الروايات الناهية عن التطوع في وقت فريضة بعد صرفها إلى خصوص المورد بشهادة الصحيحة المزبورة فهو لا يخلو من وجه وان كان الأوجه ما عرفت كما يتضح شرحه مما حققناه في المواقيت ووقت القيام إلى الصلاة أي صلاة الجماعة إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة على الأظهر كما هو المشهور علي ما ادعاه غير واحد لخبر معاوية بن شريح عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة ينبغي لمن في المسجد ان يقوموا على أرجلهم ويقدموا بعضهم وعن الشيخ في المبسوط أنه قال وقت القيام إلى الصلاة عند فراغ المؤذن من كمال الاذان والظاهر أن مراده من كمال الاذان ما يعم الإقامة كما يؤمى إلى ذلك ما حكى عنه من أنه حدد وقت الاحرام أيضا بذلك وكيف كان فلم يعلم مستنده وعن العلامة في المختلف انه نقل عن بعض علمائنا قولا بأن وقت القيام إلى الصلاة عند قوله حي على الصلاة لأنه دعاء إليها فاستحب القيام عنده وأجيب عنه بالمعارضة بالاذان فان هذا اللفظ موجود فيه ولا يستحب القيام عنده وبان هذا اللفظ دعاء إلى الاقبال إلى الصلاة وقد قامت صيغة اخبار بمعنى الامر بالقيام فكان القيام عنده أولى ثم إنه قد يستشعر من ذكر المصنف ره لهذا الفرع عقيب قوله ويكره ان يصلى نافلة إذا أقيمت الصلاة ان غرضه من تحديد وقت القيام بيان مورد كراهة النافلة وقد عرفت ان ظاهر صحيحة عمر بن يزيد كراهتها من حين الاخذ في الإقامة ولا منافاة بينه وبين ان يكون الوقت الذي ينبغي القيام إلى الصلاة هو عند قول المؤذن قد قامت الصلاة فلا ربط لاحد الفرعين بالآخر كما يوهمه عبارة المتن وغيره الطرف الثاني يعتبر في الامام الايمان أي كونه مواليا للأئمة الاثني عشر عليهم السلام بلا خلاف فيه عندنا بل لعله من ضروريات المذهب ويدل عليه صحيحة البرقي قال كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام أيجزي جعلت فداك الصلاة خلف من وقف على أبيك وجدك صلوات الله عليهم فأجاب لا تصل ورائه وفي خبر الفضل بن شاذان المروى عن العلل عن الرضا عليه السلام في كتابه إلى المأمون قال لا يقتدى الا بأهل الولاية وفي رواية الأعمش المروية عن الخصال في حديث شرائع الدين ولا صلاة خلف الفاجر ولا يقتدى الا بأهل الولاية إلى غير ذلك من الروايات الناهية عن الصلاة خلف المخالفين والغلاة والمجبرة والمجسمة وغيرهم ممن يخالف شيئا من الاعتقادات الحقة مما لا يخفى على المتتبع والعدالة بلا خلاف فيه في الجملة بل اجماعا كما ادعاه كثير من الأصحاب وأرسلوه ارسال المسلمات علي وجه كاد تعد لديهم من ضروريات الفقه وهذا هو عمدة المستند لاثبات اعتباره وصف العدالة بالمعنى الذي نعتبره في الشاهد والحاكم ونحوهما في امام الجماعة ويدل عليه أيضا مضافا إلى ذلك جملة من الاخبار منها ما رواه الشيخ بأسناده عن علي بن راشد قال قلت لأبي جعفر عليه السلام ان مواليك قد اختلفوا فاصلي خلفهم جميعا فقال لا تصل الا خلف من تثق بدينه وأمانته إذ المتبادر منه إرادة من تطمئن بتدينه وصلاحه وهو معنى العدالة كما ستعرف ولكن عن الكافي نقلها بإسقاط قوله وأمانته وعلى هذا أيضا لا يبعد دعوى دلالتها على المدعى إذ الظاهر أن المراد بالوثوق بدينه هو الاطمينان بالتزامه وتدينه بما دان به وعدم التعدي عن الحدود الشرعية التي دان بها باتباع هواه لا الوثق بكونه اماميا ونحوها في الدلالة عليه بالتقريب المزبور رواية يزيد بن حماد المروى عن رجال الكشي عن أبي الحسن عليه السلام قال قلت له اصلى خلف من لا اعرف قال لا تصل الا خلف من تثق بدينه ورواية زيد بن علي عن ابائه عن علي عليه السلام قال الأغلف لا يؤم القوم وان كان أقرأهم لأنه ضيع من السنة أعظمها ولا يقبل له شهادة ولا يصلى عليه الا ان يكون ذلك خوفا على نفسه ومفهوم خبر المرافقي والبصري عن جعفر بن محمد عليه السلام انه سئل عن القراءة خلف الإمام فقال إذا كنت خلف امام تتولاه وتثق به فإنه يجزيك قرائته ومضمرة سماعة قال سئلته عن رجل كان يصلى فخرج الامام وقد صلى الرجل ركعة من صلاة فريضة قال إن كان اماما عدلا فليصل ركعة أخرى وينصرف ويجعلها تطوعا وليدخل مع الامام في صلاته وان لم يكن امام عدل فليبن على صلاته كما هو ويصلى ركعة أخرى ويجلس قدر ما يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمد عبده ورسوله ثم ليتم صلاته معه على ما استطاع فان التقية واسعة إلى آخره وعن الفقه الرضوي مرسلا عن العالم عليه السلام قال ولا تصل خلف أحدا لا خلف رجلين أحدهما من تثق به وبدينه وورعه واخر من تتقى سيفه وسوطه وشره وبوابقه وشنيعته فصل خلفه على سبيل التقية والمداراة واذن لنفسك وأقم واقرأ فيها فإنه غير مؤتمن به ولا ينبغي الالتفات في مثل هذه الأخبار إلى ضعف السند بعد استفاضتها وانجبارها بما عرفت واستدل له أيضا بما عن مستطرفات السرائر نقلا من كتاب أبي عبد الله السياري صاحب موسى والرضا عليهما السلام قال قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام قوم من مواليك يجتمعون فتحضر الصلاة فيقدم بعضهم فيصلى بهم جماعة فقال إن كان الذي يؤمهم ليس بينه وبين الله طلبة فليفعل قال وقلت له مرة أخرى ان قوما من مواليك يجتمعون فتحضر الصلاة فيؤذن بعضهم ويتقدم أحدهم فيصلى بهم فقال إن كانت قلوبهم كلها واحدة فلا بأس قال ومن لهم بمعرفة ذلك قال فدعوا الإمامة لأهلها أقول ولعل غرض الإمام عليه السلام منع مواليه عن الاجتماع وعقد جماعة مستقلة كي لا يعرفوا فيؤخذ برقابهم فتعلق امامة امامهم في جواب سؤاله الأول على شرط يختص باهل العصمة وفي الثاني على ما يتعذر الاطلاع عليه فكان مراده بقوله ان كانت قلوبهم واحدة خلوصهم من النفاق الموجب لعدم الامن من إذاعة سرهم وكيف كان فهذان الخبران مع الغض عما فيهما من ضعف السند لا يمكن الالتزام باشتراط ما تضمناه لصحة الجماعة بل لكمالها وعن الصدوق في المقنع مرسلا قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان سركم ان تزكوا صلاتكم فقدموا أخياركم أقول هذه الرواية سوقها يشهد بإرادة الاستحباب ومفادها رجحان تقديم الأفضل وان كان الجميع عدولا فهي أجنبية عما نحن فيه ورواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له ان أناسا رووا عن أمير المؤمنين عليه السلام انه صلى أربع ركعات بعد الجمعة لم يفصل بينهن بتسليم فقال يا زرارة ان أمير المؤمنين عليه السلام صلى خلف فاسق فلما سلم وانصرف قام أمير المؤمنين عليه السلام فصلى أربع ركعات لم يفصل بينهن بتسليم فقال له رجل إلى جنبه يا أبا الحسن صليت أربع ركعات لم تفصل بينهن فقال اما انها أربع ركعات مشبهات وسكت فوالله ما عقل ما قال له وفي خبر الأعمش
(٦٦٧)