تقدم في مبحث صلاة الجمعة نقل اخبار المسألة مفصلا والجواب عن هذه الروايات بما ملخصه ان النصوص السابقة صريحة في المدعى ولا أقل من كون ارتكاب التأويل فيها ابعد منه في هذه الأخبار إذ غاية ما يمكن ادعائه في هذه الأخبار ظهورها في نفى الصحة فيرفع اليد عما عدى الخبر الأخير بالحمل على الكراهة أي كراهة اللحوق في هذه الركعة ورجحان تأخير الايتمام إلى ما بعدها ولو في حال التشهد ان أراد ادراك فضيلة الجماعة أو نفى الاعتداد بها في ادراك فضيلة الجماعة بالنسبة إلى خصوص هذه الركعة إلى غير ذلك من المحامل وعلى تقدير تسيلم المعارضة فهي قاصرة عن مكافئة تلك الأخبار المتكاثرة المتظافرة المشهورة فتوى ورواية الواردة في الأبواب المتفرقة وهذه الأخبار وان تعددت وصحت أسانيدها ولكن أصلها محمد بن مسلم فيغلب على الظن كونها رواية واحدة وقد حصل الاختلاف في متنها بواسطة النقل بالمعنى أو غير ذلك من أسباب الاختلال والرواية الواحدة وان كانت قطعية الصدور أيضا لا تصلح مكافئة لتلك الأخبار فإنه يتطرق في الخبر الواحد احتمالات لا يتطرق مثلها في الاخبار المتكثرة الواردة في الموارد المختلفة كما لا يخفى و اما الرواية الأخيرة فليس لها في حد ذاتها ظهور يعتد به في مخالفة المشهور فضلا عن صلاحيتها لمعارضة تلك الأخبار فان قوله بعد ما ركع من حيث هو قابل لان يراد منه بعد ما تلبس بالركوع أو بعد ما فرغ منه وكذا قوله عليه السلام في صدر الخبر قبل ان يركع الركعة الأخيرة قابل لان يراد منه قبل ان يتمها أو قبل ان يشرع فيها نعم المنساق من الصدر في بادي الرأي إرادة قبل التلبس ومن الذيل إرادة بعد الفراغ ولكنه انسباق بدوي ولا يستقر بعد ملاحظة المجموع كما لا يخفى على من لاحظ نظائره في العرفيات فإنه لا يكاد يفهم حكم حال التلبس من مثل هذا التركيب فليتأمل ثم إن مقتضى اطلاق النصوص والفتاوى عدم الفرق في إدراك الركعة جماعة بادراك الامام راكعا بين ادراك المأموم ذكرا قبل رفع الامام وعدمه خلافا للمحكى عن التذكرة ونهاية الاحكام فاشترطا ادراك المأموم ذكرا قبل رفع الامام ولعل مستنده الخبر المروى عن الاحتجاج عن عبد الله بن جعفر الحميري عن صاحب الامر عجل الله فرجه انه كتب إليه يسئله عن الرجل يلحق الامام وهو راكع فيركع معه ويحتسب بتلك الركعة فان بعض أصحابنا قال إن لم يسمع تكبيرة الركوع فليس له ان يعتد بتلك الركعة فأجاب عليه السلام إذا لحق مع الامام من تسبيح الركوع تسبيحة واحدة اعتد بتلك الركعة وان لم يسمع تكبيرة الركوع و فيه بعد تسليم السند ان ظهور صحيحتي الحلبي وسليمان بن خالد في الاطلاق وكون الرفع سببا للفوات وحدا للادراك أي إناطة الحكم وجودا وعدما بادراكه راكعا وعدمه أقوى من ظهور هذه الشرطية المسوقة لنفى اعتبار سماع التكبير في المفهوم فيحتمل أن تكون الشرطية جارية مجرى العادة من عدم حصول الجزم بادراكه راكعا في الغالب الا في مثل الفرض أو أريد به التمثيل بالفرد الواضح الذي لا يتطرق إليه شبهة عدم اللحوق المانعة عن الاعتداد به كما ستعرف هذا مع أن المنساق إلى الذهن من هذا الخبر إرادة ادراك تسبيحة مع تسبيح الامام لا تسبيحة معه راكعا كما هو المتبادر من العبارة المحكية عنهم فليتأمل ويحتمل ان يكون المفهوم مرادا من الشرطية فيكون المراد من نفى الاعتداد به من حيث فضيلة الجماعة لا الاجزاء والله العالم ثم إن المتبادر من النصوص والفتاوى إناطة ادراك الركعة بادراكه الامام راكعا بان وصل إلى الحد الذي انتهى إليه هو به للركوع قبل ان يرفع الامام رأسه بان يأخذ في النهوض فما عن غير واحد من المتأخرين من التردد أو الجزم بكفاية وصوله حال هويه إلى حد الراكع قبل ان يتجاوز الامام عن هذا الحد في نهوضه ضعيف فرع لو كبر وركع ثم شك في أن الامام هل كان راكعا أو رافعا رأسه فإن كان شكه بعد فراغه من الركوع لم يلتفت إلى شكه كما عرفته في مباحث الخلل وان كان قبله بنى على عدم الادراك كما هو المشهور على ما نسب إليهم بل عن المنتهى دعوى الاجماع عليه للأصل وقاعدة الاشتغال ولا يجديه استصحاب بقاء الامام راكعا إلى حين ركوع المأموم أو اصالة عدم رفع رأسه إلى هذا الحين فإنه لا يثبت بذلك ادراكه الامام راكعا لأنه من اللوازم العقلية الغير المترتبة على المستصحبات الا على القول بحجية الأصول المثبتة وهو خلاف التحقيق وقياسه على استصحاب عدالة الامام وايمانه وغيرهما من الشرائط المعتبرة في الامام قياس مع الفارق لان كون الامام راكعا حال ركوعه ليس كالعدالة والايمان من الشرائط المعتبرة في صحة صلاته من حيث هو حتى يمكن احرازه بالأصل بل من حيث كونه سببا لحصول اللحوق بالامام وادراكه راكعا الذي هو مناط ادراك الركعة فالعبرة في صحة الصلاة بتحقق هذا المفهوم الذي هو امر إضافي يتوقف حصوله في الخارج على تحقق المنتسبين والا فمقتضى الأصل عدمه لأنه بنفسه حادث مسبوق بالعدم هذا مع أن استصحاب بقاء الامام راكعا في حد ذاته محل مناقشة لان بقائه راكعا تابع لاختياره وارادته فالشك فيه ليس ناشئا من الشك في حصول رافعه مع قيام ما يقتضيه بل في مقدار اقتضاء المقتضى والاستصحاب فيه ليس بحجة كما يظهر وجهه مما حققناه في مسألة الشك في وجود الحاجب في مواضع الوضوء من كتاب الطهارة ودعوى ظهور الأدلة في مانعية رفع الامام رأسه من الركوع عن الايتمام لا شرطية الركوع حتى يناقش في احرازه بالأصل مما لا ينبغي الالتفات إليها ضرورة ظهور النصوص والفتاوى بل صراحتهما في إناطة الحكم بلحوقه بالامام في ركوعه وما في ذيل صحيحة الحلبي من قوله عليه السلام وان رفع الامام رأسه قبل ان تركع فقد فاتتك الركعة تعبير عما يفهم من صدرها من اشتراط ادراك الركعة بلحوقه بالامام قبل ان يرفع رأسه كما لا يخفى على المتأمل ثم انا لو جوزنا الاعتماد على اصالة عدم رفع الامام رأسه أو اصالة بقائه راكعا إلى زمان ركوع المأموم في احراز شرط صحة الايتمام فلا يتفاوت الحال في ذلك بين ان يشك بعد ان ركع في أنه هل كان راكعا أو رافعا وبين ان يكون حال دخوله في الصلاة شاكا في أنه بالفعل هل هو راكع أو رافع فله مع الشك في ذلك ان يكبر ويركع ويمضى في صلاته تعويلا على الأصل ولكن لم ينقل الالتزام به في هذا الفرض
(٦٢٧)