على المدعى ويدل عليه أيضا في الجملة صحيحة زرارة ورواية أبي بصير والمرسل المحكى عن الفقه الرضوي المتقدمات في المسألة السابقة الدالة بظاهرها على وجوب تقديم المغرب على العشاء الفائتتين فيتم فيما عداهما بعدم القول بالفصل واستدل أيضا بصحيحة محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى الصلاة وهو جنب اليوم أو اليومين والثلاثة ثم ذكر بعد ذلك قال يتطهر ويؤذن ويقيم في أولهن ثم يصلي في أولهن ثم يصلي ويقيم بعد ذلك في كل صلاة الحديث وبالنبوي المشهور من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته وبالتأسي بما حكى عن فعل النبي صلى الله عليه وآله يوم الخندق وفي الجميع نظر فان صحيحة محمد بن مسلم بحسب الظاهر مسوقة لبيان وجوب قضاء ما صلاها في تلك الحال وجواز الاكتفاء بأذان واحد للجميع وتخصيصه بأولهن جار مجرى العادة من البدأة بأولهن لدى إرادة الخروج عن عهدة الجميع في مجلس واحد فلا يفهم من ذلك شرطية الترتيب وبهذا ظهر ضعف الاستشهاد بالتأسي بفعل النبي صلى الله عليه وآله إذ الفعل على تقدير ثبوته جار مجرى العادة وفي مثله لا يجب التأسي جزما واما النبوي فمع الغض عن سنده قاصر من حيث الدلالة إذ المتبادر من التشبيه ارادته بالنسبة إلى نفس الفريضة من حيث هي كما وكيفا من مثل القصر والاتمام والجهر والاخفات ونحوها لا الأمور الإضافية الخارجية ككونها متأخرة عن فائتة أخرى أو متقدمة عليها اللهم الا ان يقال هذا انما هو في الفرائض التي لا ترتب بينها في الأصل الا من حيث الزمان كغائبة هذا اليوم مع فائتة أخرى في الأزمنة السابقة واما الفوائت التي بينها في الأصل ترتب شرعا كالعشائين أو الظهرين من يوم واحد فالترتيب بالنسبة إليها كغيره من الشرائط المعتبرة فيها شرعا مما يعمه التشبيه ودعوى الانصراف عنه غير مسموعة فيتم فيما عداها بعدم القول بالفصل ولكنه لا يخلو من تأمل وكيف كان فما عن بعض مشائخ الوزير العلقمي من القول باعتبار الترتيب في غير الفرائض اليومية أيضا كصلاة الآيات و كذا بينها وبين اليومية لعموم هذا الدليل في غاية الضعف إذ بعد تسليم سنده والغض عن انصراف لفظ الفريضة إلى اليومية ما عرفت من أنه ان سلمت دلالتها على الترتيب فهو بالنسبة إلى مثل الظهرين والعشائين المشتركين في الوقت اللتين بينهما ترتيب في الأصل وبالنسبة إلى ما عداها لا يتم الا بعدم القول بالفصل وهو في اليومية دون غيرها كما هو واضح وهل يختص اعتبار الترتيب في الفوائت اليومية بصورة العلم بالترتيب أو يعم حال الجهل أيضا فيجب من باب المقدمة العلمية الاتيان بما يقطع معه بحصول الترتيب مع الامكان وجهان بل قولان ربما نسب أولهما إلى الأكثر وهو لا يخلو من قوة فان عمدة مستند هذا الحكم هي الأخبار المتقدمة كما عرفت وهي قاصرة عن إفادة الاطلاق بحيث يعم حال الجهل لان موردها بحسب الظاهر هو صورة العلم اما ما عدى الصحيحة الأولى فواضح لوقوع السؤال فيها عن فوائت معلومة كالعشائين والظهرين واما الصحيحة فهي أيضا كذلك إذ الظاهر أن الخطاب بقوله عليه السلام ابدأ بأولهن انما توجه بعد فرض تمكنه من الاتيان بقضاء الصلوات التي عليه مرتبة مبتدأ بأولاهن باذان وإقامة ثم بإقامة إقامة حتى يأتي إلى اخرها ولا يكون ذلك الا مع العلم التفصيلي بها وبترتيبها والا فلا يتمكن من الاتيان بها مرتبة الا في ضمن محتملات كثيرة من باب المقدمة العلمية من غير أن يميز سابقها عن لاحقتها أصليتها عن مقدمتيها وهذا أجنبي عن مدلول هذه الرواية الا ترى انه لو القى هذا الكلام في جواب من سئل انه فاتته صلاة الصبح من هذا اليوم وعليه قضاء صلوات سابقة لو لم يكن عارفا بترتيبها لا يقنع بهذا الجواب بل يرى ذلك تكليف العالمين بالترتيب ويسئل ثانيا عن تكليفه وانه لا يعلم بترتيبها حتى يبدء بأولهن فلاحظ وقد يقال إن هذه الأخبار وان كان ظاهر مواردها هنا العلم لكنه ليس ظهور شرطية وفيه ان التخطي عن مورد النص الذي ليس له اطلاق يتوقف على القطع بعدم مدخلية الخصوصية في الحكم و الا فهو قياس لا يجوز التعويل عليه فمقتضى الأصل في غير مورد النص اي صورة الجهل الرجوع إلى اصالة البراءة من التكليف بالترتيب ولا يخفى عليك ان ما ادعيناه من ظهور الاخبار المزبورة في حال العلم ليس مبنيا على ما قد يدعى من اعتبار العلم في كل حكم وضعي استفيد من الامر والا يلزمه التكليف بالمحال كي يتوجه عليه فساد المبنى بما تقرر في محله كما تقدمت الإشارة إليه في غير مرة في مطاوي كلماتنا السابقة وانما ادعيناه في خصوص المقام للخصوصيات التي تقدمت الإشارة إليها واستدل عليه أيضا في محكى الذكرى بامتناع التكليف بالمحال واستلزام التكرار المحصل له الحرج المنفي يعني ان ايجاب الترتيب لدى الجهل به تكليف بما لا طريق للمكلف إلى العلم بحصوله الا من باب الاحتياط بالتكرار والمستلزم له وهو حرج منفي في الشريعة وأجيب بمنع الحرج في التكرار المحصل له ضرورة كونه كمن فاتته مقدار ذلك العدد الذي يحصل به الجزم بالترتيب يقينا الذي من المعلوم عدم سقوط القضاء عنه لمشقته بل قد يقال بعد تسليم الحرج بعدم شمول دليل نفي الحرج لمثله إذ المراد نفيه في الدين اي في الأحكام الشرعية لا فيما يوجبه العقل لدى الاشتباه مقدمة للقطع بالامتثال مع أن الحرج ان سلم فهو فيما إذا كثرت الفوائت بحيث تعسر في العادة تكريرها بمقدار يحصل العلم بوقوعها مرتبة بخلاف ما لو قلت كفائتتين أو ثلاث أو اربع فيتجه حينئذ التفصيل بين ما لو توقف الجزم بحصول الترتيب على التكرير بمقدار يشق تحمله في العادة وما لا يبلغ إلى هذا الحدود دعوى في لقول بالفصل كما صدرت من بعض مما لا ينبغي الاصغاء إليها إذ لا وثوق بإرادة القائلين بالترتيب لاطلاقه حتى مع الحرج بل عن صريح كاشف الغطاء أو ظاهره القول بالتفصيل أقول اما منع استلزام الجزم بحصول الترتيب الحرج على اطلاقه فمجازفة فان من بلغ عمره ثمانين سنة مثلا وعلم ببطلان جل صلواته أو كلها لجهله بشئ من شرائطها مثلا فعليه قضاء جميعها من حين بلوغه فلو علم اجمالا بأنه قد فاتته في طول هذه المدة صلاة مقصورة من غير أن يميز وقتها فلا يمكنه الجزم بوقوعها مرتبة الا ان يصلي مع كل رباعية من تلك الصلوات الكثيرة ثنائية فأي مشقة أعظم من أن يتوقف الخروج عن عهدة فريضة واحدة على هذا المقدار من التكرار وهل وجد له نظير في الشرعيات وقياسه على الفرائض الكثيرة المعلومة الفوات في غير محله إذ التكليف بالخروج عن عهدة الفوائت المتيقنة وان كثرت لا يعد في العرف تكليفا حرجيا خصوصا على القول بالمواسعة بخلاف ما لو امر بصلوات كثيرة لأجل الخروج عن عهدة التكليف بواحدة الا ترى انه لو كان عليه ألف درهم لألف فأمره الشارع بدفع الألف درهم إليهم لا يعد ذلك تكليفا حرجيا ولا ضررا بخلاف ما لو كان
(٦٠٩)