لدى الشك في الأوليين أو غيره من الشكوك التي لم يثبت العلاج لها لعدم جريان أصل العدم بالنسبة إلى عدد الركعات اما تعبدا أو لكون خصوصية الاعداد المعتبرة في الصلاة ملحوظة على جهة الاشتراط وهي مما لا يمكن احرازه بالأصل فيدور الامر بين المحذورين لما في البناء على الأقل من احتمال الزيادة وعلى الأكثر من احتمال النقيصة فيمتنع حصول الجزم بالفراغ بالمضي مع الشك فلابد من الاستيناف تحصيلا للجزم بالفراغ فيكون مضيه مع الشك عبثا ولكن هذا انما هو في الصلوات الواجبة التي ليس له الاقتصار في الخروج عن عهدتها على الموافقة الاحتمالية واما النافلة فحيث يجوز قطعها ولا يجب الخروج عن عهدتها فلا يصلح الشك فيها مانعا عن المضي فيها بالبناء على أحد طرفي الشك لاحتمال مطابقته للواقع غاية الأمر انه لا يحصل معه الجزم بالإطاعة ولا محذور فيه بعد ان جاز تركها رأسا فضلا عن الاقتصار على الامتثال الاحتمالي ودعوى اعتبار الجزم في النية في صحة العبادة فينافيها المضي مع الشك مدفوعة بمنع اعتبار هذا الشرط خصوصا في امتثال الأوامر المستحبة ولا سيما في مثل المقام الذي يتوقف تحصيل الجزم فيه على ابطال العمل كما تقدم تحقيقه في نية الوضوء هذا ولكن ظاهر كلمات الأصحاب كون التخيير أصلا شرعيا عمليا يرجع إليه الشاك في النافلة لا من باب كونه موافقة احتمالية فان تم اجماعهم عليه أو قلنا باستفادته من الاخبار بالتقريب المزبور كما نفينا البعد عنه فهو والا اتجه الالتزام به أيضا من باب الموافقة الاحتمالية ويظهر ثمرة الالتزام بالحكم الظاهري في مسألة الجزم في النية وكذا في الحكم بفراغ الذمة عن أداء النافلة فيما لو عرضها وصف الوجوب بإجارة أو نذر وشبهه بخلاف ما لو قلنا بكون البناء على الأقل أو الأكثر (من باب الموافقة الاحتمالية كما لا يخفى ثم انا ان قلنا بكون التخيير أصلا شرعيا تعبديا فالأوجه تخصيصه بالنوافل الأصلية دون ما صار نفلا بالعرض كالمعادة جماعة وصلاة العيدين عند اختلال شرائط وجوبها لانصراف ما دل عليه عن ذلك واما بناء على كونه) من باب الموافقة الاحتمالية فلا يتفاوت الحال في مواردها نعم لو قلنا بحرمة قطعها لاتجه الالتزام لدى الشك في الأخيرتين من المعادة ونحوها بوجوب البناء على الأكثر لما عرفت في محله من عدم قصور ما دل على احكام الشكوك عن شمول الفرائض التي عرضها وصف النفل بل قد يتجه الالتزام بوجوب صلاة الاحتياط أيضا بعد البناء على حرمة ابطالها لأنها على تقدير النقص تبطل بدونها ولكنه لا يخلو من تأمل لاستقلال صلاة الاحتياط صورة فلا يصدق بالاخلال بها اسم القطع وكون تركها موجبا للابطال غير معلوم لاحتمال صحتها بدون الاحتياط وأصالة عدم الاتيان بالرابعة لا يجدي في اثبات حصول عنوان الابطال الذي بنينا على حرمته إذ لا اعتداد بالأصول المثبتة ومن هنا قد يتأمل في وجوب البناء على الأكثر أيضا وان قلنا بأن الأصل الشرعي المجعول فيه ذلك لان هذا الأصل انما وضعه الشارع رعاية لجانب الاحتياط بالبناء على الأكثر واتيان المشكوك منفصلا صونا للصلاة عن احتمال الزيادة فهو لدى التحقيق من اثار قاعدة الشغل لا من مقتضيات حرمة القطع وحيث إن الامر بأصل الصلاة التي وقع الشك فيها ندبي لا يجب عليه تفريغ الذمة عنها كي يجب رعاية الاحتياط فيها غاية الأمر انه ثبت تعبدا حرمة ابطالها ولم يعلم كون إضافة ركعة إليها ابطالا كي يتنجز في حقه النهي عن ابطال العمل ولعل ما حكى عن المصابيح وغيره من التصريح بجريان احكام النافلة على ما عرضه وصف النفل مطلقا يومية كانت أم غيرها مبني على هذا الوجه فمرادهم بذلك جواز الاقتصار على الموافقة الاحتمالية بالبناء على كل من طرفي الشك برجاء الموافقة لا ان الأصل العملي الذي يرجع إليه في مقام الشك هو التخيير والا فهو ضعيف كما عرفت تنبيهات الأول مورد حكم الأصحاب بالتخيير على الظاهر هو فيما إذا كان كل من طرفي الشك صالحا للبناء عليه واما إذا كان البناء على الأكثر موجبا للحكم بالبطلان تعين البناء على الأقل الا ان لا يريد فعل النافلة فيرفع اليد عنها بناء على جواز قطعها فبهذه الملاحظة وان جاز ان يطلق عليه أيضا اسم التخيير ولكنه خلاف المتبادر من عبائرهم خصوصا مع تصريحهم بأفضلية البناء على الأقل فإنه بظاهره لا يتناول الفرض إذ لا فضل في مقابله كما هو واضح الثاني الظاهر اختصاص الحكم المزبور بالشك في عدد الركعات واما الثلاث في عدد السجدات أو غيره من الاجزاء والشرائط فهو على حسب ما عرفته في الفريضة من وجوب تدارك المشكوك ما لم يتجاوز عن محله تعويلا على اصالة عدمه وما دل على أنه ليس في النافلة سهو فهو غير مناف لذلك كما يظهر وجهه مما مر في صلاة الاحتياط وبعد التجاوز لا يلتفت إليه لعموم ما دل عليه الثالث مقتضى اطلاق النص وفتاوي الأصحاب في لفرق في النافلة بين كونها ثنائية كما هو الغالب أو ثلاثية كصلاة الوتر بناء على كون مجموعها صلاة واحدة من غير تخلل التسليم بين ركعتي الشفع والوتر أو رباعية كصلاة الاعرابي أو وحدانية كمفردة الوتر فله التخيير في الجميع بين الأقل والأكثر الا ان يكون البناء على الأكثر موجبا للحكم بالبطلان فيبني على الأقل ولكن يظهر من بعض الأخبار بطلان الوتر بالشك فيها مثل ما عن الشيخ في الصحيح عن العلا عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يشك في الفجر قال يعيد قلت المغرب قال نعم والوتر والجمعة من غير أن أسئله وفي حديث الأربعمائة المروي عن الخصال قال لا يكون السهو في خمس في الوتر والجمعة والركعتين الأوليين من كل صلاة مكتوبة وفي الصبح والمغرب وفي الوسائل بعد نقل الصحيحة المزبورة قال إعادة الوتر مع الشك محمول على الاستحباب أقول ويمكن كونها منزلة على الغالب من عدم تعلق الشك بالركعة المفردة الا في أصل وجودها وكيف كان فاستينافها أو اعادتها بعد الاتمام جمودا على ظاهر الخبرين ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط مع أنه انسب بما يقتضيه المقام من المسامحة والله العالم الرابع لو سهى في النافلة بان زاد فيها أو نقص منها شيئا نسيانا فهل يلحقه أحكام السهو التي عرفتها فيما سبق من البطلان وسجود السهو وقضاء المنسي على التفصيل الذي عرفته فيما تقدم أم هي مخصوصة بالسهو في الفريضة وجهان لا يخلو ثانيهما من وجه لظهور قوله عليه السلام في الصحيحة المتقدمة التي وقع فيها السؤال عن السهو في النافلة في شموله ولو من باب ترك الاستفصال ان لم نقل بظهوره في حد ذاته في خصوصه أو في مطلق الغفلة المجامعة للشك والنسيان كما ليس بالبعيد ويمكن الاستدلال له أيضا
(٥٨٨)