المتأخرة والأزمنة المتغيرة من أن من أقام في بلد أو قرية مثلا فلا يجوز له الخروج من سورها المحيط بها أو عن بنيانها ورودها فهو ناش عن الغفلة وعدم اعطاء النظر حقه من التأمل في الاخبار وكلام الأصحاب انتهى ومستنده في هذا التشنيع ما ادعاه من أن المستفاد من الاخبار وكلام الأصحاب ان لكل بلد حدود شرعية وهى الحدود التي يحصل به الترخص من جميع أطرافها وأنت خبير بأنه ليس في شئ من الاخبار ولا في كلمات الأصحاب اشعار بان البلد له حقيقة شرعية أو حد شرعي وانما اعتبر الشارع خفاء الاذان والجدران حدا للترخص عند خروجه من البلد بقصد المسافرة وقطع المسافة وهذا مما لا مدخلية له بتحديد أصل البلد نعم ربما يستشعر من ذلك ان المسافر ما لم يصل إلى هذا الحد لا يندرج في مسمى المسافر الذي شرع في حقه التقصير وانه متى وصل إلى هذا الحد عند رجوعه من سفره خرج عن موضوع المسافر واندرج في مسمى الحاضر ولكن الحاضر الذي هو قسيم المسافر عبارة عمن لم يتباعد عن البلد بمقدار يعتد به بحيث يعد في العرف غائبا عن البلد وهو أعم من كونه في داخله أو خارجه الغير البالغ إلى حد الخفاء وكيف كان فتوجيه حكم الأصحاب بان التردد إلى ما دون حد الترخص غير مناف لصدق الإقامة في البلد بدعوى كون ما دون حد الترخص داخلا في مسمى البلد حقيقة شرعا أو عرفا فاسد وانما مبناه دعوى عدم كونه منافيا لما يتبادر من اطلاق لفظ الإقامة في البلد عرفا اما لعدم اعتداد أهل العرف بالخروج الغير البالغ حد الخفاء بحيث يرونه خروجا من البلد فيكون اطلاق الإقامة في البلد على الإقامة في مجموع المدة التي وقع الخروج في بعضها من قبيل اطلاق المن من الحنطة على الممتزج بشئ يسير من التراب الغير المستقل بالملاحظة أو لان المنساق من الإقامة في مثل هذه الموارد ليس الا الإقامة العرفية التي يكفي في تحققها اتخاذه ذلك البلد في تلك المدة مقره على حد استقراره في بلده في الأزمنة التي لا يعد في العرف مسافرا وغائبا عن بلده والذي يقتضيه التحقيق هو ان اطلاق أهل العرف على من حل في بلد شهرا مثلا وان خرج عن حدوده أحيانا لتشيع جنازة أو حيازة حطب أو تحصيل طعام أو شراب ونحوها من العود إلى مقره لنومه واستقراره انه أقام في هذه المدة في ذلك البلد ليس من باب المسامحة في المصدق أو في لاعتداد بهذا الخروج كما في التراب الممتزج بالحنطة على ما يشهد به الوجدان وانما مبناه المسامحة في لفظ الإقامة وعدم ارادتهم منها الا الإقامة العرفية فلا يتبادر من اطلاقها في مثل هذه الموارد الا ذلك كما اعترف به غير واحد من المتأخرين فتقييدها بما دون حد الترخص على هذا لا يخلو من اشكال إذ العرف لا يتقيدون بهذا القيد بل قد لا يرون الخروج إلى ما دون المسافة مع الرجوع ليومه أو ليلته منافيا لذلك بل قد لا يكون الخروج إلى المسافة أيضا في مثل هذه الاعصار عند قطعها بسكة الحديد المتعارفة في هذه الأزمنة في مدة يسيرة منافيا له كما يشهد بذلك ملاحظة حال الإقامة في البلاد المتجددة في هذه الاعصار في وسط البحر التي تعارف تقل أطعمتها وأمتعتها من البر الذي بينه وبينها مسافة بالمراكب الدخانية في مدة يسيرة بحيث صار البر بواسطة هذه الأسباب بمنزلة السوق لها فان من سافر إلى بعض تلك البلاد ما لم يرتحل عنها يقال له عرفا انه أقام بذلك البلد في هذه المدة وان جرت عادته بان يخرج كل يوم إلى البر ويشترى طعامه وشرابه ولكن لا يجدى هذا الصدق في اجراء حكم إقامة العشرة على مثل هذه الإقامة الا لمجرد دعوى الاجماع على أن الخروج إلى المسافة مطلقا مبطل للإقامة أو ان المتبادر من النصوص الامرة بالاتمام في المكان الذي عزم على أن يقيم فيه عشرة أيام هو ان لا يسافر عن ذلك المكان في خلال العشرة لامكان الخدشة في الاجماع والانسباق المزبور بخروج مثل الفرض لعدم تعارف مثل هذا السفر الغير المخل بصدق الإقامة عرفا في الاعصار السابقة عن موردهما بل لعدم معهودية مثل هذه الإقامة المتخللة بسفر غير مخل بصدقها في تلك الاعصار أيضا كي يتناولها اطلاق لفظها فيرجع في حكمها إلى عموم ما دل على التقصير في السفر المقتصر في تخصيصها على القدر المتيقن مما يستفاد من نصوص الإقامة ولكن الحكم مع ذلك لا يخلو من تردد كما أن الجزم بعدم قادحية الخروج إلى ما دون المسافة في الفرض السابق مع مخالفته للمشهور لا يخلو من اشكال فلا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع بين القصر والاتمام في جميع صور الخروج عن حد الترخص الغير المنافى للصدق العرفي سواء كان ذلك من نيته في الابتداء أم بداله قصده في الأثناء ما لم يصل صلاة تامة والا فستعرف حكمه والله العالم الرابع المنساق من إقامة العشرة المعتبرة في النصوص والفتاوى هي العشرة التامة المتوالية بليالها المتوسطة دون الليلة الأخيرة والأولى فإنه يصدق إقامة عشرة أيام حقيقة من غير مسامحة عرفية على ما إذا حصلت الإقامة من ابتداء اليوم الأول إلى غروب اليوم العاشر وهل المتبادر من اليوم في مثل المقام هو يوم الصوم كي يكون ابتدائه من طلوع الفجر أو يوم الأجير حتى يكون من طلوع الشمس فيه تردد وان كان الأول أشبه وكيف كان فلا يجزى الناقص ولو يسير العدم الصدق حقيقة فما قد يقال من احتساب يوم الدخول والخروج حتى لو كان الأول قبل الغروب بساعة أو ساعتين والثاني بعد طلوع الفجر كذلك قياسا على بعض الأفعال الواقعة في اليوم من مثل الاكل والنوم والضيافة ونحوها أو إذا كان الذاهب من الأول يسيرا والباقي من الثاني كذلك ضعيف جدا لوضوح بين الأمثلة المزبورة وبين مثل المقام الذي أريد بذكر اليوم تحديد مقدار امتداد الفعل الواقع فيه بزمانه والتسامح العرفي في الاطلاق عند نقصانه يسير الا يصحح حمل الخطابات الشرعية عليه في مثل هذه الموارد التي لا يظهر منها الا إرادة حقيقته ولذا نفى الخلاف والاشكال في الحدائق عن ذلك غدى انه حكى عن بعض مشايخه أنه قال والذي يظهر من اطلاق الاخبار وعدم ورود تحديد في هذا الامر مع عموم بلواه وكثرة وروده في الروايات ان المرجع في ذلك إلى العرف كما أنه كذلك في سائر الأمور الغير المحدودة في الشرع ومن المعلوم ان العرف لا ينظر إلى نقص شئ من الليل أو النهار كساعة أو ساعتين مثلا في احتسابه من التمام فلا يلزم القول بالتلفيق ولا اخراج يومى الدخول والخروج من العداد كليته نعم لو فرض دخوله عند الزوال مثلا وكذا الخروج بعده بقليل فظاهر العرف عدم عده تاما انتهى وفيه ما أشرنا إليه من أن الاطلاق مبنى على المسامحة كما ينبئ عن ذلك صحة استثناء الساعة والساعتين عن مطلقه فإذا وقع إقامة عشرة أيام في حيز الطلب أو متعلقا لعقد إجارة أو تحديد الامر أو غير ذلك من الموارد الغير المناسبة للمسامحة فلا يتبادر منها الا إرادة معناه الحقيقي أي اليوم الكامل كما هو واضح وهل يجزى الملفق كما لو نوى الإقامة من ظهر هذا اليوم إلى ظهر اليوم الحادي عشر أم يعتبر عشرة أيام تامة كاملة من غير تكسير و وتلفيق فلا يحتسب يومى الدخول والخروج من العدد إذا لم يكونا من أول الطلوع وجهان بل قولان أظهرهما وأشهرهما بل المشهور كما ادعاه بعض الأول واختار في المدارك الثاني فقال ما لفظه وفي الاجتزاء باليوم الملفق من يومى الدخول والخروج وجهان أظهرهما العدم لان نصفي اليومين لا يسمى يوما فلا يتحقق إقامة العشرة التامة بذلك انتهى واعترض عليه شيخنا المرتضى ره بقوله وهو وان كان تصديقا للحقيقة الا انه تكذيب للعرف حيث يفهمون من مثل المقام إرادة المقدار كما في التحديد بالأشهر انتهى وهو حسن
(٧٥٥)