كل من هذه الكيفيات التي تضمنتها النصوص وكون المكلف مخيرا في تعيين أيها أحب بل يكفي أيها أحب بل يكفي في اثبات ذلك نفس عبارة الفقيه الرضوي مع قطع النظر عن كونها شاهدة للجمع بين النصوص بعد البناء على المسامحة في أدلة السنن وكون سائر الأخبار المعتبرة منافية لها بظاهرها بعد عدم لزوم العمل بمضمونها لا تصلح مانعة عن جواز العمل بالخبر الضعيف من باب المسامحة كما لا يخفى وجهه على المتأمل نعم لو كان الحكم وجوبيا لتعذر صرفه إلى الجهات أو حمله على الوجوب التخييري من غير شاهد خارجي فإن ارتكاب هذا النحو من الجمع المستلزم لارتكاب التأويل في مجموع الأخبار المتنافية في الظاهر يحتاج إلى الشاهد كما تقرر في محله والفقه الرضوي لقصوره عن الحجية لا ينهض شاهدا لذلك فالمتجه على هذا التقدير هو الاخذ بالصحيحة الأولى لقصور ما عدها من مكافئتها من وجوه كما لا يخفى ومن هنا يظهر ان اختبار ما تضمنته هذه الصحيحة على القول بالاستحباب أيضا أولى فإنه مما لا ريب فيه خصوصا مع ما في الرواية الحاكية لفعل الإمام عليه السلام وغيرها مما ورد فيه الامر بالتسليم عن اليمين أو الجانبين من احتمال التقية وكيف كان فقد تلخص مما ذكر ان استحباب ان يسلم المنفرد إلى القبلة تسليمة واحدة مما لا تأمل فيه واما انحصار المستحب في خصوص هذه الكيفية فلا يخلو عن تأمل واما استحباب الايماء بمؤخر عينيه إلى يمينه فقد نسب القول به إلى الشيخ وجملة ممن تأخر عنه كالمصنف وغيره بل ربما نسب إلى المشهور ولعله كاف في اثباته من باب المسامحة والا فلم يعرف وجهه ويمكن ان يكون مستنده الجمع بين ما دل على أنه يسلم إلى القبلة وبين قوله عليه السلام في خبر أبي بصير المتقدم إذا كنت وحدك فسلم تسليمة واحدة عن يمينك بحمل هذه الرواية على إرادة الايماء إلى اليمين بمؤخر العين بحيث لا ينافي صدق التسليم إلى القبلة ويكن يتوجه عليه مع بعده في حد ذاته عن ظاهر الامر بالتسليم عن اليمين انه لا خصوصيته ح لمؤخر العينين بل الايماء بوجهه قليلا بحيث لا ينافي صدق التسليم إلى القبلة أقرب إلى حقيقته فهو أولى من تقييده بمؤخر العين وأولى منه تقييده بالأنف كما يشهد له خبر المفضل المروي عن العلل الدال على استحباب الايماء بالأنف المنفرد قال سئلت أبا عبد الله (ع) لأي علة يسلم على اليمين ولا يسلم على اليسار قال لأن الملك الموكل يكتب الحسنات على اليمين والذي يكتب السيئات على اليسار والصلاة حسنات ليس فيها سيئات فلهذا يسلم على اليمين دون اليسار قلت فلم لا يقال السلام عليك والملك على اليمين واحد ولكن يقال السلام عليك قال ليكون قد سلم عليه وعلى من على اليسار وفضل صاحب اليمين عليه بالايماء إليه قلت فلم لا يكون الايماء في التسليم بالوجه كله ولكن يكون بالأنف من صلى وحده وبالعين لمن يصلي بقوم قال لأن مقعد الملكين من ابن ادم الشدقين وصاحب اليمين على الشدق الأيمن ويسلم المصلى عليه ليثبت له صلاته في صحيفته قلت فلم يسلم المأموم ثلثا قال تكون واحدة ردا على الامام وتكون عليه وعلى ملكيه وتكون الثانية على يمينه والملكين الموكلين به وتكون الثالثة على من على يساره والملائكة الموكلين به ومن لم يكن على يساره أحد لم يسلم على يساره الا أن تكون بيمينه على الحائط ويساره إلى من صلى معه خلف الإمام فيسلم على يساره قلت فتسليم الامام على من يقع قال على ملكيه والمأمومين يقول الملكية اكتبا سلامة صلاتي مما يفسدها ويقول لمن خلف سلمتم وامنتم من عذاب الله عز وجل ولكن ما تضمنته هذا الرواية من كيفية تسليم المنفرد والإمام والمأموم خلاف ما هو المشهور بين الأصحاب كما أنه مخالف لما يظهر من غيرها من الروايات المتقدمة والآيتين فضعف الاعتماد عليها حيث يغلب على الظن كونها منزلة على ما هو المتعارف بين عامة الناس على ضرب من التقية الا ان شيئا من ذلك لا يمنع عن جواز الاخذ بها بعد كون الحكم قابلا للمسامحة خصوصا بعدها حكى عن الصدوق في الفقيه والمقنع من الافتاء بمضمونها بحيث يظهر من عبارته المحكية عنه الاستناد إلى خصوص هذه الرواية فعنه في الفقيه أنه قال ثم تسلم وأنت مستقبل القبلة وتميل بعينك إلى يمينك ان كنت اماما وان صليت وحدك قلت السلام عليك مرة واحدة وأنت مستقبل القبلة وتميل بانفك إلى يمينك وان كنت خلف امام قائم به فسلم تجاه القبلة واحدة ردا على الامام وتسلم عن يمينك واحدة وعلى يسارك واحدة الا ان لا يكون على يسارك انسان فلا تسلم على يسارك الا أن تكون بجنب الحائط (فتسلم على يسارك ولا تدع التسليم على يمينك كان على يمينك أحد أو لم يكن عنه في المقنع نحوه وما في ذيل عبارته من قوله الا أن تكون بجنب الحائط) بحسب الظاهر مأخوذ مما في الرواية فهو على الظاهر استدراك الاستثناء فكأنه قال ولكن لو كان يمينك على الحائط فتسلم على يسارك تنبيه الايماء بالعين الوارد في الخبر المتقدم وكذا في عبارة الصدوق في حق الامام لا يتوقف على حرف الوجه ولو قليلا إلى اليمين بل يحصل بميل العين وصرف حد فيها إليه واما الايماء بالأنف أو بطرف كما اعتبره بعض في المنفرد أو بصفحة الوجه كما سمعته في الإمام والمأموم فلا يتحقق الا بحرف الوجه قليلا والاختلاف بينهما انما هو بتوجه النفس والقصد إلى الإشارة بكل منها فربما يؤثر ذلك اختلافا في كيفية الانحراف وان كان الكل مشتركة في توقفها على انحراف في الجملة وكيف كان فالامام على ما صرح به في المتن وغيره بل ربما نسب إلى المشهور يومي بصفحة وجهه إلى يمنه وكذا المأموم ثم إن كان على يساره غيره أو ماء بتسليمة أخرى إلى يساره بصحيحة وجهه أيضا ولكن الأخبار الواردة في الامام بل وكذا في المأموم لا يخلو عن اختلاف ففي جملة منها ان الامام يسلم تسليمة واحدة وهو مستقبل القبلة منها صحية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام إذا كنت في صف فسلم تسليمة وأنت مستقبل القبلة وخبر أبي بكر الحضرمي قال قلت له اني أصلي بقوم فقال سلم واحدة ولا تلتفت قل السلام عليك أيها النبي ورحمة الله بركاته السلام عليك وما عن المحقق في المعتبر نقلا عن جامع البزنطي عن عبد الله بن يعفور قال سألت أبا عبد الله (ع) عن تسليم الامام وهو مستقبل القبلة قال يقول السلام عليكم وفي خبر أبي بصير إذا كنت اماما فإنهما التسليم إلى أن قال ثم تؤذن القوم فتقول وأنت مستقبل القبلة السلام عليك إلى أن قال فإذا كنت في جماعة فقل مثل ما قلت وسلم على من على يمينك وشمالك فإن لم يكن على شمالك أحد فسلم على الذين على يمينك ولا تدع التسليم على يمينك وان لم يكن على شمالك أحد عن الوافي انه بعد نقل هذه الرواية قال قوله (ع) في اخر الحديث وان لم يكن على شمالك أحد الظاهر أنه كان على يمينك سهي النساخ فكتبوا شمالك وفي بعض النسخ ان لم يكن بدون الواو كأنه نشأ اسقاطه مما أومى من التهافت الناشي من ذلك السهو انتهى أقول ربما يؤيد مات ذكره من السهو بعض الأخبار الآتية وهذه الروايات ظاهرها التسليم إلى من غير التفات عنها إلى اليمين
(٣٨٤)