لا صحة الاستدلال بها عليه ولعلهم استنبطوا هذه الكيفية من مجموع الأخبار وغيرها من القرائن الخارجية ككراهة التنفل بعد العصر وبين الطلوعين واستحباب الجمع بين الصلاتين وما دل على أفضلية تقديم النافلة يوم الجمعة على الفريضة كصحيحه علي بن يقطين عن أبيه قال سألت أبا الحسن (ع) عن النافلة التي تصلي يوم الجمعة وقت الفريضة قبل الجمعة أفضل أو بعدها قال قبل الصلاة بضميمة النصوص المستفيضة الدالة على أفضلية البدأة بالفريضة بعد تحقق الزوال ولكنك خبير بعدم صلاحية شئ مما ذكر لرفع اليد عن ظواهر النصوص الخاصة المصرحة بتأخير الست عن الجمعة والروايات المستفيضة الأدلة على أن وقت العصر في يوم الجمعة وهو وقت الظهر من سائر الأيام التي ربما تمسكوا بها الاستحباب الجمع غير منافية لذلك فان وقت الظهر من سائر الأيام بعد الزوال بقدم أو قدمين لمكان النافلة ولعل الحكمة فوضع الست صيرورتها مع الجمعة ثماني بعدد نافلة الظهر التي جعل لها قدم أو قدمان في سائر الأيام وكيف كان فالقول باستحباب الست بعد فرض الظهر كما حكى عن السيد وابن أبي عقيل والجعفي وجمع من الأصحاب أوفق بظواهر الأخبار والله العالم ولو اخر النافلة اجمع إلى بعد الزوال جاز ولكن الأفضل (ح) تأخيرها عن الفريضة كما يدل عليه خبر سليمان بن خالد قال قلت لأبي عبد الله (ع) اقدم يوم الجمعة شيئا من الركعات قال نعم ست ركعات قلت فأيهما أفضل اقدم الركعات يوم الجمعة أم أصليها بعد الفريضة قال تصليها بعد الفريضة أفضل و خبر عقبة بن مصعب قال سألت أبا عبد الله (ع) فقلت أيما أفضل اقدم الركعات يوم الجمعة أو أصليها بعد الفريضة قال بل تصليها بعد الفريضة فان مقتضى الجمع بينهما وبين غيرهما من الأخبار المزبورة هو حمل هذين الخبرين على إرادة ما بعد الزوال بل قد يستشعر ذلك من السؤال الواقع في الخبرين فإنه مشعر بإرادته في الوقت الصالح لكليهما وأفضل من ذلك تقديمها موزعا لها على حسب ما عرفت وقد عرفت انه ان صلى بين الفرضين ست ركعات جاز بل لا يبعد الالتزام بان هذا هو الأفضل لاستفاضة النصوص بذلك وسلامتها عن معارض مكافؤ والله العالم وان يباكر المصلي إلى المسجد الأعظم الذي تصلي فيه الجمعة ويدل عليه خبر جابر قال كان أبو جعفر (ع) يبكر إلى المسجد يوم الجمعة حين تكون الشمس قدر رمح فإذا كان شهر رمضان يكون قبل ذلك وكان يقول إن لجمع شهر رمضان على جميع ساير الشهور فضل كفضل رمضان على سائر الشهور ويدل أيضا على استحباب السبق خبر محمد بن سلم عن أبي جعفر (ع) قال إذا كان يوم الجمعة نزل الملائكة المقربون معهم قراطيس من فضة وأقلام من ذهب فيجلسون على أبواب المسجد على كراسي من نور فيكتبون الناس على منازلهم الأول والثاني حتى يخرج الامام فإذا خرج الامام طووا صحفهم ولا يهبطون في شئ من الأيام الا يوم الجمعة يعني الملائكة المقربين وينبغي ان يكون السبق إلى المسجد بعد ان يحلق رأسه ويقص أظفاره ويأخذ من شاربه ولكن ليس شئ منها شرطا في استحبابه وفي المدارك قال في شرح العبارة اما استحباب حلق الرأس فلم أقف فيه على اثر وعلله في المعتبر بأنه يوم اجتماع بالناس فيجتنب ما ينفر واما استحباب قص الأظفار والاخذ من الشارب فيدل عليه صحيحة حفص بن البختري عن أبي عد الله (ع) قال اخذ الشارب والأظفار من الجمعة إلى الجمعة أمان من الجذام وفي رواية أخرى له عنه (ع) اخذ الشارب والأظفار وغسل الرأس بالخطمي يوم الجمعة ينفي الفقر ويزيد في الرزق وروي عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال من اخذ من شاربه وقلم من أظفاره وغسل رأسه بالخطمي يوم الجمعة كان كمن أعتق نسمة انتهى أقول ولعل فتوى المصنف (ره) وغيره باستحباب حلق الرأس و كونه من الزينة المحبوبة يوم الجمعة كاف في الالتزام به وأن يكون على سكينة ووقار ومطيبا لابسا أفضل ثيابه كما يدل عليه رواية هشام بن الحكم قال قال أبو عبد الله (ع) ليتزين أحدكم يوم الجمعة يغتسل ويتطيب ويسرح لحيته ويلبس أنظف ثيابه وليتهيأ للجمعة وليكن عليه في ذلك اليوم السكينة و الوقار وليحسن عبادة ربه وليفعل الخير ما استطاع فان الله يطلع على الأرض فيضاعف الحسنات وخبر زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال لا تدع الغسل يوم الجمعة فإنه سنة وشم الطيب والبس صالح ثيابك وليكن فراغك من الغسل قبل الزوال فإذا زالت فقم وعليك السكينة والوقار في المسالك السكينة في الأعضاء بمعنى اعتدال حركاتها والوقار في النفس بمعنى طمأنينتها وثباتها على وجه يوجب الخشوع والاقبال على الطاعة وان يدعو امام توجهه إلى المسجد بما رواه أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال ادع في العيدين ويوم الجمعة إذا تهيأت للخروج بهذا لادعاء تقول اللهم من تهيأ وتعبأ واعد واستعد لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده وطلب نائله وجوائزه وفواضله ونوافله فاليك يا سيد وفادتي وتهيأتي وتعبيتي واعدادي واستعدادي رجاء رفدك وجوائزك ونوافلك فلا تخيب اليوم رجائي يا من لا يخيب عليه سائل ولا ينقصه نائل فإن لم اتك اليوم بعمل صالح قدمته ولا شفاعة مخلوق رجوته ولكن اتيتك مقرا بالظلم والإسائة لا حجة لي ولا عذر فأسئلك يا رب ان تعطيني مسئلتي وتقلبني برغبتي ولا تردني نحوها ولا خائبا يا عظيم يا عظيم أرجوك للعظيم أسئلك يا عظيم ان تغفر لي العظيم لا إله إلا أنت اللهم صل على محمد وال محمد وارزقني خير هذا اليوم الذي شرفته وعظمته وتغسلني فيه من جميع ذنوبي وخطاياتي وزدني من فضلك انك أنت الوهاب وينبغي ان يكون الخطيب بليغا مراعيا لما يقتضيه الحال بالعبارات الفصيحة الخالية عن التعقيد فان للكلام البليغ اثرا بينا في النفوس مواظبا على الصلوات في أول أوقاتها وعلى الائتمار بما امر به والانزجار عما نهي عنه ليكون له وقع في النفوس فتكون موعظته أوقع في القلوب وأبلغ في حصول ما هو الغرض من شرع الجمعة والاجتماع ويكره له الكلام في أثناء الخطبة بغيرها لانفصام نظام الخطبة الموجب للوهن في الابلاغ والانذار ولانتظار المأمومين الذين يسأمون ولا يخلون غالبا عن حاجات ربما تفوت لطول المكث بل ربما قيل بالحرمة ولعله لتنزيلها منزلة الصلاة في بعض الأخبار وقد عرفت ضعفه فيما سبق بل قد يتأمل
(٤٦٢)