الفصل الطويل أو الفعل الكثير سهوا ولو كان ماحيا لصورة الصلاة مبطلا في المقام اخذا بظاهر صحيحة محمد بن مسلم ورواية الحسين بن أبي العلاء المتقدمتين الواردة في أوليهما فيمن سبقه الامام بركعة فلما فرغ الامام خرج مع الناس ثم ذكر انه فاتته ركعة حيث علق الإمام عليه السلام بطلان صلاته بما إذا حول وجهه عن القبلة مع أن ما صدر منه من أوضح ما يتحقق به في العرف محو الصورة وثانيتهما فيمن بقي بعد صلاته معقبا حتى طلعت الشمس ثم ذكر نقص صلاته بركعة فاجابه الإمام عليه السلام بقوله ان كنت (في مقامك فأتم بركعة وان كنت) قد انصرفت فعليك الإعادة فلم يجعل الفصل الطويل مانعا عن الاتمام ولكن يمكن ان يقال إن الفصل الذي يتحقق في ضمنه ليس بماحي للصورة وان طال بل يجوز الاتيان بمثله في أثناء الصلاة وكيف كان فليس شئ من مثل هذه المحاذير مقتضيا لطرح النصوص المعتبرة المعمول بها لدى الأصحاب الا ان اقتحام قضية ذي الشمالين في البين والاستشهاد بها في أغلب الأخبار الواردة بالاتمام في كل من الفروع الثلاثة المفروضة فيمن نقص ركعة سهوا حتى سلم جعل الجميع محلا للريبة خصوصا مع ظهور بعضها كخبر علي بن نعمان الرازي ومضمرة شحام في أن التكلم عمدا بعد تبين النقص أيضا غير قادح في الاتمام وهذا مما يشكل الالتزام به الا على القول بجواز البناء مع تخلل المنافي مطلقا فمن هنا قد يغلب على الظن ان هذه الروايات بأسرها من واد واحد فلا يبقى الوثوق بها وعن الشيخ انه حمل خبر علي بن نعمان الذي يظهر منه جواز التكلم عمدا بعد تبين النقص على جهل المسألة وقال بان الجاهل هنا في حكم الناسي وعن الشهيد في الذكرى انه حمله على مثل حديث النفس ولكن شئ من هذين التوجيهين لا يتمشى في المضمرة والصحيحة المتضمنتين لحكاية سهو النبي الدالتين بظاهرهما على جواز التكلم بعد التنبه حيث نسب ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله الا انه لا حاجة إلى توجيه هذين الخبرين من هذه الجهة بل في أصل الحكاية فالانصاف ان المسألة موقع تردد وان كان الأشبه بالقواعد الصحة إذ لا يجوز رفع اليد بمثل الموهنات المزبورة عن الأخبار المعتبرة السليمة عن المعارض مع سلامة بعضها كصحيحة محمد بن مسلم عن مثل هذه الخدشات والله العالم واما القول الذي نسبه في المبسوط إلى بعض أصحابنا من وجوب الإعادة في غير الرباعية فلعل مستنده النصوص الدالة على وجوب حفظ الأوليين والثنائية والثلاثية عن السهو وفيه ما ستعرف من أن المراد بها الشك في عدد الركعات هذا مع شذوذ القول بالتفصيل وعدم معروفية قائله فهو في غاية الضعف فرع لو نقص ركعة فما زاد من صلاته ناسيا وسلم ثم شرع في أخرى فذكر النقص فهل تبطل الصلاتان أم تصحان أم تبطل الأولى وتصح الأخيرة فعليه حينئذ العدول إلى الأول مع بقاء محله والمضي في صلاته عند تجاوزه أو بالعكس وعلى تقدير صحتهما معا هل عليه اتمام اللاحقة ثم السابقة أو بالعكس وجوه من اشتراط تنجز التكليف بالثانية بالفراغ من الأولى ولم يتحقق بعد فتقع الثانية فاسدة ومفسدة اما كونها فاسدة فلوقوعها بلا امر وكونها مفسدة فلأنها زيادة في الأولى مع أنها تعد في العرف من الفعل الكثير المخل بالهيئة المعتبرة في الصلاة ومن منع وقوع الثانية بلا امر لأن اعتبار الترتيب بين الصلاتين انما هو لدى التنبه واما عند عدم تنجز التكليف بالأولى لسهو أو غفلة ونحوها فلا ولذا لو لم يذكر حتى فرغ من الثانية صحت الثانية ولم يجب عليه اعادتها فهي حين حدوثها وقعت صحيحة جزما وليس تذكر نقص الأولى في أثنائها من حيث هو من المبطلات فلا مقتضى لبطلانها ودعوى كونها مفسدة للأولى أيضا قابلة للمنع إذ لم يقصد بها الجزئية لها كي تعد زيادة فيها وقد عرفت في محله ان قصد الجزئية شرط في حصول الزيادة المبطلة وليس تخلل مثل هذه الأفعال المجانسة لافعال الصلاة التي هي من قبيل الذكر والدعاء مخلا بصورتها ولا مانعا عن تدارك النقص الواقع في الصلاة سهوا بعد انكشافها كالتعقيب وان كثر و طال فلا مقتضى لبطلان الأولى أيضا فعليه حينئذ اتمام السابقة ثم اللاحقة رعاية الترتيب المعتبر بين الصلاتين بعد التنبه ومن امكان تسليم احدى الدعويين وهي كون الافتتاح بالثانية زيادة في الأولى اخذا بمفهوم العلة الواقعة في خبر زرارة الناهي عن قراءة العزيمة في الصلاة المعلل بان السجود زيادة في المكتوبة ومنع الأخرى وهي وقوع الثانية بلا امر فتبطل الأولى للزيادة دون الثانية ومن امكان العكس بتسليم الثانية ببعض التقريبات التي لا يخفى على المتأمل ومنع الأولى كما عرفته في محله والأوجه هو صحة احدى الصلاتين فإن كان بينهما ترتب كالظهرين والعشائين أو كانت الأولى فريضة والثانية نافلة يجب عليه رفع اليد عن الثانية واتمام الأولى والا بان كانتا نافلتين أو فريضتين لا ترتب بينهما فله المضي في الثانية أو رفع اليد عنها واتمام الأولى اما عدم صحتهما معا فلتوقف كل منهما على السلام المخرج وهو بالنسبة إلى ما يقع جزء منها شرط لصحتها وبالإضافة إلى الأخرى التي يقع هذا السلام في أثنائها ملحق بكلام الآدميين المبطل كما يظهر وجهه مما مر في مبحث التسليم فيمتنع صحتهما معا ولا مانع عن صحة إحديهما فإن كان بينهما ترتب أو كانت الثانية نافلة يجوز قطعها تعين اتمام الأولى والا فهو مخير ومما يؤيد ما ذكرناه عن الطبرسي في الاحتجاج انه كتب عبد الله بن جعفر الحميري إليه اي إلى صاحب الامر عجل الله فرجه يسئله عن رجل صلى الظهر ودخل في العصر فلما ان صلى من صلاة العصر ركعتين استيقن انه صلى الظهر ركعتين كيف يصنع فأجاب عليه السلام ان كان احدث بين الصلاتين حادثة يقطع بها الصلاة أعاد الصلاتين وإذا لم يكن احدث حادثة جعل الركعتين الأخيرتين تتمة لصلاة الظهر وصلى العصر بعد ذلك إذ الظاهر أن المراد بالركعتين الأخيرتين الركعتين الباقيتين من العصر كما فهمه في الحدائق فمعناه انه يرفع اليد عن العصر ويتم الظهر ويحتمل ان يكون المراد بالركعتين الأخيرتين الركعتين اللتين اتى بهما أخيرا بنية العصر كما فهمه الشهيدان على ما يظهر من كلامهما وجعلاه على وفق القاعدة فعن الشهيد الأول في قواعده قال لو ظن أنه سلم فنوى فريضة أخرى ثم ذكر نقص
(٥٤٣)