اسم المجنون أو المغمى عليه وكان ذلك من قبله عالما بترتب الزوال عليه غير مكره ولا مضطر كالمسكر وشرب المرقد وجب عليه القضاء بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن الذكرى نسبته إلى الأصحاب مشعرا بدعوى الاجماع عليه لصدق اسم الفوات وعدم شمول ما دل على السقوط من عموم قوله عليه السلام كلما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر لمثله لأنه أي الشرب مثلا سبب في زوال العقل غالبا فيكون ترك الصلاة الحاصل حاله ناشئا من اختياره باعتبار اختيارية سببه فلا يندرج تحت هذا العموم بل ربما يستشعر منه خلافه كما تقدمت الإشارة إليه في المغمى عليه واما لو لم يكن الفعل سببا عاديا لذلك ولكن حصل ذلك من باب الاتفاق أو كان ولكن لم يكن المكلف عالما بذلك أو كان عالما ولكن اكره أو اضطر إلى شربه فقد يقال بعدم وجوب القضاء عليه اخذا بعموم القاعدة المزبورة وهو متجه لو لم ندع انصرافه عن شارب المسكر والمرقد ونحوه مما لا يراه العرف عذرا كالجنون والاغماء من الآفات السماوية كما ليس بالبعيد فثبوت القضاء فيما لا يندرج من مثل هذه الاعذار تحت اسم المجنون والاغماء وان لم يكن بفعله أيضا ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط واما لو حصل بفعله الجنون فالأظهر عدم وجوب القضاء عليه كما لو كان بآفة سماوية كما عرفت واما الاغماء فقد يتجه فيه التفصيل بين ما لو حصل بفعله اختيارا وبين ما إذا لم يكن كذلك كما ظهر وجهه فيم مر وعلى هذا فلو اكل غذاء مؤذيا فال إلى الاغماء من باب الاتفاق أو مع الجهل بسببية له أو كان مضطرا إليه لم يقض ولو اكله اختيارا مع الظن بكونه موجبا له قضى وإذا ارتد المسلم أو اسلم الكافر ثم ارتد وجب على قضاء زمان ردته لصدق اسم الفوات وانتفاء ما يدل على سقوطه عنه كما عرفته فيما سبق والقول بعدم قبول توبة المرتد الفطري ظاهرا أو باطنا المستلزم لسقوط التكليف بالقضاء عنه لكونه تكليفا بالمحال لاشتراط بالاسلام الممتنع في حقه ضعيف في الغاية بل قد عرفت في كتاب الطهارة ان الأظهر قبول اسلامه ظاهرا أو باطنا وما دل على عدم قبول توبته غير مناف لذلك فراجع واما حكم القضاء فإنه يجب قضاء الفائتة إذا كانت واجبة اجماعا كما ادعاه في الجواهر وغيره وفي المدارك قال اجمع العلماء كافة على أن من ترك الصلاة الواجبة مع استكمال الشرائط أو أخل بها النوم أو نسيانا يلزمه القضاء انتهى وظاهر كلماتهم في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم المحكية كصريح بعضهم في لفرق في الصلاة الواجبة بين اليومية وغيرها مع اجتماع شرائط القضاء مما عدى الجمعة والعيدين كما عرفت والأصل في ذلك بعد الاجماع عموم قوله عليه السلام من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته بناء على شموله لمطلق الواجب وما روى أيضا عنه صلى الله عليه وآله أنه قال من نام عن صلاة أو نسيها فليقضها إذا ذكرها وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سئلته عن رجل صلى ركعتين بغير طهور أو نسي صلاة لم يصلها أو نام عنها قال يقضيها إذا ذكرها في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار إذ المتبادر من كلام السائل إرادة الصلاة الواجبة فترك الاستفصال في الجواب يفيد العموم اللهم الا ان يدعى انصرافه إلى اليومية وهو لا يخلو من تأمل وكيف كان فهذا في الجملة مما لا شبهة فيه بعد انعقاد الاجماع عليه مع أن الصلاة الواجبة غير ما عرفت استثنائه أي الجمعة والعيدين منحصرة في اليومية والطواف والآيات وقد ورد في خصوص كل منها ما يفي بحكمه كما تقرر في محله واما صلاة الأموات فهي غير مرادة بهذا الحكم وخارجة عن منصرف كلماتهم واما الصلوات الواجبة بنذر وشبهه فالأشبه عدم وجوب قضائها خصوصا إذا كانت من حيث هي مما لم يشرع له قضاء لانصراف العمومات المثبتة للقضاء عن مثلها وانتفاء ما يدل عليه بالخصوص فما استظهره في الجواهر من اندراج المنذورة فيما يجب قضائها لا يخلو من نظر ويستحب قضاء الفائتة إذا كانت نافلة موقتة ولعل المراد بها الرواتب خاصة فلا يقضى غيرها وان وقت الشارع لها وقتا كصلاة أول الشهر مثلا لقصور النصوص الواردة في قضاء النوافل عن شموله استحبابا مؤكدا كما يدل عليه خبر عبد الله بن سنان قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل عليه من من صلاة النوافل ما لا يدرى ما هو من كثرته كيف يصنع قال فليصل حتى لا يدرى كم صلى من كثرته فيكون قد قضى بقدر علمه قلت فإنه لا يقدر على القضاء من كثرة شغله فقال إن كان شغله في طلب معيشة لابد منها أو حاجة لأخ مؤمن فلا شئ عليه وان كان شغله لدنيا تشاغل بها عن الصلاة فعليه القضاء والا لقى الله تعالى مستخفا متهاونا مضيعا لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله الحديث ويأتي تمامه انشاء الله تعالى ويشهد له أيضا الاخبار الآتية وان فاتت بمرض لا يزيل العقل لم يتأكد الاستحباب كما يدل عليه خبر مرازم قال سئل إسماعيل بن جابر أبا عبد الله عليه السلام فقال أصلحك الله ان على نوافل كثيرة فكيف اصنع فقال اقضها فقال إنها أكثر من ذلك قال اقضها قلت لا أحصيها قال توخ قال مرازم وكنت مرضت أربعة اشهر لم أتنفل فيها فقلت أصلحك الله وجعلت فداك انى مرضت أربعة اشهر لم أصل فيها نافلة فقال ليس عليك قضاء ان المريض ليس كالصحيح كلما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر فيه وقوله عليه السلام ليس عليك قضاء محمول على نفى تأكد الاستحباب كما يشهد لذلك رواية محمد بن مسلم قال قلت له رجل مرض فترك النافلة فقال يا محمد ليس بفريضة ان قضاهما فهو خير يفعله وان لم يفعل فلا شئ عليه وان لم يقدر على القضاء يستحب ان يتصدق بقدر طوله وأدنى ذلك لكل ركعتين من صلاة الليل والنهار مد فإن لم يقدر على ذلك فلكل أربع ركعات من صلاة الليل ومن صلاة النهار مد وان لم يقدر فمدان مد لصلاة الليل ومد لصلاة النهار وان لم يتمكن فعن كل يوم بمد ويشهد لما عدى الأخير مما ذكر ما رواه عبد الله بن سنان في تتمة الخبر المتقدم قال قلت فإنه لا يقدر فهل يجزى ان يتصدق فسكت مليا ثم قال فليتصدق بصدقه قلت فما يتصدق قال بقدر طوله وأدنى ذلك مد لمسكين مكان كل صلاة قلت وكم الصلاة التي يجب فيها مد لكل مسكين فقال لكل ركعتين من صلاة الليل مد ولكل ركعتين من صلاة النهار مد فقلت لا يقدر فقال مد إذا لكل أربع ركعات من صلاة النهار ولكل أربع ركعات من صلاة الليل مد فقلت لا يقدر فقال مد لكل صلاة الليل ومد لصلاة النهار والصلاة أفضل والصلاة أفضل والصلاة أفضل ولا يخفى عليك قصور عبارة المتن عن إفادة مضمون الرواية من اشتراط الصدقة بالعجز عن القضاء هذا مع عدم انطباقها لما تضمنته الرواية فالمتجه العمل بما في الخبر واما ما ذكره المصنف (ره) من الصدقة عن كل يوم بمد فلا يبعد الالتزام به في اخر مراتب العجز بقاعدة الميسور بل قد يتجه بهذه القاعدة الالتزام بما يظهر من المتن من عدم اشتراط استحباب الصدقة بالعجز عن القضاء ولا الصدقة عن كل يوم بمد بالعجز عن الأكثر بالترتيب الذي تضمنه الخبر بناء على كون هذه القاعدة كاشفة عن كون المهيات التي تعلق بها طلب شرعي إذا كان لها مراتب مترتبة عرفا بجميع مراتبها مجنونة بالذت شرعا ولكن إذا كان الطلب المتعلق بها الزاميا لا يجوز
(٦٠٣)