لدي الشك في المقصود واما مع العلم به كما في مفروض كلامنا فلا وجه له نعم قد يتجه هيهنا الترجيح باقوائية القصد وأصالته بان يقال إن كان القصد أولا وبالذات متعلقا بمسمى الاسم ثم بهذا الحاضر باعتبار كونه مصداقا فالوجه البطلان وان كان بعكسه فالصحة وان تساويا فوجهان أوجههما الصحة إذا العبرة بقصد الاقتداء بهذا الحاضر وهو حاصل لا بعدم قصد الايتمام بشخص غائب حتى يكون قصده مقتضيا للبطلان كما قد يتوهم ولكن لا يخفى عليك ان التفصيل المزبور انما يتجه لو قلنا بالبطلان في الفرع السابق وقد عرفت انه ان لم يكن اجماعيا محل نظر بل منع فالأقوى في المقام هو الصحة مطلقا والله العالم ولو شك في أنه هل نوى الايتمام أم لا بنى على عدمه الا ان يكون مشغولا بافعال الجماعة مثل التسبيح في الاخفاتية والانصات في الجهرية ومتابعته للامام في القنوت وسائر افعاله فلا يلتفت حينئذ إلى شكه لكونه شكا في الشئ بعد تجاوز محله ويكفى في حصول نية الايتمام دخوله في المسجد مثلا بقصد الجماعة وقيامه إليها وان لم يلتفت حين تلبسه بالصلاة إلى وجه عمله لما عرفت في مبحث النية من كفاية الداعي الباقي في النفس المسمى في عرف الفقهاء بالاستدامة الحكمية الذي هو من اثر الإرادة السابقة المقتضية لايقاع الفعل تدريجا على حسب ما اراده في صحة العبادة فلو قام إلى الصلاة بهذا العزم ثم وجد نفسه حال تلبسه بالصلاة مشغولا بوظيفة المنفرد كالقراءة ونحوها فإن لم يحتمل انفساخ عزمه السابق حين دخوله في الصلاة بنى على ما قام إليه ولا يعتد بما يفعله من وظيفة المنفرد وان احتمل ذلك فهل يبنى على كونه جامعا أو منفردا وجهان من اصالة عدم انفساخ عزمه المستلزم لصدور هذا الفعل منه خطاء أو بإرادة غير منافية لقصد الجماعة ومن اصالة عدم صدور وظيفة المنفرد منه خطاء ومخالفة كونه بإرادة أخرى غير منافية لنية الجماعة للأصل والظاهر ولعل الأول أقوى إذ لا يثبت بأصالة عدم انفساخ عزمه السابق حتى يرفع اليد عن اثره ولكن الأحوط تجديد نية الانفراد واتمام صلاته كذلك ان جوزناها اختيارا كما هو المختار أو تجديد نية الاقتداء ان قلنا بجوازه للمنفرد والا فاتمام صلاته مأموما ثم الإعادة ولو نوى الايتمام بأحد الامامين معينا ثم شك في أثناء الصلاة في أنه هل نوى الايتمام بهذا أم ذاك فان تمكن من متابعة ذلك المعين على سبيل الاجمال كما فيما لو عرضه الشك بعد رفع الامامين رأسهما من السجدة الأخيرة أو قبلهما مع توافقهما فيما بقي من صلاتهما مضى في صلاته مؤتما بمن نواه والا انفرد ولو لم نقل بجوازه اختيارا لأنه من مواقع الضرورة ولو صلى اثنان فقال كل منهما كنت اماما صحت صلاتهما بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه لاتيانه بما وجب عليه من القراءة وغيرها ويدل عليه أيضا رواية السكوني الآتية نعم لو اتفق في الأثناء شك واعتمد أحدهما على فعل صاحبه اتجه البطلان اما لكونه اثر الشك في غير الإمام والمأموم كما لو كان في الأوليين مثلا أو لعدم العمل بوظيفته لو كان في الأخيرتين كما أنه قد يتجه ذلك فيما لو كانت الصلاة معادة لادراك فضيلة الجماعة فان فرض نية كل منهما الإمامة يوجب انفرادهما وهو مقتضى للبطلان بناء على عدم مشروعية اعادتها الا بهذا الوجه ولو قال كل منهما كنت مأموما بحيث حصل الوثوق بقولهما لم تصح صلاتهما في الجواهر بلا خلاف أجده فيه بل ظاهر جماعة الاجماع عليه بل هو صريح التذكرة وعللوه بالاخلال بالقراءة الواجبة أقول بل ربما قيل بذلك وان قرء بنية الندب بناء على أن الندب يجزي عن الواجب ولكنه نوقش في ذلك اما أولا فبان الامر الندبي بالقراءة ليس على أنها مستحب مستقل بل معناه انه يستحب مع عدم سماع الهمهمة ان لا يجتزى بقراءة الامام بل يقرأ لنفسه على أنه قراءة الصلاة فيرجع حاصله إلى أن القراءة التي هي جزء لصلواته له ان يكلها إلى الامام وله ان يتولاها بنفسه فهذه القراءة بعينها هي من اجزاء الصلاة وليست مستحبة برأسها واما ثانيا فلمنع إجزاء الندب عن الواجب أقول اما المناقشة الأولى ففي محلها واما الثانية وهى منع في جزاء الندب فلا تخلو من نظر لان كونها جزء مستحبيا موقوف على مغايرتها بالذات لما هو معروض للوجوب ببعض الوجوه والاعتبارات التي لا إحاطة لنا بها كمغايرة فريضة الصبح ونافلته بالذات والا لرجع إلى الوجه الأول وهو كون سقوطها عنه رخصة لا عزيمة وعلى تقدير المغايرة يكون الاجتزاء بها عن القراءة الواجبة مخالفا للأصل فيتأمل وربما يناقش في أصل الاستدلال بان الحكم بالبطلان بمجرد ترك القراءة الواجبة مشكل إذ لا مستند له عدى عموم قوله (ع) لا صلاة الا بفاتحة الكتاب وهو مخصص بقوله (ع) لا تعاد الصلاة الا من خمسة اللهم الا ان يدعى انصرافه إلى السهو ولكنه لا يخلو من نظر كما يظهر وجهه مما مر في المسألة السابقة فظهر بما ذكرناه ان الاعتماد على الدليل المزبور في اثبات الحكم المذكور كما هو ظاهر غير واحد أو صريحه لا يخلو من اشكال واضعف منه الاستدلال له بأن ما نواه وهو ايتمام كل منهما بالاخر غير واقع والانفراد غير منوى فلا يصح سواء اتى بوظيفة المنفرد كما لو يسمع صوت الامام فقرء في نفسه بنية الوجوب بزعم وجوبها في هذا الحال أو نوى الايتمام في الاخرتين كما لو كانا في الأوليين مؤتمين بثالث فحدث للامام حدث أو فرغ من صلاته فنوى كل من المأمومين الايتمام بالاخر في بقية صلاته أو قصد الانفراد بعد دخوله في الصلاة أم اتى بوظيفة الجامع لما تقدمت الإشارة إليه من أن هذا الدليل انما يتجه لو قلنا بان الجماعة والفرادى نوعان من الصلاة لم يجز العدول عن أحدهما إلى الاخر الا بدليل تعبدي وهو خلاف التحقيق بل الحق ان بطلان القدوة لا يستلزم بطلان أصل الصلاة بل يلحقها احكام الفرادى فعمدة ما يصح الاستناد إليه في المقام هو النص الخاص الوارد فيه وهو خبر السكوني عن أبي عبد الله (ع) عن ابائه (ع) عن علي عليه السلام أنه قال في رجلين اختلفا فقال أحدهما كنت امامك وقال الآخر كنت امامك ان صلاتهما تامة قال قلت فان قال كل واحد منهما كنت ائتم بك قال فصلاتهما فاسدة ليستأنفا وعن المحقق الشيخ على رحمه الله انه استشكل في البطلان قال لان إخبار كل منهما بالايتمام بالاخر يتضمن الاقرار على الغير فلا يقبل كما لو اخبر الامام بعد الصلاة
(٦٥٨)