جلس الامام للتشهد أطال ونهض من خلفه فاتموا الركعة الثانية وجلسوا فتشهد بهم الامام وسلم في المدارك قال هذه الكيفية متفق عليها بين الأصحاب و الأخبار الواردة بها كثيرة أقول ومن جملة الروايات الواردة فيها صحيحة الحلبي أو حسنته قال سألت أبا عبد الله ع عن صلاة الخوف قال يقوم الامام ويجئ طائفة من أصحابه فيقومون خلفه وطائفة بإزاء العدو فيصلى بهم الامام ركعة ثم يقوم ويقومون معه فيمثل الامام قائما ويصلون هم الركعة الثانية ثم يسلم بعضهم على بعض ثم ينصرفون فيقومون في مقام أصحابهم ويجئ الآخرون فيقومون خلف الامام فيصلى بهم الركعة الثانية ثم يجلس الامام فيقومون هم فيصلون ركعة أخرى ثم يسلم عليهم فينصرفون بتسليمه وفي المغرب مثل ذلك يقوم الامام ويجئ طائفة فيقومون خلفه ثم يصلى بهم ركعة ثم يقوم ويقومون فيمثل الامام قائما فيصلون ركعتين فيتشهدون ويسلم بعضهم على بعض ثم ينصرفون فيقومون في موقف أصحابهم ويجيئ الآخرون ويقومون في موقف أصحابهم خلف الامام فيصلى بهم ركعة يقرء فيها ثم يجلس فيتشهد ثم يقوم ويقومون معه ويصلى بهم ركعة أخرى ثم يجلس ويقومون هم فيتمون ركعة أخرى ثم يسلم عليهم وظاهر هذه الصحيحة ان الامام لا ينتظر الفرقة الثانية الا بالتسليم وهو خلاف ما يظهر من المتن من أنه ينتظرهم في التشهد أيضا ويحتمل ان يكون المراد بالتسليم في الصحيحة ما يعم التشهد ولكنه لا يخلو من بعد وكيف كان فالظاهر جواز ان ينتظرهم في التشهد أيضا خصوصا إذا كان مشغولا بالذكر والتسبيح والتحيات وغير ذلك مما يندفع معه توهم حصول الفصل المخل للأصل كما عن بعضهم التصريح به وربما يشهد له أيضا رواية الحميري المروية عن قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن صلاة الخوف كيف هي فقال يقوم الامام فيصلى ببعض أصحابه ركعة ثم يقوم أصحابه ويصلون الثانية ويخفون وينصرفون ويأتي أصحابهم الباقون فيصلون معه الثانية فإذا اقعد في التشهد قاموا فصلوا الثانية لأنفسهم ثم يقعدون فيتشهدون معه ثم يسلم ثم ينصرفون ومنها صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله المروية عن الفقيه عن أبي عبد الله ع قال صلى النبي ص بأصحابه في غزوة ذات الرقاع ففرق أصحابه فرقتين فأقام فرقة بإزاء العدو وفرقة خلفه فكبر وكبروا فقرأ وانصتوا فركع فركعوا فسجد فسجدوا ثم استمر رسول الله ص قائما فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلم بعضهم على بعض ثم خرجوا إلى أصحابهم فقاموا بإزاء العدد وجاء أصحابهم فقاموا خلف رسول الله ص وكبر فكبروا فقرء وانصتوا وركع فركعوا فسجد فسجدوا ثم جلس رسول الله ص فتشهد ثم سلم عليهم فقاموا ثم قضوا لأنفسهم ركعة ثم سلم بعضهم على بعض الحديث وعن الكافي نحوه إلى قوله فقاموا خلف رسول الله ص ثم قال فصلى بهم ركعة ثم تشهد وسلم عليهم فقاموا وصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلم بعضهم على بعض وما في رواية الفقيه من أنه صلى الله عليه وآله كبر في قيامه للثانية فيمكن ان يكون المقصود به تعليم الفرقة الثانية وتنبيههم على أن يجعلوا ما أدركوه معه أول صلاتهم ويفتتحوها بالتكبير كما لو كانوا يأتمون به في الأولى ويحتمل ان يكون تجديد صورة الافتتاح التي هي في الحقيقة ليس الا التلفظ بالتكبير الذي هو مستحب مط مشروعا في المقام لان يأتم به المأمومون في افتتاحهم ولكنه ليس بواجب جزما إذ لم ينقل القول به عن أحد ولم يقع التعرض له في سائر الروايات الواردة في بيان كيفية هذه الصلاة وما نقل من فعل النبي صلى الله عليه وآله مجمل وجهه فهو لا ينهض دليلا الا لاثبات استحباب التلفظ بالتكبير في هذا المقام من باب التأسي ولا مانع عن الالتزام به وان لم يتعرض الأصحاب له فإنه غير مناف لذلك خصوصا مع معلومية رجحانه من حيث هو من باب مطلق الذكر وكون المحل قابلا للمسامحة وكيف كان فهذه الصحيحة وكذا الخبر الآتي وبعض الروايات الآتية الواردة في المغرب تدل على أنه لا يجب على الامام ان ينتظرهم في التسليم وقضية الجمع بينها وبين الصحيحة السابقة وغيرها مما ورد فيه الامر بالانتظار حمله على الاستحباب أو لبيان محض الرخصة في التأخير فيكون الامام مخيرا بين الامرين بل لولا معارضة تلك الأخبار بهذه الروايات لكان المتعين فيها أيضا في ذلك الجماعة المستحبة التي هي المنساق من مورد الاخبار إذ لا يجب عليه الإمامة فله مفارقة المأمومين في أثناء صلاته فضلا عن الخروج عنها بالتسليم بعد انقضاء صلاته ومنها ما عن العياشي في تفسيره عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا حضرت الصلاة في الخوف فرقهم الامام فرقتين فرقة مقبلة على عدوهم وفرقة خلفه كما قال الله تعالى فيكبر بهم ثم يصلى بهم ركعة ثم يقوم بعد ما يرفع رأسه من السجود فيمثل قائما ويقوم الذين خلفه ركعة فيصلى كل انسان منهم لنفسه ركعة ثم يسلم بعضهم على بعض ثم يذهبون إلى أصحابهم فيقومون مقامهم ويجيئ الآخرون والامام قائم فيكبرون ويدخلون في الصلاة خلفه فيصلى بهم ركعة ثم يسلم فيكون للأولين استفتاح الصلاة بالتكبير وللآخرين التسليم من الامام فإذا سلم الامام قام كل انسان من الطائفة الأخيرة فيصلى لنفسه ركعة واحدة فتمت للامام ركعتان ولكل من القوم ركعتان واحدة في جماعة والأخرى وحدانا الحديث فتحصل المخالفة بين هذه الصلاة وبين صلاة الجماعة بلا خوف في ثلاثة أشياء الأول انفراد المؤتم بناء على عدم جوازه اختيارا واما على القول بالجواز كما هو المختار فلا مخالفة من هذه الجهة الا من حيث الحكم حيث إنه يجب في هذه الصلاة ولا يجب في غيرها والثاني توقع الامام للمأموم في التسليم بناء على عدم جواز مثله اختيارا وهو محل نظر بل منع إذ لا مانع عن إطالة التشهد أو تأخيره والتشاغل بسائر الأذكار بقدر أداء ركعة خصوصا إذا كانت مخففة كما هو مقتضى تكليفه بل لا يبعد الالتزام بجواز بقاء هذا المقدار ساكتا في أثناء الصلاة اختيارا إذ لم يثبت كون هذا المقدار من السكوت من الفصل الطويل المخل بالتوالي المعتبر في الصلاة والماحي لصورتها فمقتضى الأصل جوازه وقد عرفت انفا ان توقع الامام للمأموم ليس بواجب هيهنا أيضا فالأظهر انه لا مخالفة من هذه الجهة ولو من حيث الحكم ويحتمل ان يكون المراد يتوقع الامام انتظاره لحضور الفرقة الثانية بدعوى ان مقتضى اطلاقات الأدلة جوازه وان طال مكثه بأكثر مما يجوز ذلك للمختار ولكن يتوجه عليه ان طول بقائه قائما لا ينافي في فعل الصلاة على الاطلاق وانما ينافيه لو بقي ساكنا ولم يتشاغل حاله بقراءة أو ذكر أو دعاء وليست الاطلاقات واقية بأثبات جواز السكوت حاله إلى هذا الحد لورودها مورد حكم اخر كما هو واضح والثالث امامة القاعد بالقائم بناء على بقاء اقتداء الفرقة الثانية في الركعة
(٧١٤)