خروج ذلك عن محل البحث نعم عن جملة من المتأخرين تقييده بما إذا لم يؤد إلى العلو المفرط بل عن النجيبية الاجماع عليه ولعل مرجعه إلى ما سمعته من السرائر وكيف كان فيدل على المدعى قوله عليه السلام في ذيل موثقة عمار المتقدمة ان كان رجل فوق بيت أو غير ذلك دكانا كان أو غيره وكان الامام يصلي على الأرض أسفل منه جاز للرجل ان يصلي خلفه ويقتدي بصلاته وان كان ارفع منه بشئ كثير وموثقته الأخرى قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي بالقوم وخلفه دار فيها نساء هل يجوز لهن ان يصلين خلفه قال نعم ان كان الامام أسفل منهن الحديث وخبر علي بن جعفر المروي عن كتاب المسائل عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الرجل هل يحل له ان يصلي خلف الامام فوق دكان قال إذا كان مع القوم في الصف فلا بأس أقول يحتمل ان يكون التقييد بكونه مع القوم للتحرز عن كراهة الانفراد بالصف أو الاحتراز عن كونه بعيدا عنهم ولا يعارضهما رواية محمد بن عبد الله عن الرضا عليه السلام قال سئلته عن الامام يصلي في موضع والذين خلفه يصلون في موضع أسفل منه أو يصلي في موضع ارفع منه قال يكون مكانهم مستويا لوجوب حمل هذه الرواية على الأفضلية جمعا والله العالم ولا يجوز تباعد المأموم عن الامام بما يكون كثيرا في العادة إذا لم تكن بينهما صفوف متصلة لا تباعد بينها كذلك اما إذا توالت الصفوف فلا بأس اما اشتراط عدم التباعد الا مع اتصال الصفوف فمما لا خلاف فيه على اجماله بين الأصحاب كما أنه لا خلاف بينهم بل ولا اشكال في في لبأس بالبعد مع الاتصال للأصل مضافا إلى السيرة والاجماع ولكنهم اختلفوا في تحديد البعد المانع فعن الحلبي والسيد بن زهرة تحديده بما لا يتخطى مدعيا ثانيهما الاجماع قال لا يجوز ان يكون بين الامام والمأموميين ولا بين الصفين ما لا يتخطى من بناء ومسافة أو نهر ثم ادعى الاجماع على ذلك وحكى عن غير واحد من المتأخرين أيضا اختياره بل عن السيد في المصباح أنه قال ينبغي ان يكون بين كل صفين قدر مسقط الانسان إذا سجد أو مربض عنز فان تجاوز ذلك إلى القدر الذي لا يتخطى لم يجز انتهى وفي المدارك نقل عن الشيخ في الخلاف أنه قال حده مع عدم اتصال الصفوف ما يمنع من مشاهدته والاقتداء بأفعاله ثم قال ويظهر منه في المبسوط جواز البعد بثلاثمائة ذراع انتهى واعترضه غير واحد بمخالفة هذه النسبة للواقع إذ لا يظهر من المبسوط اختيار هذا القول بل ربما يظهر منه خلافه فان عبارة المبسوط على ما نقلها في الحدائق وغيره ما صورته وحد البعد ما جرت العادة بتسميته بعدا وحد قوم ذلك بثلاثمائة ذراع وقالوا على هذا ان وقف وبينه وبين الامام ثلاثمائة ذراع ثم وقف اخر وبينه وبين هذا المأموم ثلاثمائة ذراع ثم على هذا الحساب والتقدير بالغا ما بلغوا صحت صلاتهم قالوا وكذلك إذا اتصلت الصفوف في المسجد ثم اتصلت بالأسواق والدروب والدور بعد ان يشاهد بعضهم بعضا ويرى الأولون الامام صحت صلاة الكل وهذا قريب على مذهبنا أيضا انتهى قال العلامة على ما حكى عنه ان مراده بالقوم هنا بعض الجمهور إذ لا قول لعلمائنا في ذلك وكيف كان فعبارته ظاهرة في عدم كون التحديد بثلاثمائة ذراع مختارا له اللهم الا ان يجعل قوله وهذا قريب إلى مذهبنا إشارة إلى جميع ما تقدم وهو لا يخلو من بعد إذ لا ينبغي الارتياب في أن ما جرت العادة بتسميته بعدا بالنظر إلى الصلاة في جماعة لا يقرب من هذا الحد بل ولا عشره واما ما نسبه إليه في الخلاف ففي الجواهر نقل عن موضع من الخلاف ما هو صريح في خلافه فإنه حكى عن موضع منه أنه قال الثاني من صلى خارج المسجد وليس بينه وبين الامام حائل وهو قريب من الامام والصفوف متصلة به صحت صلاته وان كان على بعد لم تصح صلاته وان علم بصلاة الامام وبه قال جميع الفقهاء الا عطاء فإنه قال إذا كان عالما بصلاته صحت صلاته وان كان على بعد من المسجد دليلنا على أن ما اعتبرناه مجمع عليه وما ادعاه ليس عليه دليل نعم بعد ان ذكر ان الماء ليس بحائل قال مسألة إذا قلنا إن الماء ليس بحايل فلا حد في ذلك إذا انتهى إليه يمنع من الايتمام به الا ما يمنع من مشاهدته والاقتداء بافعاله وقال الشافعي يجوز ذلك إلى ثلاثمائة ذراع فان زاد على ذلك لا يجوز دليلنا ان تحدد ذلك يحتاج إلى شرع وليس فيه ما يدل عليه وهذه العبارة ظاهرة فيما نسب إليه ولكن قد يقال بان المتجه حملها على ارادته في خصوص مورده بقرينة ما سمعت فعلى هذا لو انعقدت الجماعة في سفينتين لم يعتبر في لتباعد بينهما وكيف كان فعلى تقدير تحقق النسبة لا ينبغي الارتياب في ضعفه إذ لا مجال للتشكيك في اعتبار عدم تباعد المأموم عن الامام أو الصفوف المتصلة به بما يكون كثيرا في العادة بحيث يعد في العرف أجنبيا عن الجماعة فإنه مع في لخلاف فيه ظاهرا واستفاضة نقل الاجماع عليه ربما يستفاد من تضاعيف الآثار الواردة في الجمعة والجماعة كالاخبار الواردة في فضلها وفضيلة السعي إليها والنهي عن ترك الحضور إليها وما دل على اعتبار تقديم الامام ووقوف المأموم خلفه أو جانبه وما ورد في حكمه تشريعها إلى غير ذلك من الاخبار المشعرة أو الظاهرة في كون الاجتماع في مكان مأخوذا في قوام ذاتها مما لا يخفى على المتتبع وكفاك شاهدا عليه قوله عليه السلام في الصحيح عن زرارة والفضيل قالا قلنا له الصلاة في جماعة فريضة هي فقال الصلوات فريضة وليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها ولكنه سنة من تركها رغبة عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علة فلا صلاة له وما عن المفيد في المقنعة مرسلا قال إن الرواية جاءت عن الصادقين ان الله جل جلاله فرض على عباده من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة ولم يفرض فيها الاجتماع الا في صلاة الجمعة خاصة فلا شبهة في كون الاجتماع الذي هو حقيقة في المعية مكانا معتبرا في ماهية الجماعة ولكنك خبير بان مفهوم المعية والاجتماع الذي يمكن الاستفادة اعتباره من مثل هذه الأخبار مهية مقولة بالتشكيك فربما يختفي صدقها على بعض المصاديق كما لو تخلل بينهما نهر أو طريق أو حائط أو كان أحدهما أعلى والاخر أسفل أو كان بينهما مسافة يشك في كون مثلها يعد بعدا في العادة ففي مثل هذه الموارد لو لم يرد نص خاص يمكن استفادة حكمه منه وجب العمل بما يقتضيه الأصل من البراءة أو الاشتغال كما سنحققه إن شاء الله حجة القول باعتبار ان لا يكون بقدر ما لا يتخطى قوله عليه السلام في صحيحة زرارة المتقدمة في المسألة السابقة ان صلى قوم وبينهم
(٦٣٤)