منه بهذا الطلب الظاهري دون الواقعي فان هذا هو التصويب الذي ينافيه القول بثبوت حكم واقعي في حق الجاهل كما هو الحق لدينا فان مقتضى ذلك بقاء ذلك الحكم ما لم يتحقق مسقطه والمفروض عدم حصول ما يسقطه فيجب الخروج عن عهدته لدى انكشافه للمكلف سواء كان في الوقت أو في خارجه كما لا يخفى وقد ظهر بذلك ضعف ما قيل وجها للقول بالتمام مطلقا من أنه كان في الوقت الذي فاتته الصلاة مأمورا بأمر ظاهري شرعي أو عقلي بالاتمام فقد فاتته كذلك مع أنه ان سلم فبالنسبة إلى الجاهل الذي كان مكلفا شرعا بالاتمام في ذلك الوقت أو هو مع الجاهل بالحكم الذي لو كان يصلى في ذلك الوقت صلاة تامة لكانت مجزية في حقه دون الناسي الذي لم يكن الامر بالاتمام متوجها عليه لا ظاهرا ولا واقعا بل شبهة امر ولذا فصل بعض بينه وبين غيره وان كان هذا أيضا محلا للمناقشة حيث إن الناسي أيضا لو كان اتيا بصلاة تامة في وقتها وكان باقيا على نسيانه يفوته الوقت كما هو المفروض في المقام لكان حاله حال الجاهل في كون صلاته مسقطة للقضاء فهذا التفصيل أيضا فاسد نعم قد يتجه التفصيل بين جاهل الموضوع وغيره ان قلنا بان العلم بالمسافة شرط لأصل وجوب التقصير لا لتنجزه عليه في مرحلة الظاهر كما نفينا البعد عنه في المسألة السابقة ويظهر من المقدس البغدادي على ما حكى عنه اختياره حيث أوجب على الجاهل بالموضوع القضاء تماما وعلله بأنه لم يخاطب الا بالتمام لان جهله انما كان في الموضوع لا بالحكم الذي كان خطاب الجاهل به في الواقع القصر وان عذر في اعتقاده انتهى فهذا التفصيل حسن لو سلم مقدمته ولكنها محل نظر فليتأمل وإذا دخل الوقت وهو حاضر ثم سافر والوقت باق قيل يتم بناء على اعتبار وقت الوجوب والقائل الصدوق في المقنع والعماني وجماعة ممن تأخر عنهما على ما حكى عنهم وقيل يقصر اعتبارا بحال الأداء وقد حكى هذا القول عن الشيخ المفيد وابن إدريس والسيد في المصباح وابن بابويه وكثير من المتأخرين وقيل كما عن الشيخ في الخلاف يتخير بينهما جمعا بين الأدلة وقيل يتم في السعة ويقصر مع الضيق وقد حكى هذا القول عن الشيخ في نهايته والصدوق في فقيه ومنشأ الخلاف اختلاف الاخبار والانظار فيما يقتضيه الجمع بينها فمما يدل على أن الاعتبار بحال الأداء صحيحة إسماعيل بن جابر قال قلت لأبي عبد الله ع يدخل على وقت الظهر وانا في السفر فلا اصلى حتى ادخل أهلي فقال صل وأتم الصلاة قلت فدخل على وقت الصلاة وانا في أهلي أريد السفر فلا اصلى حتى اخرج فقال فصل وقصر فإن لم تفعل فقد خالفت والله رسول الله أقول وربما يستشعر من ذيل هذه الصحيحة ان المخالفين كانوا يخالفون في ذلك وصحيحة محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله ع الرجل يريد السفر فيخرج حين تزول الشمس قال إذا خرجت فصل ركعتين وخبر الوشا قال سمعت الرضا ع يقول إذا زالت الشمس وأنت في المصر وأنت تريد السفر فأتم فإذا أخرجت بعد الزوال قصر العصر بناء على إرادة اتمام الظهر في المصر بقرينة ما بعده وعن الفقه الرضوي فان خرجت من منزلك وقد دخل عليك وقت الصلاة في الحضر ولم تصل حتى خرجت فعليك التقصير وان دخل عليك وقت الصلاة في السفر ولم تصل حتى تدخل أهلك فعليك التمام وبإزاء هذه الأخبار اخبار اخر يظهر منها اعتبار حال الوجوب منها صحيحة محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله ع عن رجل يدخل عن سفره وقد دخل وقت الصلاة وهو في الطريق قال يصلى ركعتين وان خرج إلى سفره وقد دخل وقت الصلاة فليصل أربعا وخبر بشير النبال قال خرجت مع أبي عبد الله ع حتى اتينا الشجرة فقال لي أبو عبد الله ع يا نبال قلت لبيك قال إنه لم يجب على أحد من أهل هذا العسكران يصلى أربعا غيرى وغيرك وذلك أنه دخل وقت الصلاة قبل ان تخرج وموثقه عمار عن أبي عبد الله ع قال سئل إذا زالت الشمس وهو في منزله ثم خرج في سفره قال يبدأ بالزوال فيصليها ثم يصلى الأولى بتقصير ركعتين لأنه خرج من منزله قبل ان تحضره الأولى وسئل فان خرج بعد ما حضرت الأولى قال يصلى أربع ركعات ثم يصلى بعد النوافل ثمان ركعات لأنه خرج من منزله بعد ما حضرت الأولى فإذا حضرت
(٧٦٣)