والاجماع كغيره من الشرائط والاجزاء الغير المقيد اعتبارها بحال العلم وتوهم انصراف النص الدال على اشتراط الوحدة إلى صورة العلم مدفوع بعدم المقتضي له بعد كونه مسوقا لبيان الحكم الوضعي كما هو الظاهر منه وان سبقت إحديهما ولو تكبيرة الاحرام بطلت المتأخرة لاختلال شرطها واما الأولى فلا مانع عن صحتها إذا المتبادر من النص الاجماع انما هو اعتبار الفصل بين الجمعتين الصحيحتين فالثانية غير صالحة للمانعية عن صحة الأولى ان قلت فعلى هذا لا يصلح كل منهما للمانعية عن صحة الأخرى مع المقارنة أيضا قلت نعم هو كذلك بعد فرض فسادها إذ لا ممانعة بين فاسدتها ولذا لا تصلحان للمنع عن صحة ثالثة متأخرة عنهما وانما الممانعة بين صحيحتيها وهي مقتضية لامتناع حصولهما معا الا فاسدتين من غير أن يكون بين الفاسدتين عليه أو ترتب بل فساد كل منهما مسبب عن امتناع اتصافهما بالصحة قضية للممانعة وامتناع اختصاص إحديهما بهذا الوصف دون الأخرى لاستلزامه الترجح من غير مرجح واما لو وجدتا تدريجا فلا مانع عن صحة أولى لأنها انعقدت صحيحة ومعها يمتنع صحة الثانية سواء قلنا بتأثيرها في ابطال الأولى أم لم نقل فالثانية بذاتها لا تقع الا باطلة وقد عرفت ان الباطلة ليست مانعة عن صحة غيرها فلا مانع عن صحة الأولى هذا مع أنه لم يعرف الخلف فيه عن أحد بل عن التذكرة ظاهر أو صريحا دعوى الاجماع على صحة السابقة وبطلان اللاحقة بل لا فرق فيه بين علم المصلين عند عقدها بان اللاحقة ستوقع لما عرفت من أنه لا اثر لها فلا يقدح العلم بحصولها في صحة الشروع في السابقة كما أنه لا فرق في بطلان اللاحقة بين علم المصلي بان جمعة سبقتها وجهله بذلك حسب ما عرفت من عدم اختصاص شرطية الاتحاد بحال العلم وهل يجب عليه حال تلبسه بالجمعة ان يحرز انه لا جمعة هناك مقارنة لها أو منعقدة قبلها بالعلم أو الظن حيث تعذر العلم أم يجوز الاعتماد على الأصل لدى الجهل به وجهان أوجههما وجوب الاحراز لو قلنا بان في لسبق أو الاقتران اعتبر شرطا في الصحة كالطهارة والاستقبال ونحوه فان اصالة عدم انعقاد جمعة سواها إلى حين التلبس بها لا يجدي في اثبات انها وجدت ولم يكن جمعة أخرى معها أو قبلها إذ ليس لها بهذه الصفة حالة سابقة مستصحبة و الأصل العدم الجاري في المقام غير مثبت لذلك وان بينا على أن وجود الأخرى مانعة عن صحة هذه كما هو المنساق من أدلته لا ان عدمها شرطا جاز الاعتماد على الأصل المزبور كما يظهر وجهه مما مر فيما حققنا في مسألة الصلاة فيما يشك في كونه مما يؤكل لحمه بل يجوز له الاعتماد عليه (ح) حتى مع علمه بأنها تنعقد إذا احتمل تأخرها فان هذا العلم غير مانع عن اجراء اصالة عدم جمعة أخرى إلى حين تلبسه بالصلاة وقد تقرر في محله ان العبرة باحراز في لمانع بهذا الأصل الذي لا مانع عن جريانه لا بأصالة عدم مانعية الأخرى أو اصالة تأخرها أو اصالة عدم سبقها أو مقارنتها أو نحو ذلك من الأصول التي ربما يتمسكون بها في نظائر المقام مما لا أصل لها كما لا يخفى على المتأمل وربما احتمل بعض بطلان الجمعة السابقة لدى علم مصليها بأنه ستنعقد جمعة أخرى لا يعلم مصليها بانعقاد هذه الجمعة حتى يتنجز عليهم التكليف بالسعي إليها أو عجزهم عن الحضور إليها زعما منه انه يجب عليهم (ح) السعي إلى تلك الجمعة إذ لا يجوز إقامة جمعة إذ لا يجوز إقامة جمعتين في البلد بل يجب على الجميع السعي إلى جمعة واحدة وحيث كان مصلى تلك الجمعة معذورا في السعي إلى هذه الجمعة وجب على هذه الجماعة الاجتماع معهم فمبادرتهم إلى إقامة الجمعة حرام والنهي يقتضي الفساد وفيه غاية ما ثبت وجوبه على المكلفين انما هو إقامة جمعة صحيحة في البلد والسعي إليها على كل مكلف ووجوب الاجتماع على كل أحد مع غيره حتى يكمل العدد الذي ينعقد به الجمعة واما انه يجب على كل مكلف تمكين غيره من فعلها فلا فإذا اجتمع سبعة نفر من المسلمين أو خمسة في مسجد وكان أحدهم الامام خطبهم وأمهم وانعقد بهم جمعة صحيحة ووجب على كل من في البلد ممن علم بجمعتهم وتمكن من السعي إليها الحضور معهم ويحرم عليهم عقد جمعة أخرى ولكنهم مع الجهل بكونها مسبوقة أو مقارنة لجمعة أخرى معذورون في ذلك بل عاملون بما هو تكليفهم في مرحلة الظاهر وعلم من ينعقد به الجمعة اي الامام ومأمومية يعجز بعض أهل البلد من السعي إلى الجمعة التي أقاموها أو جهلهم بها وإقامتهم لجمعة أخرى لا يوجب عليهم المسير إلى تلك الجماعة تصحيحا لصلواتهم وليس إقامة جمعتين في البلد من المحرمات الذاتية التي علم من حال الشراع عدم حصولها في الخارج كقتل النفس المحترمة أخرى ونظائره حتى تكون ذلك منشاء لوجوب الاجتماع معهم في صلاتهم بل حال الجمعة الثانية لدى جهل مصليها بالأولى حال الصلاة بلا وضوء التي صليها بزعم كونه متطهرا في كونه انيا بما هو تكليفه في مرحلة الظاهر ومستحقا للاجر وثواب الانقياد وان كانت صلاته باطلة في الواقع وليس على من كان عالما بحدثه اعلامه أو تمكينه من الصلاة مع الطهارة كما هو واضح ولو علموا بعد الفراغ من الصلاة بعقد جمعة أخرى ولم يتحقق السابقة واحتمل كل من الجماعتين السبق واللحوق اعادا ظهرا لاحتمال كل من الجماعتين بطلان صلاتهم كونها مسبوقة بالأخرى فلا يحصل لهم القطع بفراغ ذمته الا بإعادتهم ظهرا بل لو احتملوا المقارنة أيضا أعادوا الجمعة أيضا حيث يتطرق (ح) احتمال بطلان كلتا الجمعتين وعدم سقوط التكليف بها فلا يحصل القطع بالفراغ (ح) الا بإعادتهم أيضا مع الظهر أو بإعادة خصوص الجمعة مع التباعد ولكن الأقوى عدم وجوب الإعادة عليهما لا ظهرا ولا جمعة لأن كلا من الطائفتين يحتمل صحة صلاته فينبغي عليها القاعدة الصحة والعلم الاجمالي ببطلان احدى الجمعتين أو كلتيهما على تقدير المقارنة غير مانع عن رجوع كل منهم إلى الأصل الجاري في حقه لخروج بعض أطرافه عن مورد ابتلاء كل منهم نظير علم واجدى المنى ببطلان صلاة أحدهما وجنابته فإنه غير مانع عن رجوع كل منهما إلى الأصل الجاري في حقه كما تقرر في محله وهل يجب على الجماعة التي لم يحضر و الجمعتين إذا احتملوا بطلانهما معا ان يقيموا جمعة ثالثة استصحابا لتكليفهم الذي لم يعلموا بسقوطه بفعل الغير أم عليهم الاحتياط بالجمع بين الجمعة والظهر تحصيلا للقطع بفراغ الذمة على الفريضة التي علم اشتغالها بها بالفعل أم لا يجب عليهم الا الظهر وجوه أوجههما الأخير إذا لا مانع عن اعمال قاعدة حمل فعل الغير على الصحيح بالنسبة إلى احدى الجمعتين على سبيل الاجمال والعلم الاجمالي ببطلان احدى الجمعتين انما يمنع عن اعمال القاعدة في كل منهما بخصوصه أو في كلتيهما جميعا
(٤٥٠)