من حكمه بالتقصير بمجرد الاخذ في الضرب نظرا إلى أن هذا يقتضى الالتزام باندراجه في موضوع المسافر بمجرد تلبسه بالمشي فمتى كان من مبدء سيره إلى مقصده ثمانية فراسخ صدق على سفره انه مسيرة يوم وانه بريدان وثمانية فراسخ وقيل مبدئه من محل الترخص بدعوى انه يندرج في مسمى المسافر ببلوغه هذا الحد والا لوجب عليه القصر من حين صدق هذا الاسم عليه وفيه ان اعتبار بلوغ حد الترخص انما هو لأدلته خاصته فلا مانع عن الالتزام بصدق كونه مسافرا من حين تلبسه بالسير وعدم جواز القصر له الا بعد بلوغ حد الترخص ولكن الانصاف ان دعوى اعتبار غيبوبته عن البلد الذي هو لازم بلوغه حد الترخص في مفهوم اسم السفر عرفا ليس أبعد من دعوى اعتبار خروجه عن سور البلد في صدق هذا الاسم كما ربما بنى على هذا توجيه مذهب المشهور وكيف كان فما نسب إلى المشهور لعله أقوى لا لدعوى عدم صدق اسم المسافر عليه عرفا الا بعد خروجه من البلد فإنه ما دام في البلد يعد حاضرا لا مسافرا الامكان منع ذلك إذا العرف لا يأبى عن اطلاق انه شرع في السفر من حين تلبسه بالسير بهذا القصد بل لان المنساق من الامر بالتقصير في بريدين أو ثمانية فراسخ انما هو ارادته على النهج المعهود لدى العرف في تحديد المنازل بالفراسخ والأميال والعرف لا يتلفتون في تحديداتهم الا إلى البعد الواقع بين البلد الذي يخرج منه ويدخل فيه فإذا قيل لهم التقصير في ثمانية فراسخ فأراد والمسافرة من النجف الأشرف إلى الحلة مثلا يسئلون عن مقدار بعد الحلة عن النجف فإذا قيل لهم انه سبع فراسخ ونصف يرون سفر كل من يسافر من النجف إلى الحلة سبعة فرسخ ونصفا من غير التفات إلى منازل الاشخاص الواقعة في البلدين والا فربما كان مبدء سير بعضهم أول عمارة النجف ومسكنه الذي يقصده في الحلة اخر عمارتها بحيث لو لوحظ من أول اخذه في السير إلى خصوص المكان الذي ينزل فيه لبلغ المجموع الثمانية فما زاد ومع ذلك لا يعد سفره في العرف الا سبع فراسخ ونصفا كما يؤيد ذلك بل يشهد له قوله ع في صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم المتقدمة وقد سافر رسول الله ص إلى ذي خشب وهى مسيرة يوم من المدينة يكون إليها بريدان أربعة و عشرون ميلا فقصر وافطر فصارت سنة الخ فإنه بظاهره يدل على جريان السنة باعتبار كون البريدين بين البلد الذي يخرج منه ويدخل فيه لا بين المكان الذي يخرج منه ويدخل فيه وقوله ع في موثقة عمار لا يكون مسافرا حتى يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ إذ الظاهر أن الترديد بملاحظة ان المنزل قد لا يكون في بلد أو فرية كما في كلام السائل ايماء إليه وكيف كان فما ادعيناه من مساعدة العرف والشرع على ملاحظة مقدار المسافة الواقعة بين البلدين الذين ينشأ من أحدهما السير وينتهى إلى الاخر عند تحديد مقدار السير في سفره من غير اعتداد بجزئه الواقع في نفس البلدين انما هو في البلاد المتعارفة التي لا يعتد بما يقع من السير فيها في احتسابه جزء من السفر واما البلاد الواسعة الخارجة عن المعتاد التي تكون المسافة الواقعة فيها بنفسها ملحوظة لدى العرف بحيث يقولون من محلة كذا إلى محلة كذا فرسخ أو نصف فرسخ أو ميل بحيث يكون محلاتها ملحوظة على سبيل الاستقلال في تحديداتهم فلا بل العبرة فيها بالخروج من محلته كما صرح به غير واحد فما استشكله في الجواهر في مثل هذه البلاد بناء منه على عدم اندراجه في موضوع المسافر عرفا ما لم يخرج عن البلد لا يخلو من نظر لما أشرنا إليه من عدم ابتناء المسألة على هذا والا فلم نستبعد صدق تلبسه بالسفر عرفا من حين تشاغله بالسير بهذا القصد فضلا عن خروجه عن محلته في مثل هذه البلاد التي قد لا يتحاشى العرف عن اطلاق اسم السفر على الخروج من محلة منها إلى محلة أخرى إذا كان بينهما مسيرة يوم أو أكثر وكيف كان فلا ينبغي الاستشكال في صدق تلبسه بالسفر من حين خروجه من محلته ولا في اندراجه في اطلاقات أدلة التقصير من مثل قوله إذا ذهب بريدا ورجع بريدا فقد شغل يومه فان تقييد مثل هذه المطلقات بما إذا ذهب بريدا بعد خروجه من البلد خصوصا في مثل هذه البلاد يحتاج إلى دليل ودعوى انه لا يصدق عليه اسم المسافر ما لم يخرج عن البلدان سلمت فهي غير مجدية في ارتكاب التقييد في مثل هذه المطلقات لأنها مسوقة لبيان ما به يتحقق السفر الموجب للتقصير لا ما يعتبر من المسافة بعد اندراجه في مسمى المسافر فلو لم يساعد العرف أو الشرع على تسميته مسافرا الا بعد قطعه مقدارا معتدا به من هذه المسافة بل جميعه فليس منافيا لاطلاق هذه المطلقات نعم لو لم يندرج بقطعه مجموع هذه المسافة في مسمى المسافر كان وقع جميعه في البلد وقلنا بأن خروجه من البلد شرط في تحقق موضوع السفر عرفا لاتجه الالتزام بعدم شرعية القصر له لوضوح اختصاصه بالسفر ولكن هذا ليس تقيدا في تلك المطلقات لجريها مجرى الغالب من تحقق موضوع السفر عرفا بقطعه هذا المقدار من المسافة فالفرض المزبور خارج عن منصرفها فلا ينافيه اطلاقها واما ما ادعيناه تبعا للمشهور ان مبدء المسافة من خطة سور البلد في البلاد المتعارفة فقد أشرنا إلى أنه ليس تقييدا لهذه المطلقات بل عمل بما يتبادر من اطلاقها كما عرفت الثالث يشرط في التقصير العلم بالمسافة أي الوثوق والاطمينان الذي يطلق عليه العلم في العادة فلا يكفي الظن وان حصل من الشياع على الأشبه للأصل وما عن الروض من احتمال العمل هنا بمطلق الظن القوى لأنه مناط العمل في كثير من العبادات فهو مجرد احتمال لم يساعد عليه دليل واما البينة فالأقوى قبولها كما في غيره من الموضوعات الخارجية التي تثبت بها فان المتتبع فيما دل على اعتبار البينة إذا معن النظر فيها لا يكاد يرتاب في عدم مدخلية خصوصيات الموارد في ذلك بل قد يقوى في النظر قبول قول العدل الواحد بل مطلق الثقة كما يظهر وجهه مما حققناه في مبحث النجاسات من كتاب الطهارة وهل يثبت بالشياع قال شيخنا المرتضى ره الأظهر اعتبار الشياع هنا وان احتمل منعه بناء على الأصل أقول وقد يشكل ذلك بأن ما دل على اعتبار الشياع انما دل عليه في مواضع معدودة ليس هذا منها فالقول باعتباره ما لم يكن مورثا للوثوق والاطمينان الذي هو بحكم العلم عرفا لا يخلو من اشكال ولو تعارضت البينتان فهل تقدم بينة الاثبات أو النفي أو التخيير أو التساقط والرجوع إلى اصالة التمام وجوه بل أقوال فعن المصنف والشهيد في الذكرى الأول لان شهادة النفي غير مسموعة وأجيب عن ذلك بان فيما إذا لم يرجع النفي إلى الاثبات كما في المقام حيث إن النافي مخبر عن اطلاعه بكونه أقل من ثمانية كسبعة أو ستة ونحوهما فيتجه ح تقديم بينة النفي لموافقته للأصل بناء على جواز الترجيح بها في البينات ولكنه لا يخلو من نظر بل منع ومن هنا قد يقال بان الأقوى فيه التخيير وهو أيضا لا يخلو من اشكال إذ البينة
(٧٢٤)