عنه هذا ولكن إلى يقتضيه التحقيق انه لا معارضة بين الصحيحة الأولى والثانية إذ العادة قاضية بان توارى الشخص من البيوت فضلا عن توارى جدران البلد عنه أخص من خفاء الاذان وهذه الصحيحة لا تدل على انتفاء التقصير ما لم يبلغ هذا الحد الا بالمفهوم الذي غايته الظهور فلا يصلح معارضا للصحيحة الثانية التي هي نص في إناطة الحكم وجودا وعد ما بسماع الاذان وعدمه فقضية الجمع بينهما حمل الصحيحة الأولى على إرادة بيان تحديد تقريبي ببيان الموضوع الذي يتحتم عنده التقصير من غير أن يقصد به الانتفاء عند الانتفاء على الاطلاق فالحد الحقيقي هو بلوغه إلى موضع لا يسمع فيه الاذان واما خفاء الجدران فمهما تحقق فقد وجب حاله التقصير ولكن لا من حينه بل من حين خفاء الاذان المتحقق قبله في العادة اللهم الا ان يعمم توارى الجدران بحيث يعم ما لو كان لمانع من حايل ونحوه فربما يجتمع ح مع سماع الاذان ولكن المنساق من النص والفتوى انما هو إرادة الغيبوبة الناشئة من تباعده عن البلد زائدا عن مد البصر لا مطلقا كما لا يخفى على المتأمل والمدار في السماع وكذا الرؤية ان اعتبرناها على السمع والبصر المعتادين دون الخارقين وفاقدهما أو فاقد أحدهما يقدرهما كما أنه يقدر عدم الحايل لو كان هناك حايل وهل يعتبر في سماع الاذان ان يسمع فصوله بحيث يميزها عن سائر الأصوات أم يكفي مجرد سماع صوته وجهان أوجههما الثاني إذا الظاهر إرادة التمثيل من الاذان لكل صوت رفيع يشبهه فالمدار في التقصير على وصوله إلى موضع لا يسمع فيه الأصوات المرتفعة في البلد التي ارفعها بمقتضى العادة اذان مصرهم فتخصيص الاذان بالذكر على الظاهر لذلك لا لإرادته بالخصوص كي يتجه الالتزام باعتبار سماعه على وجه يتميز عن غيره والمنساق إلى الذهن وصوله إلى موضع من شأنه ذلك وان لم يكن فيه بالفعل اذان ولا صوت رفيع كما هو واضح واما الجدان فان اعتبرنا خفائها فالعبرة بخفاء صورتها مفصلة لا مجرد سوادها كما صرح به غير واحد بل لا يظن بأحد الالتزام باعتبار غيبوبتها بالمرة والا فهو محجوج بما في بعض الأخبار من أن النبي صلى الله عليه وآله وكذا الوصي إذا سافر فرسخا قصر فليتأمل وكيف كان فالمدار على مطلق الاذان والجدران حتى من الناحية التي خرج منها لا خصوص ما في محلته حتى في البلاد العظيمة على اشكال فيما إذا كانت خارجة عن المعتاد خصوصا مع انفصال محالها فلا ينبغي ترك الاحتياط في مثل هذه الموارد بتأخير الصلاة أو الجمع بين القصر والاتمام والله العالم هذا كله في المسافر من بلده ومنزله اما غيره كالهايم والعاصي بسفره ونحوهما فلا محل ترخص له بل يقصر بمجرد قصد المسافة والضرب في الأرض لاطلاق الأدلة من غير معارض بعد ظهور أدلة المقام في غير ذلك بل المتبادر منها غير محل الإقامة أيضا كما اعترف به في الجواهر وصرح به أيضا شيخنا المرتضى ره فقال ما لفظه ولو خرج المقيم ناويا لمسافة جديدة فالظاهر أنه يقصر بمجرد الخروج عن محل الإقامة وان لم يبلغ إلى حد الخفاء لعمومات القصر القاطعة لاستصحاب عدمه السليمة عن أدلة اعتبار حد الترخص المختصة عند التأمل بمن خرج من وطنه وان كان ظاهر صحيحة ابن مسلم يوهم الشمول لمطلق الخارج انتهى خلافا للمحكى عن السرائر وظاهر التذكرة وغيرهما من اعتباره في محل الإقامة أيضا بل قيل على ما حكاه في الجواهر انه يستفاد من كلام الأكثر في مواضع بل هو صريح كلامهم في مسألة ناوي الإقامة في بلد حيث ذكروا هناك انه لا يضل التردد في نواحيها ما لم يبلغ محل الترخص متسالمين عليه انتهى وفي المدارك استوجه هذا القول واستدل عليه بان محمد بن مسلم سال الصادق عليه السلام فقال له رجل يريد السفر فيخرج متى يقصر فقال إذا خرج من البيوت وهو يتناول من خرج من موضع الإقامة كما يتناول من خرج من بلده انتهى وفيه ان المتبادر من السؤال إرادة انشاء السفر من منزله كما أشار إليه شيخنا المرتضى ره في عبارته المتقدمة واستدل عليه أيضا بما دل على أن المقيم في بلد عشرا بمنزلة أهل ذلك البلد فان مقتضاه مساواته له في احكامه التي منها ذلك ومنه يظهر اعتبار محل الترخص في المسافر من المحل الذي بقي فيه بعد التردد ثلثين يوما لتشبيهه بالمنزل أيضا وفي الجواهر بعد نقل هذا الدليل قال لكن قد يشك في شمول التشبيه لمثل ذلك بل قد يدعى ان المنساق منه غيره من الاتمام في البلد ونحوه انتهى وهو جيد ولكن الالتزام بالتقصير بمطلق الضرب في الأرض ما لم يخرج عن حدود والبلد خصوصا فيما لواحد في الضرب ثم بداله ان يبقى يوما أو يومين في بعض بيوتاته الغير الخارجة عن حدودها لا يخلو من اشكال بل لا يبعد ان يدعى ظهور ما دل على وجوب الاتمام على من نوى الإقامة في بلد وصلى صلاة تامة حتى يخرج من محل إقامته في خلافه ولعل القائل بعدم اعتبار حد الترخص فيه أيضا لا ينكر ذلك كما يشعر به عبارة شيخنا المرتضى المتقدمة وكيف كان فان أمكن الالتزام باعتبار الخروج عن حدود محل الإقامة دون حد الترخص فهو لا يخلو من وجه ولكنه لا ينبغي ترك الاحتياط بتأخير الصلاة حتى يبلغ حد الترخص أو الجمع بين القصر والاتمام والله العالم و قد ظهر بما مر من اشتراط جواز التقصير بخفاء الاذان انه لا يجوز له الترخص قبل ذلك وان نوى السفر ليلا وربما يستشعر من تعرض المصنف لذلك وجود الخلاف فيه ولعله من العامة و يمكن ان يكون بملاحظة وروده في خبر علي بن يقطين المتقدم الموهم لخلافه حيث قال فيه إذا حدث نفسه في الليل بالسفر افطر إذا خرج من منزله وقد عرفت فيما تقدم من أنه لا بد من حمل مثل هذه الأخبار على ما لا ينافي ما دل على اعتبار البلوغ إلى حد الترخص وكذا في عوده من سفره يقصر حتى يبلغ سماع الاذان من مصره أو رؤية الجدران على المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة كما ادعاه بعض بل عن الذكرى انها كادت تكون اجماعا واستدل عليه بانقطاع صدق السفر عرقا عليه واندراجه في الحاضر عند أهله وفي منزله ووطنه بالوصول إلى الحد المزبور وبقوله عليه السلام في صحيحة ابن سنان المتقدمة وإذا قدمت من سفرك فمثل ذلك الظاهر في إرادة القصر قبل سماعه الاذان والاتمام بعد سماعه بناء على أن تخصيص الاذان بالذكر ليس لاعتباره بالخصوص بل باعتبار كونه احدى الامارتين اللتين يعرف بهما حد الترخص ولعل اقتصار المصنف ره هيهنا على خصوص سماع الاذان مع تصريحه فيما سبق بكفاية تحقق أحد الامرين المزبورين في حد الترخص بناء منه على أنهما متلازمان في العادة كما هو مقتضى جعلهما حد المحدود معين فيكون اشتراط أحدهما في قوة اشتراط خفائهما معا فاكتفائه فيما سبق بكل منهما لا لأجل امكان تخلفه عن الاخر وكون كل منهما من حيث هو مناطا للتقصير بل لكون كل منهما لدى احرازه طريقا لمعرفة وصوله إلى الحد الذي رخص فيه في التقصير كما أنه يحتمل ان يكون ذلك بناء منه على ما ادعيناه من أن خطأ الجدران أخص مطلقا من خفاء الاذان عادة فالحد الحقيقي هو خفاء الاذان ولكنه متى لم يعرف ذلك يستكشف حصوله بخفاء الجدران الذي هو أخص منه فيصح ح ان يقال لا يجوز للمسافر التقصير حتى يتوارى جدران البلد الذي يخرج منه أو يخفى عليه الاذان وأيهما حصل يثبت في حقه التقصير إلى أن يعود من سفره ويصل إلى محل سماع الاذان من مصره لا غير ويحتمل بعيدا التزامه بالتفصيل بين الذهاب والرجوع بان يكتفى بأحد الامرين في الذهاب ويعتبر في الاياب خصوص السماع بل في المدارك جزم بإرادة هذا التفصيل من العبارة وقواه فقال ما لفظه ما اختاره المصنف ره في حكم العود اظهر الأقوال في المسألة لقوله ع في رواية ابن سنان المتقدمة وإذا قدمت من سفرك مثل ذلك وانما لم يكتف المصنف هنا بأحد الامرين كما اعتبره في الذهاب لانتفاء الدليل هنا على اعتبار رؤية الجدران انتهى ووافقه في ذلك بعض من تأخر عنه
(٧٥١)