والحدائق بظاهرهما وقالوا المتجه الوقوف مع ظاهر اللفظ وهو زيادة السير عن القدر المتعارف بحيث يشتمل على مشقة شديدة فتخص بهما الأخبار الدالة على أن فرضهم التمام وفيه ان هذا الظاهر ما وقف أحد من الأصحاب معه ولا عليه فظاهرهما شاذ مأمورون بتركه كما أمرنا بترك الخبر الضعيف هذا الكليني والشيخ قد حملاهما على من يجعل المنزلين منزلا ووافقهما على ذلك جماعة وحملهما الشهيد تارة على ما إذا سافرا سفرا غير صنعتهما كسفر الحج واستقر به في المدارك وفيه ان الحكم قريب لا التوجيه وأخرى على أن المراد يتمون ما داموا يترددون في أقل من مسافة أو مسافة غير مقصودة وحملهما الشهيد الثاني على ما إذا قصد المسافة قبل تحقق الكثرة والمصنف في المختلف على ما إذا قاما عشرة أيام في الوطن أو الموضع الذي يذهبان إليه انتهى أقول قد أشرنا انفا إلى أن الشيخ واتباعه لم يعلم تخطيهم عن ظاهر الخبرين كما أنه لم يعلم التزام المتأخرين الذين صرحوا بان المتجه الوقوف مع ظاهر اللفظ بالتقصير فيما دون ذلك أي فيما إذا لم يبلغ سيره إلى حد يجعل المنزلين منزلا فاق هذا أدنى ما به يتحقق زيادة السير عن القدر المتعارف زيادة معتد بها موجبة لاشتمال السير على مشقة شديدة مع أن ارتكاب التأويل في الرواية لقرينة داخلية أو خارجية أرشدتهم إليه بزعمهم كما أومى إليه الشيخ في عبارته المتقدمة لا يجعلها من الشاذ الذي أمرنا بطرحه فما استوجهه الجماعة من المتأخرين من الوقوف مع ظاهر اللفظ وهو الزيادة عن القدر المعتاد في أسفارهم غالبا كما هو صريح العبارة المحكية عن المنتقى أشبه بالقواعد ولكن ينبغي تقييد المطلقات الامرة بالتقصير بخبر عمران بن محمد كما أشار إليه الشيخ في عبارته المتقدمة بل لا يبعد دعوى انصراف المطلقات بنفسها عن حال استقرارهما في المنزل والله العالم الخامس قد عرفت ان المدار في وجوب الاتمام ليس على صدق عنوان كثير السفر ولا على اطلاق اسم المكارى أو الجمال أو غير ذلك من الألفاظ الواردة في النصوص والفتاوى بل على أن يصدق عليه ان السفر عمله ولا يتوقف صدق هذا العنوان بل ولا صدق اسم المكارى وشبهه على أن يكون مسبوقا بتكرر صدور الفعل منه مرة بعد أخرى بل على اتخاذه حرفة بتهيئة حرفة له بتهيئة أسبابه وتلبسه بالفعل بمقدار يعتد به في العرف فمن اشترى دوابا واستعملها في المكاراة بقصد التحرف بها والمواظبة عليها صدق عليه انه صار مكاريا واندرج فيمن عمله السفر ولكنك ستعرف ان هذا بمجرده لا يكفي في وجوب الاتمام عليه بل قد يشترط بان لا يكون سفره المتلبس به بالفعل مسبوقا بإقامة العشرة ومن هنا قد يتجه ما ذكره في المتن وغيره من أن ضابطه ان لا يقيم في بلده عشرة أيام وان لم تخلو العبارة عن مناقشة وكيف كان فلو أقام أحدهم عشرة أيام في بلده ثم أنشأ سفرا قصر بل في المدارك هذا الشرط مقطوع به في كلام الأصحاب بل عن المعتبر نفى الخلاف في وجوب القصر على من كان سفره أكثر من حضره مع الإقامة عشرا وظاهره بمقتضى اطلاقه عدم الفرق بين الإقامة في بلده أو بلد اخر وقد صرح بهذا التعميم كثير ممن تأخر عنه ولكنهم اعتبروا في الإقامة في غير بلده النية ففي القواعد قال والضابط ان لا يقيم أحدهم في بلده عشرة أيام فلو أقام عشرة في بلده مطلقا أو في غيره مع النية قصر إذا سافر وحكى عن بعضهم التصريح بان المقيم في غير بلده يقصر من غير ذكر لاشتراط النية لكن عن الشهيد الثاني في الروض والمحدث المجلس دعوى الاجماع على اشتراط النية في إقامة العشرة في غير بلده وانه لا اثر لوقوعها بلا نية وحكى عن كثير من المتأخرين انهم الحقوا العشرة الحاصلة بعد التردد ثلثين يوما بإقامة العشرة في بلده وعن بعضهم الاكتفاء بثلثين يوما مترددا في انقطاع حكم كثرة السفر وتوقف في هذا الحكم من أصله جماعة من متأخري المتأخرين كصاحبي المدارك والذخيرة والمحدث الكاشاني وصاحب الحدائق واستدل الأصحاب على أصل الحكم أي انقطاع اتمام كثير السفر بإقامة العشرة بما رواه الشيخ باسناده عن يونس بن عبد الرحمن عن بعض رجاله عن أبي عبد الله ع قال سألته عن حد المكارى الذي يصوم ويتم قال أيما مكار أقام في منزله أو في البلد الذي يدخله أقل من عشرة أيام وجب عليه الصيام والتمام ابدا وان كان مقامه في منزله أو في البلد الذي يدخله أكثر من عشرة أيام فعليه التقصير والافطار والمراد بأكثر من العشرة بقرينة المقابلة ما يعم العشرة فما زاد ويحتمل جرى التعبير مجرى الغالب من ندرة تحقق إقامة العشرة بلا زيادة أصلا وتعذر نقصان القطع به عادة على تقدير تحققه وعن عبد الله بن سنان بسند غير صحيح عن أبي عبد الله ع قال المكارى ان لم يستقر في منزله الا خمسة أيام وأقل قصر في سفره بالنهار وأتم بالليل وعليه صوم شهر رمضان وان كان له مقام في البلد الذي يذهب إليه عشرة أيام وأكثر قصر في سفره وافطر وعن الصدوق في الفقيه انه روى هذه الرواية في الصحيح بنحو اخر قال المكارى إذا لم يستقر في منزله الا خمسة أيام أو أقل قصر في سفره بالنهار وأتم صلاة الليل وعليه صوم شهر رمضان فإن كان له مقام في البلد الذي يذهب إليه عشرة أيام أو أكثر وينصرف إلى منزله ويكون له مقام عشرة أيام أو أكثر قصر في سفره وافطر ومفهوم قوله ع في صحيحة هشام المتقدمة المكارى والجمال الذي يختلف وليس له مقام يتم الصلاة وبصوم شهر رمضان بدعوى ان المراد بالمقام فيه إقامة العشرة لأنها هي المتبادر من مثل هذه اللفظة في النص والفتوى بشهادة التتبع والاستقراء ونوقش في الجميع اما الرواية الأولى فبضعف السند مع أن ظاهرها في لفرق بين إقامة العشرة في منزله وبلد اخر من حيث اعتبار النية وعدمه فهي بظاهرها مخالفة للمشهور واما خبر ابن سنان على ما رواه الشيخ فاورد عليه بضعف السند واشتماله على ما لا يقول به أحد من الأصحاب من التقصير بإقامة أقل من خمسة وانه انما تضمن إقامة العشرة في البلد الذي يذهب إليه والمدعى إقامة العشرة في بلدة وان ظاهره انه إذا كان له إرادة الإقامة في البلد الذي يذهب إليه قصر في سفره إليه واللازم من ذلك التقصير قبل الإقامة واما على ما رواه الصدوق فهو وان كان صحيحا ولكن يتوجه عليه مضافا إلى الاشكالات المزبورة ان مقتضاه اعتبار إقامة العشرة في منزله أيضا مضافا إلى العشرة في بلد الإقامة فظاهره ترتب القصر على الإقامتين ولا قائل به واما الصحيحة الأخيرة فيتوجه على الاستدلال بها ان المنساق من قوله ع وليس له مقام إرادة الإقامة العرفية التي هي شد المسافرة فهو بمنزلة التأكيد لقوله الجمال الذي يختلف فكأنه أريد بذكر الوصفين الاحتراز عمن لم يتخذه شغلا له على سبيل المواظبة والاستمرار وما قيل من أنه لو لم يحمل على الإقامة المعهودة في الشريعة أي إقامة العشرة للزم حمله على مطلق المقام الصادق على إقامة يوم أو بعض يوم فيلزمه ان لا يوجد كثير سفر يكون عمله التمام الا نادرا ففيه ان الإقامة العرفية بالمعنى المزبور لا تتحقق بإقامة يوم
(٧٤٧)