فلا ينافيه وجوب إعادة الصلاة عند انكشاف الخلاف ولكن يستشعر من التلويحات الواقعة فيها إرادة صحة الصلاة الواقعة فيما يشتري من السوق ما لم يعلم بكونها ميتة في الواقع لا في مرحلة الظاهر بحيث لا ينافيها وجوب الإعادة كما لا يخفى على المتأمل هذا مع أنه بحسب الظاهر لا قائل بالفرق بين هذه المسألة وبين ما لو صلى في ثوب متنجس جهلا وقد عرفت في تلك المسألة عدم وجوب الإعادة فكذلك في المقام لعدم القول بالفصل بل في الجواهر استظهر الاتفاق عليه فلا ينبغي التأمل فيه فان اخذه من غير مسلم أو وجده مطروحا على الأرض من غير أن يكون عليه اثر الاستعمال ممن يحكم باسلامه على التفصيل الذي عرفته في اخر كتاب الطهارة أعاد الصلاة سواء علم بعد الصلاة بكونه ميتة أم بقي على اشتباهه لأصالة في لتذكية المتفرع عليها عدم جواز اكل لحمه والصلاة فيه بالتقريب الذي تقدم تحقيقه في المبحث المشار إليه المعتضدة بمفهوم خبر إسحاق بن عمار عن العبد الصالح عليه السلام أنه قال لا باس بالصلاة في الفراء اليماني وفيما صنع في ارض الاسلام قلت فإن كان فيها غير أهل الاسلام قال إذا كان الغالب عليها المسلمون فلا باس وخبر إسماعيل بن عيسى قال سئلت أبا الحسن عليه السلام عن جلود الفراء يشتريها الرجل في سوق من أسواق الجبل أيسئل عن ذكاته إذا كان البايع مسلما غير عارف قال عليكم أنتم ان تسألوا عنه إذ رأيتم المشركون يبيعون ذلك وإذا رأيتم يصلون فيه فلا تسألوا عنه قوله عليه السلام وإذا رأيتم يصلون (الخ) بحسب الظاهر كناية عن كونهم من أهل القبلة اي مسلما فكأنه قال إذا كان البايع مسلما سواء كان عارفا أم غير عارف فلا تسئلوا عن ذكاته فيفهم من هذه الرواية أيضا كسابقتها ان مقتضى الأصل في الجلود لولا اقترانها بامارة التذكية ككونها في ارض الاسلام أو ارض غالب أهلها المسلمين أو كون بايعه مسلما عدم جواز الصلاة فيها ما لم يتفحص عن ذكاتها كما لا يخفى على المتأمل فتلخص مما ذكر انه لا يجوز الصلاة في الجلد المأخوذ من غير مسلم أو المطروح ونحوه فلو صلى فيه وجب عليه الإعادة سواء علم بعد الصلاة بكونه ميتة أم بقي على اشتباهه نعم لو صلى فيما اعتقد انه غير مذكى أو اخذه من غير مسلم أو وجده مطروحا على الأرض جاهلا بشرطية التذكية بحيث يتأتى منه نية التقرب ثم انكشف كونه مذكى في الواقع صحت صلاته فان شرط الصلاة هو نفس الطهارة والتذكية ولو في الظاهر لا العلم بهما وما في موثقة ابن بكير من تعليق جواز الصلاة فيه على العلم بكونه مذكى حيث قال فإن كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكل شئ منه جائز إذا علمت أنه ذكى وقد ذكاه الذبح فهو بحسب الظاهر من باب طريقته العلم للتذكية التي هي الشرط للصلاة لا لكونه مأخوذا قيدا في شرطيته كما هو الغالب في موارد استعمالات لفظ العلم وكيف كان فهذه الموثقة أيضا شاهدة على أصل المدعى وهو بطلان الصلاة الواقعة فيما اخذه من غير مسلم أو وجده مطروحا على الأرض ما لم يعلم بكونه مذكى الثالث إذا لم يعلم أنه من جنس ما يصلي فيه كان لم يعلم كونه جلد مأكول اللحم أو غيره أو حريرا أو غير حرير وصلى أعاد على الأشهر بل المشهور بل في الجواهر بلا خلاف معتد به بل في المدارك هذا الحكم مقطوع به في كلمات الأصحاب ولكنك عرفت في مبحث اللباس ان الأظهر خلافه والله العالم واما السهو والمراد به هيهنا ما يعم النسيان لا ما يقابله كما لا يخفى وهو كما يتعلق بالموضوع كذلك قد يتعلق بالحكم الشرعي والمقصود بالذكر هيهنا هو الأول واما ناسي الحكم أو ساهية فهو كجاهله غير معذور وان كان عن تقصير والا فمعذور من حيث المؤاخذة لا في مضى عمله لما عرفته في الجاهل فان أحل بركن اي ترك ركنا من الأركان الخمسة التي تقدم التنبيه عليها عند التعرض لافعال الصلاة وهي النية وتكبيرة الاحرام والقيام حال التكبير وما قبل الركوع والركوع والسجدتين أعاد الصلاة اما مع الاخلال بالنية فواضح بل تسميتها إعادة مسامحة إذ لا صلاة عرفا وشرعا الا مع النية واما وجوب اعادتها بالاخلال بتكبيرة الاحرام أو القيام حالها أو القيام المتصل بالركوع فقد ظهر وجهه لدى التكلم في ركنيتها فلا نطيل بالإعادة واما الركوع والسجدتين فيدل على وجوب إعادة الصلاة بالاخلال بهما مضافا إلى الاجماع والأخبار الآتية الدالة على إعادة الصلاة بنسيانهما ومفهوم قول أبي جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة لا تعاد الصلاة الا من خمسة الطهور والوقت والقبلة والركوع (والسجود) جملة من الروايات التي يظهر منها شدة الاهتمام بالركوع والسجود واعتبارهما في قوام مهية الصلاة من حيث هي مثل ما عن الكافي باسناده عن الحلبي (عن أبي عبد الله عليه السلام قال الصلاة ثلاثة أثلاث ثلث طهور وثلث ركوع وثلث سجود وعن عبد الله بن سنان) عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن الله فرض من الصلاة الركوع والسجود (الخ) وعن الصدوق باسناده عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال إن الله فرض الركوع والسجود والقراءة سنة (الخ) وعنه أيضا قال سئلت أبا جعفر عليه السلام عن الفرض في الصلاة فقال الوقت والطهور والقبلة والتوجه والركوع والسجود والدعاء قلت ما سوى ذلك قال سنة في فريضة وخبر محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام في حديث ان أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول إن أول صلاة أحدكم الركوع إلى غير ذلك من الروايات الدالة على اعتبارهما في مهية الصلاة من حيث هي من غير اختصاصه بحال التذكر ولا يعارضها بعض الروايات التي يظهر منها عدم بطلان الصلاة بنسيان الركوع والسجود مثل خبر حكم بن حكيم قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل ينسى من صلاته ركعة أو سجدة أو الشئ منها فقال يقضي ذلك بعينه فقلت أيعيد الصلاة قال لا وخبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا نسيت شيئا من الصلاة ركوعا أو سجودا أو تكبيرا ثم ذكرت فاصنع الذي فاتك سواء هكذا في موضع من نسخة الوسائل وفي موضعين آخرين من أبواب الخلل نقله بابدال لفظ سواء بسهو أو في أحد هذين الموضعين ذكر فاقض بدل فاصنع وصحيحة العيص بن القاسم قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي ركعة من صلاته حتى فرغ منها ثم ذكر انه لم يركع قال يقوم فيركع ويسجد سجدتي السهو ورواية عمار قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل ينسى الركوع أو سجدة هل عليه سجدتا السهو قال لا قد أتم الصلاة لوجوب ارتكاب التأويل في مثل هذه الأخبار بما لا ينافي ما عرفت أورد علمها إلى أهله بعد شذوذها واعراض الأصحاب عن ظواهرها فلا تصلح معارضته للمعتبرة المستفيضة المصرحة بالإعادة المعتضدة بغيرها مما عرفت فهذا مما لا شبهة فيه بل قد أشرنا عند التكلم في ركنية القيام المتصل بالركوع ان عدمة الدليل على بطلان الصلاة بالاخلال به سهوا انما هي شرطيته للركوع واما استقلاله بالسببية
(٥٣١)