فيما يعلم قال في الصلاة على الجنائز تقرء في الأولى بأم الكتاب وفي الثانية تصلي على النبي صلى الله عليه وآله وتدعوا في الثالثة للمؤمنين والمؤمنات وتدعو في الرابعة لميتك والخامسة تنصرف بها وما في هذه الرواية من قراءة الفاتحة في الأولى وكذا في خبر القداح عن جعفر عن أبيه ان عليا عليه السلام كان إذا صلى على ميت يقرء بفاتحة الكتاب ويصلي على النبي قد حمله الشيخ على التقية إذ ليس في الصلاة على الميت قراءة كما وقع التصريح بذلك في الصحيحين المتقدمين انفا أقول ولعل الامر بقراءة الفاتحة وكذا صدورها من علي عليه السلام لم يكن من حيث كونها قراءة بل باعتبار كونها من أفضل مصاديق الثناء والدعاء كما في الأخيرتين من الرباعيات اللتين علل جواز قراءة الفاتحة فيهما في صحيحة عبيد بن زرارة بذلك وارتفع بذلك التنافي بينه وبين الروايات المعتبرة التي وقع فيها التصريح بأنه ليس في الأخيرتين قراءة وكيف كان فلا مجال للارتياب في جواز قراءة الفاتحة بهذا الوجه بناء على كفاية مطلق الدعاء والثناء فلا مقتضى حينئذ لطرح الخبرين أو حملهما على التقية مع أنه قد ينافيها ذكر الخمس في عدد التكبيرات وربما استدل بخبري ابن مهاجر وإسماعيل بل وكذا برواية علي بن سويد لما نسب إلى المشهور من وجوب الشهادتين في الأولى والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله في الثانية والدعاء للمؤمنين في الثالثة و للميت في الرابعة وفيه مع أن الأولين منهما حكاية فعل ليس فيهما اشعار بتعينه فضلا عن الدلالة عليه ان تطبيق كل من هذه الأخبار على مذهب المشهور يحتاج إلى التكليف فلو لم يكن هذه الأخبار حجة عليهم فلا تصلح أن تكون مستندة لهم نعم ظهور خبر ابن مهاجر في مداومة النبي صلى الله عليه وآله ما تضمنه يصلح ان يكون دليلا لأفضلية كما صرح به المصنف رحمه الله حيث قال وأفضل ما يقال ما رواه محمد بن مهاجر عن أمه أم سلمة عن أبي عبد الله عليه السلام كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى على ميت كبر وتشهد ثم كبر وصلى على الأنبياء ودعا ثم كبر ودعا للمؤمنين ثم كبر الرابعة ودعا للميت ثم كبر وانصرف وأفضل من ذلك الجمع في التكبيرة الثانية بين الصلاة على النبي وآله والصلاة على سائر الأنبياء عليهم السلام ولعل المراد بالصلاة على الأنبياء في هذه الرواية ما يعم الجميع كما ربما يؤيده قوله عليه السلام في خبر إسماعيل انه صلى الله عليه وآله دعا لنفسه وأهل بيته في الثانية وكيف كان فالأظهر جواز العمل بجميع الروايات المزبورة عدى ما اشتمل منها على ذكر الدعاء والتسليم بعد الخامسة الا ان يحمل ذلك على كونه مستحبا خارجيا بعد الصلاة جمعا بينها وبين غيرها مما عرفت مع أن بعض هذه الأخبار المشتملة على ذكر التسليم كخبر يونس ظاهره عدم اعتبار شئ من ثناء أو دعاء بعد التكبيرة الأولى وهو مخالف لما يظهر من غيرها من الروايات المزبورة فالأولى رد علم هذه الأخبار إلى أهله والقدر المشترك الذي يظهر من مجموع الروايات المزبورة اعتباره في صلاة الميت بالخصوص انما هو الدعاء للميت كما صرح به بعض واما ما عداه مما ذكر فالظاهر عدم اعتباره بخصوصية كما يفصح عن ذلك ترك ذكره في بعض تلك الأخبار واشتمال جملة منها على الشهادة بالوحدانية وبعض منها على الشهادة بالرسالة أيضا عقيب التكبيرة الأولى أو الامر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله بعد الثانية أو الدعاء للمؤمنين بعد الثالثة لا يصلح دليلا لتعينها بعد معارضتها بغيرها من الروايات المعتبرة الخالية عن ذكر هذه الفقرات خصوصا بهذا الترتيب الذي لم يقع التصريح به في شئ من الروايات المعتبرة وليس ظهور الامر المتعلق بها الوارد في بعض الأخبار في الوجوب العيني أقوى من ظهور الروايات الخالية عنها في كون الأدعية الواردة فيها مجزية خصوصا بعد معلومية عدم اعتبار خصوصية الألفاظ الواردة فيها واشتمال كل منهما على جملة من الفقرات التي علم عدم وجوبها مضافا إلى شهادة الصحيحتين المزبورتين بأنه ليس في صلاة الميت دعاء موقت بل له ان يدعو بما بدا له ولكن قد أشرنا انفا إلى أن هذا لا ينافي اعتبار خصوص الدعاء للميت الذي فهم وجوبه من ذكره في جل ما ورد في كيفية الصلاة عليه لولا كله بل الظاهر أنه لم يشرع الصلاة على الميت الا بملاحظته كما ربما يشهد لذلك خبر الفضل بن شاذان المروي عن العلل والعيون عن الرضا عليه السلام قال انما أمروا بالصلاة على الميت ليشفعوا له وليدعوا له بالمغفرة لأنه لم يكن في وقت أحوج إلى الشفاعة فيه والطلبة والاستغفار من تلك الساعة الحديث ورواية محمد بن مهاجر المتقدمة التي وقع فيها التصريح بان رسول الله صلى الله عليه وآله بعد ان نهى عن الصلاة على المنافقين كان ينصرف عقيب الرابعة ولم يكن يدعو لهم بعدها وكيف كان فقد تلخص مما ذكر ان القول بعدم اعتبار دعاء أو ثناء بخصوصه سوى الدعاء للميت ولو بإرادته في ضمن عموم المؤمنين كما يقتضيه اطلاق الصحيحة المزبورة الحاكمة على سائر الأخبار لا يخلو من قوة وان كان ما نسب إلى المشهور من ذكر الشهادتين بعد التكبيرة الأولى والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله بعد الثانية والدعاء للمؤمنين بعد الثالثة وللميت بعد الرابعة هو الأحوط وأحوط من ذلك الاتيان بذلك كله بين كل تكبيرتين مع أنه أكمل بل قد يلوح من العبائر المحكية عن بعض القدماء الالتزام بوجوبه وهو غير بعيد عما يترائى من مجموع النصوص المزبورة خصوصا بالنسبة إلى الدعاء للميت الذي استفيد مطلوبيته مع كل ثناء أو دعاء من أغلب الأخبار المزبورة الا ان ما ذكرناه بالنظر إلى ما يقتضيه الجمع بين مجموعها هو الأظهر كما لا يخفى وجهه بعد الإحاطة بما مر وان كان الميت منافقا أو ناصبيا وشبهه من الفرق المنتحلة للاسلام المحكوم بكفرهم إذا اقتضت الضرورة الصلاة عليه أو كان مخالفا اقتصر المصلي على أربع تكبيرات وانصرف بالرابعة اما في المنافق والنواصب وغيرهما من الفرق الذين حكم بكفرهم فلانه لا تجب الصلاة عليهم بل لا تشرع الا لتقية وشبهها وهي لا تقتضي الا الاتيان بصورة الصلاة عليهم كذلك مضافا إلى دلالة الروايات بالآتية عليه واما المخالف فانا وان قلنا بوجوب الصلاة عليه ولكن الصلاة الواجبة عليه ليست الا ما كان صلاة في مذهبه وهي ما اشتملت على أربع تكبيرات الزاما له بما الزم نفسه وفي المدارك قال في شرح العبارة المراد بالمنافق هنا المخالف كما يدل عليه ذكره في مقابلة المؤمن في الأخبار وكلام الأصحاب
(٥٠١)