كالمأموم إذ ليس فيه عدى انه قرن فعله بفعل غيره وهو ليس من منافيات الصلاة لانحصار المنافيات بمقتضى الأصول والقواعد فيما عداه مما عرفته في محله خلافا للمحكى عن الشافعية في أصح وجهيها لأنه وقف صلاته على صلاة الغير لا لاكتساب فضيلة الجماعة ولما فيه من ابطال الخشوع وشغل القلب وفيه ما لا يخفى لا يقال إنه متى الزم نفسه على في لتخلف عن الامام فقد نوى الايتمام إذ لا معنى للايتمام الا المتابعة وهي حاصلة في الفرض فعليه الالتزام باحكام الجامع لأنا نقول الايتمام والتبعية ربط معنوي لا يحصل بمجرد الالتزام بعدم المفارقة الا ترى ان من الزم نفسه بان يمشي وراء زيد بقصد ممانعته عن الفرار أو غير ذلك من الاغراض المباينة لقصد المتابعة لا يعد من خدمه واتباعه ولا مقتديا به في مشيه فكذا من الزم نفسه بمتابعة الامام لا بقصد الايتمام بل لحفظ عدد ركعاته وافعاله عن السهو مثلا فلا ينبغي الاستشكال فيه ولا في صحة صلاته ما لم يؤد ذلك إلى الاخلال بشئ من واجبات الصلاة من قراءة ونحوها أو الآيتان بشئ من منافياتها من زيادة ركوع أو سجود أو حصول سكوت طويل ونحوه أو اتى بها كذلك رياءا أو لغير ذلك من الاغراض المؤثرة في حرمة عمله المنافية لوقوعه عبادة والا بطلت لذلك لا من حيث هو فتخلص مما ذكر ان قصد الايتمام شرط في انعقاد الصلاة جماعة لا في صحتها من حيث هي نعم قد يتجه الحكم بفسادها من حيث هي لدى الاخلال بنية الايتمام فيما كانت الجماعة شرطا في صحتها كالجمعة والفريضة المعادة لادراك الجماعة بناء على عدم شرعيتها الا بهذا الوجه فليتأمل ثم إن في عبارة المصنف إشارة إلى أنه لا يعتبر في الامام نية الإمامة وسيأتي في كلامه التصريح بذلك وهو حق بل لو صلى بنية الانفراد جاز لغيره ان يأتم به فيلحقه وصف الإمامة ويرجع كل منهما إلى الاخر في شكه بلا خلاف فيه على الظاهر ولا اشكال لان افعال الامام مساوقة لما يفعله المنفرد فلا وجه لاعتبار تمييز أحدهما عن الاخر بالقصد كما عرفته في محله نعم استحقاق الاجر عليها موقوف على قصدها الا ان يكون من باب التفضل والرحمة الواسعة كما لا يخفى هذا كله في الجماعة المستحبة واما الواجبة فقد يقال بوجوب قصدها على الامام أيضا قال شيخنا المرتضى رحمه الله ما صورته ثم إنهم قد ذكروا وجوب نية الجماعة على الامام فيما تجب فيه الجماعة من الصلوات إذ الجماعة مقومة لها فيلزم من انتفائها انتفاء الصلاة وهو حسن لو أخل بنية الجماعة تفصيلا واجمالا اما لو نواها اجمالا في ضمن نية أصل نوع الصلاة التي اخذ فيها الجماعة فلا وجه لبطلان الجماعة ولا الصلاة فتغني حينئذ نية الجمعة عن الجماعة كما تغني عن سائر شروطها وهو الذي رجحه صاحبا المدارك والذخيرة تبعا للمحكى عن المحقق الأردبيلي قدس الله اسرارهم اللهم الا ان يقال إن الجماعة إذا كانت مأخوذة في الجمعة فلابد في تحققها من قصدها وليس من قبيل سائر الشروط إذ ليس فيها ما يعتبر في تحققه قصده كما لا يخفى فالأجود ما عليه جماعة تبعا للشهيد والمحقق الثاني من وجوب القصد إلى الإمامة ظاهرا انتهى. أقول الظاهر أن مفهوم الجماعة بل وكذا الإمامة كسائر الشروط المعتبرة فيها غير متوقف على القصد فما رجحه في المدارك غيره من عدم اعتبار قصد الإمامة لا يخلو من قوة اللهم الا ان يقال إن العلم بشرعية الصلاة التي قصد التلبس بها موقوف على أن يقصد اما الإمامة أو الايتمام والا فلا يتأتي منه قصد التقرب فليتأمل وكذا لابد من القصد إلى امام متحد معين بلا خلاف فيهما على الظاهر بل اجماعا كما ادعاه غير واحد فلو كان بين يديه اثنان مثلا فنوى الايتمام بهما أو بأحدهما ولم يعين بان قصد الايتمام بأحدهما على سبيل الاجمال والابهام الصادق على كل واحد منهما اي أحدهما لا بعينه لم تنعقد الجماعة كما يدل على الأول مضافا إلى الاجماع انه لم يشرع الجماعة كذلك فلا يترتب عليه احكامها الثابتة في الشريعة بل وكذلك الثاني مع أن الايتمام علاقة خارجية لا يعقل تعلقها بالمبهم الذي ليس له وجود الا في الذهن اي مفهوم أحدهما نعم يمكن ان يتعلق بواحد معين مردد عنده بين شخصين أو أكثر كما لو صلوا جميعا بين يديه وتوافقوا في الافعال وكان أحدهم زيد الذي يعتقد بعدالته فنوي الاقتداء به واحرز متابعته بفعله في ضمن فعل الجميع أو وقف بين جماعتين يعلم اجمالا بان إحديهما تقتدي بزيد والأخرى بعمرو فنوى الايتمام بزيد حال اشتغال الامامين بالقراءة وهو يعلم بأنه لدى افتراق أحدهما عن الاخر يميز مقتداه بصوت مؤذنه مثلا ويتمكن من متابعته في افعاله إلى غير ذلك من الفروض التي يتمكن فيها من الايتمام بأحدهما المعين في الواقع المردد عنده ففي مثل هذه الموارد لا مانع عن الالتزام بالصحة لحصول الاقتداء بمعين في الواقع وتردده عنده بين شخصين أو أكثر مع علمه اجمالا بوجوده بين يديه وكونه مقتديا بافعاله غير قادح في ذلك إذ لا دليل على اعتبار تمييز شخص الامام عما عداه مفصلا بل الأصل قاض بعدمه ولم يظهر من حكم الأصحاب بوجوب القصد إلى امام معين إرادة ما ينافيه بل كثيرا ما لدى كثرة الجماعة يشتبه شخص الامام على من بعد عنه ويتردد بين متعدد أو بينه وبين شبح اخر يراه من بعيد فغاية ما يلزم في فرض وقوفه بين الجماعتين مثلا انه لا يعلم بمكان امامه الذي هو زيد وان اتصاله به هل هو من جانبه الأيمن أو الأيسر فليتأمل ولو نوى الاقتداء بزيد فظهر انه عمرو بطلت صلاته وان كان عمروا أيضا اهلا للإمامة على ما صرح به غير واحد بل ربما يظهر من كلماتهم التسالم عليه وعللوه بان من قصد الاقتداء به لم يقتد به ومن اقتدى به لم يقصده بالاقتداء وقد صرح في الجواهر بعدم الفرق في ذلك بين ظهور ذلك بعد الفراغ أو في الأثناء إذ نية الانفراد هنا كعدمها لعدم وقوع ما نواه وعدم نية ما وقع عنه وفائدة التعيين التوصل به إلى الواقع لا انه يكفي وان خالف الواقع انتهى أقول إن تم اجماعهم عليه فهو والا فللنظر فيه مجال كما اعترف به شيخنا المرتضى رحمه الله اما أولا فإنهم اعترفوا بأنه لو اقتدى بهذا الحاضر معتقدا انه زيد فبان انه عمرو لم يقدح ذلك في صحة اقتدائه لكون مقتداه متعينا لديه بالإشارة واعتقاد كونه زيدا لا يخرجه عن كونه بعينة مقصودا بالاقتداء فحينئذ نقول إن ما نحن فيه لا محالة يؤل إلى ذلك لما أشرنا إليه انفا من أن الايتمام علاقة خارجية لا يعقل تعلقه بمفهوم زيد بل بالشخص الخارجي الذي اعتقده زيدا وهو هذا الحاضر فاعتقاد صدق عنوان زيد على هذا الحاضر سبب لقصد الايتمام بهذا الشخص الحاضر
(٦٥٦)