أمان الاخطار باسناده عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن عبد الرحمن بن سبابة قال خرجت إلى مكة ومعي متاع كثير فكسد علينا فقال بعض أصحابنا فابعث به إلى اليمن فذكرت ذلك لأبي عبد الله عليه السلام فقال ساهم بين المصر واليمن ثم فوض امرك إلى الله عز وجل فأي البلدين خرج اسمه في السهم فابعث إليه متاعك فقلت كيف أساهم قال اكتب في رقعة بسم الله الرحمن الرحيم اللهم انه لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة أنت العالم وانا المتعلم فانظر في اي الامرين خير لي حتى أتوكل عليك فيه واعمل به ثم اكتب مصر انشاء الله ثم في رقعة أخرى مثل ذلك ثم اكتب اليمن إن شاء الله ثم اجمع الرقاع وادفعها إلى من يسترها عنك ثم ادخل يدك فخذ رقعة وتوكل على الله واعمل بها ومنها الاستخارة بالعدد قال الشهيد في الذكرى على ما حكى عنه ولم تكن هذه مشهورة في العصور الماضية قبل زمان السيد الكبير العابد رضى الدين محمد بن محمد الاوي الحسيني المجاور بالمشهد الغروي وقد رويناها عنه وجميع مروياته عن عدة من مشايخنا عن الشيخ الكبير الفاضل الشيخ جمال الدين بن المطهر عن والده رضي الله عنهما عن السيد رضى الدين عن صاحب الامر عليه الصلاة و السلام يقرء الفاتحة عشرا وأقله ثلاثة مرات دونه مرة ثم يقرء القدر عشرا ثم يقول هذا الدعاء ثلاثا اللهم إني أستخيرك لعلمك بعاقبة الأمور وأستشيرك لحسن ظني بك في المأمول والمحذور اللهم ان كان الامر الفلاني مما قد نيطت بالبركة اعجازه وبواديه وحفت بالكرامة أيامه ولياليه فخر لي اللهم خيرة ترد شموسه دلولا وتقعض أيامه سرورا اللهم اما امر فائتمر واما نهى فانتهى اللهم إني أستخيرك برحمتك خيرة في عافية ثم تقبض على قطعة من السبحة وتضمر حاجتك ان كان عدد تلك القطعة زوجا فهو افعل وان كان فردا لا تفعل ثم قال وقال ابن طاوس رحمه الله في كتاب الاستخارات وجدت بخط اخر الصالح الرضي الاوي محمد بن محمد الحسيني ضاعف الله سيادته وشرف خاتمته ما هذا لفظه عن الصادق عليه السلام من أراد ان يستخير الله تعالى فليقرء الحمد عشر مرات وانا أنزلناه عشر مرات ثم يقول وذكر الدعاء الا أنه قال عقيب والمحذور اللهم ان كان أمري هذا قد نيطت وقال بعد قوله سرورا يا اله اما امر فائتمروا ما نهى فانتهى اللهم خر لي برحمتك خيرة في عافية ثلاث مرات ثم تأخذ كفا من الحصى أو سبحة ويكون قد قصد بقلبه ان خرج عدد الحصى والسبحة فردا كان افعل وان خرج زوجا كان لا تفعل انتهى ما في الذكرى بيان ألفاظ الدعاء على ما ذكره في الحدائق قوله في الدعاء المذكور نيطت من ناط الشئ بالشئ علقه به وربطه واعجاز الشئ أو اخره جمع عجز وبواديه أوله جمع بادية وبادي الرأي أوله وحفه يحفه إذا أحاطه والكرامة مصدر كرم وخر لي بمعنى اجعل لي فيه الخير وخيرة بكسر الخاء المعجمة وسكون الياء اسم مصدر من خار الله لك كذا واما خيرة بكسر الخاء وفتح الياء فهو اسم من قولك اختاره الله وترد اي تغير وتحول ومن ثم تعدى إلى مفعولين وشموس على وزن فعول كصبور للمبالغة والماضي شمس بفتح الميم يشمس على مثال كتب يكتب وشمس الفرس يشمس شماسا بكسر الشين وشموسا بضمها بمعنى خزن ومنع ظهره ان يركب والذلول خلافه من الذل بالذال المعجمة مكسورة أو مضمومة ضد الصعوبة وتقعض بالقاف والعين المهملة والضاد المعجمة على وزن يكتب مضارع قعض مثال كتب بمعنى عطف قال في الصحاح قعضت العود عطفته كما تعطف عروش الكرم والهودج انتهى وقال في الحدائق قد ذكر السيد الزاهد العابد المجاهد رضى الدين علي بن طاوس عطر الله مرقده في رسالة الاستخارات أنواعا عديدة في الاستخارة بالرقاع والبنادق والقرعة وأنكرها ابن إدريس تمام الانكار وقال إنها من أضعف الأخبار شواذ الأخبار لأن رواتها فطحية ملعونون مثل زرعة وسماعة فلا يلتفت إلى ما اختصا بروايته قال والمحصلون من أصحابنا ما يختارون في كتب الفقه الا ما اخترناه ولا يذكرون البنادق والرقاع والقرعة الا في كتب العبادات دون كتب الفقه وذكر ان الشيخين وابن البراج لم يذكروها في كتبهم الفقهية ووافقه المحقق هنا فقال واما الرقاع وما يتضمن افعل ففي خبر الشذوذ فلا عبرة بها ثم نقل عن الذكرى أنه قال وانكار ابن إدريس الاستخارة بالرقاع لا مأخذ له مع اشتهارها بين الأصحاب وعدم راد لها سواء ومن حذى حذوه كالشيخ نجم الدين قال وكيف تكون شاذة وقد دونها المحدثون في كتبهم والمصنفون في مصنفاتهم وقد صنف السيد العالم العابد صاحب الكرامات الظاهرة والمأثر الباهرة رضى الدين أبو الحسن علي بن طاوس الحسيني رحمه الله كتابا ضخما في الاستخارات واعتمد فيه على رواية الرقاع وذكر من اثارها عجائب وغرائب أراه الله تعالى إياه وقال إذ الوالي الامر في الرقاع فهو خير محض فان توالى النهي فذلك الامر شر محض وان تفرقت كان الخير والشر موزعا بحسب تفرقها على أزمنة ذلك بحسب تريبتها انتهى أقول اما الاستخارة بالمعنى الثاني التي يقصد بها تعرف ما فيه الخيرة كما هو المتعارف في هذه الاعصار فهي لدى التحليل نوع من المواضعة بينه وبين الله والداعي إلى فعلها حسن الظن بالله وانه خير مستشار ومشير وانه لا تخفى عليه خافية ولا يغش من استنصحه واستخاره وتوكل عليه وهذا المعنى في حد ذاته امر راجح عقلا وشرعا واما نفس هذه المواضعة التي مرجعها إلى تعليق فعله على حصول الامر الذي جعله علامة لمعرفة كون هذا الشئ مما رأى الله تعالى صلاحه فيه ككون عدد السبحة زوجا أو فردا فهو في حد ذاته امر سائغ كتعليقه على سائر الأفعال المباحة واما اعتماده على هذه العلامة وجعله طريقا لاستكشاف كونه مصلحة له فهو ناش من حسن ظنه بالله وانه لا يخيب رجاء من رجاه وتوكل عليه وهذا مما لا محذور فيه بل امر راجح شرعا وعقلا ما لم يقصد بفعله التعبد والتوظيف والا فتشريع محرم ما لم يدل عليه دليل معتبر والاستناد في اثبات شرعية شئ منها على الأخبار الضعيفة كما هو الشأن في أغلب الروايات المنقولة عن غير الكتب الأربعة اعتمادا على عموم اخبار التسامح لا يخلو من اشكال فان شمول تلك العمومات لمثل المقام لا يخلو من تأمل فالأحوط عدم قصد التوظيف في شئ من ذلك وان صح الاعتماد على جميعه بل وعلى غير ذلك أيضا إذا وضعه علامة له بعد تفويض امره إلى الله تعالى وطلب الخيرة منه وجعل ذلك طريقا لمعرفتها كما قد يؤمي إلى ذلك خبر البنادق وغيره ففي الوافي على ما حكى عنه بعد ذكر مرفوعة البنادق قال وطريق المتناورة لا ينحصر في الرقعة والبندقة بل يشمل كل ما يمكن استفادة ذلك منه مثل ما مضى في حديث الرقاع
(٥١٨)