بصيغة الامر واستدل أيضا لجواز القراءة برواية أبى خديجة عن الصادق عليه السلام قال إذا كنت امام قوم فعليك ان تقرء في الركعتين الأولتين وعلى الذين خلفك ان يقولوا سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله والله أكبر وهم قيام فإن كان في الركعتين الأخيرتين فعلى الذين خلفك ان يقرء فاتحة الكتاب و على الامام ان يسبح مثل ما يسبح القوم في الركعتين الأخيرتين وفيه ان المراد بقوله فإن كان إلى آخره بحسب الظاهر قرينة ذيلها انه ان كانت إمامتك للقوم في الأخيرتين فعلى المأموم حينئذ القراءة لكونهما أوليين بالنسبة إليه فهو خارج عما نحن فيه ولا أقل من الاجمال المانع عن الاستدلال وعن المعتبر انه روى عن أبي خديجة عن الصادق عليه السلام أنه قال إذا كنت في الأخيرتين فقل للذين خلفك يقرؤن فاتحة الكتاب والذي يغلب على الظن انه نقل لمضمون الرواية السابقة بالمعنى بحسب فهم الراوي وكيف كان فلا وثوق بهذه الرواية فلا ينبغي ايرادها الا من باب التأييد مثل ما عن السرائر مرسلا قال وروى أنه يقرء في الأخيرتين أو يسبح وربما يؤيده أيضا بل يدل عليه قوله عليه السلام في صحيحة علي بن يقطين المتقدمة ان قرأت فلا بأس وان سكت فلا بأس بناء على أن يكون المراد بالركعتين اللتين يصمت فيهما الامام الأخيرتين كما لعله الأظهر دون الأولتين من الاخفاتية وكيف كان فقد ظهر مما حررناه مستند ما حكى عن بعض من العول بتعين التسبيح في الجهرية والتخيير في الاخفاتية إذ قد عرفت ان أقوى ما يمكن ان يستدل به لحرمة القراءة هي صحيحة زرارة الواردة بحسب الظاهر في الجهرية مع أنه على تقدير إرادة العموم يجب رفع اليد عن ظهورها في الحرمة بالنسبة إلى الاخفاتية بصحيحة ابن سنان التي هي اظهر منها في الدلالة على الجواز مع ما في ذيل تلك الصحيحة من الإشارة إليه كما تقدم الإشارة إليه وحكى عن بعض عكس هذا القول ولم يظهر وجهه وعلله بعض بالاخبار الناهية عن القراءة خلف الإمام المستثنى فيها الجهرية التي لا يسمع فيها صوت الامام بدعوى شمول المستثنى والمستثنى منه باطلاقهما للأخيرتين وفيه ما لا يخفى والذي ينبغي ان يقال انا ان التزمنا بحرمة القراءة ووجوب الانصات في الأولتين من الجهرية اتجه الالتزام بوجوب ترك القراءة في الأخيرتين منها أيضا اخذا بظاهر صحيحة زرارة السليمة بالنسبة إليها عن المعارض ولكنك عرفت فيما سبق ان الالتزام بذلك مشكل فالقول بالتخيير مطلقا مع أفضلية التسبيح بل كراهة القراءة هو الأشبه والله العالم ولو كان الامام لا يقتدى به فصلى خلفه تقية وجبت القراءة بلا خلاف فيه في الجملة على الظاهر لانتفاء القدوة المعتبرة في ضمان الامام القراءة فهو منفرد حقيقة بصورة المؤتم فلا يسقط عنه القراءة كما يدل عليه أيضا مضافا إلى ذلك جملة من الاخبار منها صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا صليت خلف امام لا تقتدي به فاقرء خلفه سمعت قرائته أو لم تسمع و صحيحة علي بن يقطين قال سئلت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يصلى خلف من لا يقتدى بصلاته والامام يجهر بالقراءة قال اقرأ لنفسك وان لم تسمع نفسك فلا بأس وخبر زرارة قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن الصلاة خلف المخالفين قال ما هم عندي الا بمنزلة الجدر وخبر الفضيل الذي حكاه علي بن سعد البصري قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام انى نازل في بنى عدى ومؤذنهم وامامهم وجميع أهل المسجد عثمانية يبرؤون منكم ومن شيعتك وانا نازل فيهم فما ترى في الصلاة خلف الإمام قال صل خلفه قال وقال احتسب بما تسمع ولو قدمت البصرة لقد سئلك الفضيل بن يسار وأخبرته بما أفتيتك فتأخذ بقول الفضيل وتدع قولي قال على فقدمت البصرة وأخبرت فضيلا بما قال فقال هو اعلم بما قال ولكني قد سمعته وسمعت أباه يقولان لا تعتد بالصلاة خلف الناصب واقرء لنفسك كأنك وحدك قال فأخذت بقول الفضيل وترك قول أبي عبد الله عليه السلام وفي هذه الرواية ايماء إلى أن الروايات التي يظهر منها الاعتداد بالصلاة معهم من حيث ترتيب اثار الجماعة عليه صادرة عن علة فلعل منها خبر زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال لا بأس ان يصلى خلف الناصب ولا يقرء خلفه فيما يجهر فيه فان قرائته تجزيك إذا سمعها وخبر بكير قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الناصب يؤمنا ما تقول في الصلاة معه فقال اما إذا جهر فانصت للقران واسمع ثم اركع واسجد أنت لنفسك فهاتان الرايتان ونظائرهما من الروايات التي يظهر منها الاعتداد بصلاتهم من حيث ترتيب اثار الايتمام في الجملة يجب اما رد علمها إلى أهله بعد اعراض الأصحاب عنها كما ادعاه في الجواهر مع معارضتها بالاخبار المتقدمة أو حملها على ما إذا لم تتأد التقية الا بذلك كما إذا كانت القراءة خفية أيضا منافية للتقية إذ لم تجز القراءة حينئذ فهل يعتد هذه الصلاة أم عليه اعادتها ما لم يستوعب العذر الوقت وجهان أوجههما الأول كما يظهر وجهه مما حققناه في مبحث الوضوء تقية من كتاب الطهارة فراجع ولعل من هذا الباب ما في رواية أحمد بن عايد قال قلت لأبي الحسن عليه السلام انى ادخل مع هؤلاء في صلاة المغرب فيجعلوني إلى ما أؤذن وأقيم فلا اقرأ شيئا حتى إذا ركعوا واركع معهم فيجزيني ذلك قال نعم ويحتمل ان يكون المراد بنفي قرائته شيئا مما عدى فاتحة الكتاب فيكون حال هذه الرواية حينئذ حال الرواية الآتية الدالة على جواز ترك السورة واللحوق بهم في ركوعهم وكيف كان فما ورد في الأخبار السابقة من الأمر بالقراءة مورده صورة التمكن منه وعدم كونه منافيا للتقية والا لم يجب ذلك جزما بل لا يجوز كما ربما يؤمى إلى ذلك خبر سعد المتقدم حيث امر الإمام عليه السلام بان يصلى معهم ويعتد بها حتى يخبره الفضيل بخلافه وأوضح منه دلالة على ذلك خبر إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام انى ادخل المسجد فأجد الامام قد ركع وقد ركع القوم فلا يمكنني ان أؤذن وأقيم وأكبر فقال لي فإذا كان ذلك فادخل معهم في الركعة واعتد بها فإنها من أفضل ركعاتك قال اسحق فلما سمعت اذان المغرب و انا على بابى قاعد قلت للغلام انظر أقيمت الصلاة فجائني فقال نعم فقمت مبادرا فدخلت المسجد فوجدت الناس قد ركعوا فركعت مع أول صف أدركت واعتدت بها ثم صليت بعد الانصراف أربع ركعات ثم انصرفت فإذا خمسة أو ستة من جيراني من المخروميين والأمويين فأقعدوني
(٦٤٤)