وغيرها مما عرفت واما ما قيل من أن الصلاة على الميت اكرام ودعاء له ففيه انه لا إحاطة لنا بمناط الاحكام التعبدية فمن الجائز ان يكون وجه وجوبها اعظام اظهار الشهادتين والدعاء لا يجب ان يكون له بل قد يكون عليه أو لوالديه أو بالحشر مع من يتولاه أو غير ذلك مما ستعرف أو طفلا له ست سنين ممن له حكم الاسلام بالتولد أو الالتقاط من ارض المسلمين أو السبي بناء على تبعيته للسابي حتى في هذا الحكم ولكنك عرفت في مبحث النجاسات انه لا يخلو من مناقشة على المشهور بل عن السيد في الانتصار والعلامة في المنتهى دعوى الاجماع عليه ولعله إلى هذا يرجع ما عن الصدوق في المقنع والشيخ المفيد في المقنعة والجعفي من أنه لا يصلى عليه حتى يعقل الصلاة إذا الظاهر كون هذه العبارة مأخوذة من الروايات الآتية التي فسر فيها العقل ببلوغ الست سنين وحكى عن ابن الجنيد القول بوجوبها على المستهل يعني من رفع صوته بالبكاء وعن ابن أبي عقيل أنه قال لا تجب الصلاة على الصبي حتى يبلغ ويدل على المشهور صحيحة زرارة قال مات ابن لأبي جعفر (ع) فأخبر بموته فامر به فغسل وكفن ومشى معه فصلى عليه وطرحت خمرة فقام عليها ثم قام على قبره حتى فرغ منه ثم انصرف وانصرفت معه حتى انى لامشي معه فقال اما انه لم يكن يصلى على مثل هذا وكان ابن ثلاث سنين وكان علي (ع) يأمر به فيدفن ولا يصلى عليه ولكن الناس صنعوا شيئا فنحن نصنع مثله قال قلت فمتى تجب عليه الصلاة فقال إذا عقل الصلاة وكان ابن ست سنين الحديث عن الصدوق مرسلا قال صلى أبو جعفر (ع) على ابن له صغير له ثلاث سنين فقال لولا أن الناس يقولون إن بني هاشم لا يصلون على الصغار من أولادهم ما صليت عليه قال وسئل متى تجب الصلاة عليه قال إذا عقل الصلاة وكان ابن ست سنين وصحيحة الحلبي وزرارة جميعا عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن الصلاة على الصبي متى يصلى عليه فقال إذا عقل الصلاة قلت متى تجب الصلاة عليه قال إذا كان ابن ست سنين والصيام إذا اطاقه والمراد بوجوب الصلاة عليه إذا كان ابن ست سنين والصيام إذا اطاقه مطلق الثبوت لا الوجوب المصطلح فكأن السائل فهم من قوله (ع) إذا عقل الصلاة إرادة الكناية عن زمان كونه مكلفا بأدائها فسئله عن جده وكيف كان فهذه الصحيحة بظاهرها مسوقة لبيان أمرين أحدهما انه متى يصلى على الصبي وقد جعل الإمام (ع) حده ان يعقل الصلاة الثاني انه متى يثبت في حقه التكليف بأداء الصلاة وقد حده بان يكون ابن ست سنين وحيث إن التكليف بأداء الصلاة لا يصح الا بعد ان يعقلها يفهم من هاتين القضيتين بالالتزام انه إذا بلغ ست سنين يجب ان يصلى عليه إذا مات ولكن مقتضى اطلاق الحكم الأول اي تحديد زمان وجوب الصلاة عليه بان يعقله ان لم نجعله كناية عن زمان صيرورته مكلفا بأدائها المحدود في ذيل الرواية بالبلوغ ست سنين هو وجوب الصلاة على من عقل وان لم يبلغ ست سنين ولكنه يجب تقيده بما إذا بلغ الست سنين جمعا بينه و بين صحيحة زرارة ومرسله الصدوق المتقدمتين اللتين وقع فيهما تحديد وجوب الصلاة بان يعقل الصلاة ويكون ابن ست سنين فعطف قوله (ع) وكان ابن ست سنين على قوله إذا عقل الصلاة الواردين في هاتين الروايتين اما من قبيل عطف الخاص على العام أو عطف تفسير وربما يشهد لإرادة التفسير من العطف صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) في الصبي متى يصلي عليه قال إذا عقل الصلاة قلت متى يعقل الصلاة ويجب عليه قال لست سنين هكذا ورواها في الحدائق وغيره وعلى هذا فهي بنفسها حجة كافية للمدعي ومفسرة لما في غيره من الابهام والاجمال ولكن في الوسائل بل وكذا في التهذيب الذي هو الأصل في روايتها رواها في باب استحباب امر الصبيان بالصلاة لست سنين أو سبع نحوه الا أنه قال في الصبي متى يصلي باسقاط لفظ عليه فعلى هذا هي أجنبية عن هذا الباب ولكنه مع ذلك يصح الاستشهاد بها لإرادة التفسير من العطف الواقع في هذين الخبرين كما أنه يتم الاستدلال بها للمدعي بانضمامها إلى ما ورد من تحديد وقت الصلاة عليه بما إذا عقل الصلاة بالتقريب المتقدم في صحيحة الحلبي كما لا يخفي على المتأمل وقد ظهر بما ذكر انه لا منافاة بين التحديد بالست المستفاد من الروايات المزبورة وبين صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سئلته عن الصبي أيصلى عليه إذا مات وهو ابن خمس سنين قال إذا عقل الصلاة فصل عليه فإنه يستفاد من الأخبار السابقة كون الشرط منزلا على الغالب بمقتضى القابلية وله حد تقريبي اعتبره الشارع مناطا لحكمه وهو بلوغ الست سنين حجة القول بوجوبها على المستهل صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال لا يصلى المنفوس وهو المولود الذي لم يستهل ولم يصح ولا يورث من الدية ولا من غيرها وإذا استهل فصل عليه وورثه وصحيحة علي بن يقطين قال سئلت أبا الحسن (ع) لكم يصلى على الصبي إذا بلغ من السنين والمشهور قال يصلى عليه على كل حال الا ان يسقط لغير تمام وخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن ابائه (ع) قال يورث الصبي ويصلى عليه إذا سقط من بطن أمه واستهل صارخا وإذا لم يستهل صارخا لم يورث ولم يصل عليه وفيه ان المتعين اما حمل هذه الأخبار على الاستحباب كما نسب إلى المشهور أو التقية كما جزم به في الحدائق لعدم صلاحيتها لمعارضة المعتبرة المستفيضة التي هي نص في في لوجوب التي تقدم جملة منها ومنها صحيحة زرارة أو حسنته قال رأيت ابنا لأبي عبد الله (ع) في حيوة أبي جعفر (ع) يقال له عبد الله فطيم قد درج فقلت له يا غلام من ذا الذي إلى جنبك لمولى لهم فقال هذا مولاي فقال له المولى يمازحه لست لك بمولى فقال ذلك شر لك فطعن في جنازة الغلام فمات فخرج أبو جعفر (ع) في جنازته وعليه جبة خز صفراء وعمامة خز صفراء ومطرف خز اصفر إلى أن قال فصلى عليه فكبر عليه أربعا ثم امر به فدفن ثم اخذ بيدي فتنحى بي ثم قال لم يكن يصلى على الأطفال انما كان أمير المؤمنين (ع) يأمر بهم فيدفنون من وراء ولا يصلي عليهم وانما صليت عليه من اجل هذا المدينة كراهية ان يقولوا لا يصلون على أطفالهم وخبر علي بن عبد الله قال سمعت أبا الحسن موسى (ع) يقول لما قبض إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله جرت فيه ثلاث سنين إلى أن قال قال يا علي قم فجهز ابني فقام علي (ع) فغسل إبراهيم وكفنه
(٤٩٣)