بالفعل مكلفا بأداء الجمعة ولو لجهله بانعقادها أو كون هذا اليوم جمعة ونحوه مما يجعله معذورا في السعي إليها فضلا عما لو احرز عدم وجوبها أو شرعيتها في حقه بالأصل فيكون أصل البراءة عن التكليف بالجمعة فضلا عن اصالة عدم مشروعيتها أو وجوبها بمنزلة الأصول الموضوعية الحاكمة على قاعدة الشغل ولا يصح قلب هذا الدليل لكما لا يخفي على المتأمل فتلخص مما قررناه انه لا مجال للارتياب في أنه لا تجب الجمعة عينا بلا حضور الامام أو منصوبه من دون فرق في ذلك بين عقدها أو الاجتماع إليها على تقدير الانعقاد ان جوزناه كما هو المشهور لقصور ما دل على وجوب السعي إليها من الكتاب والسنة عن شمول الجمعة التي لا يتعين اقامتها لانصراف أدلتها إلى الجمعة المعهودة عندهم التي كان تكليفهم الاجتماع إليها لإقامتها لا الجمعة التي أقيمت استحبابا مع أنه بحسب الظاهر مما لا خلاف فيه نعم ربما يظهر من كلمات غير واحد منهم في بادي الرأي القول بأنه بعد حصول العقد والاجتماع يتعين الجمعة بل ربما استظهر منها اتفاق القائلين بالتخيير عليه مثل ما عن الشهيد في غاية المراد من أنه بعد ان عنون كلام الارشاد وفي استحبابها حال الغيبة وامكان الاجتماع قولا ما هذا لفظه أقول في استحباب الاجتماع لصلاة الجمعة في الحال المذكور لا في ايقاع الجمعة فإنه مع الاجتماع يجب الايقاع ويتحقق البدلية مع الظهر وعن الفاضل المقداد في التنقيح بعد نقل الخلاف في المسألة وموضع البحث انما هو استحباب الاجتماع لا ايقاع الجمعة فإنه مع الاجتماع يجب الايقاع ويتحقق البدلية مع الظهر وعن جامع المقاصد أنه قال ليس المراد بالاستحباب ايقاعها مندوبة لأنها تجري عن الظهر الواجبة للاجماع على عدم شرعية الظهر مع صحة الجمعة أقول الظاهر أن مرادهم بمثل هذه الكلمات التفصي عن اشكال انه كيف يعقل اتصاف فعل واحد شخصي بالاستحباب والوجوب أم كيف يعقل الاجتزاء عن الواجب بالمستحب فجعلوا معروض الاستحباب مغائرا للوجوب تفصيا عن هذا الاشكال مرادهم بالوجوب الوجوب التخييري لا العيني بحيث لم يجز له بعد الاجتماع تركها واختيار الظهر والا فلا دليل على صيرورتها بعد الاجتماع واجبا عينا بعد ان لم تكن كذلك وكونها مجزئة عن الظهر غير مقتضية لذلك كما هو واضح فلو التزموا بكونها أفضل فردي الواجب وفسروا استحبابها بذلك كما فسره به في المدارك في شرح عبارة المصنف (ره) عند تعرضه لهذه المسألة فيما سيأتي لاستغنوا به عن هذا التكلف وكيف كان فلا ينبغي الارتياب في أنه لا يتعين فعلها بدون والامام أو منصوبه أصلا لا بعد الاجتماع ولا قبله وهل يشرع ذلك فيه قولان أشهرهما بل المشهور كما ادعاه بعض جوازه بل استحبابه قال العلامة في محكي التذكرة وهل للفقهاء المؤمنين حال الغيبة والتمكن مع الاجتماع والخطبتين صلاة الجمعة أطبق علمائنا على في لوجوب واختلفوا في استحباب اقامتها فالمشهور ذلك وقال ابن إدريس وسلار لا يجوز وقال فيها أيضا بعد ذلك ولو كان السلطان جائرا ونصب عدلا استحب الاجتماع وانعقدت جمعة على الأقوى ولا تجب بفوات الشرط وهو الامام ومن نصبه وأطبق الجمهور على الوجوب انتهى أقول وربما نسب القول بالحرمة أيضا إلى جماعة من القدماء والمتأخرين ولكن جعل كثير منهم محل البحث اقامتها في زمان الغيبة ولعل تخصيص حال الغيبة بالذكر بالذكر في كلماتهم من باب المتمثل أو لكونه هو محل الحاجة بالبحث عن حكمها والا فالمدار على اذن الامام و عدمه من غير فرق بين الأزمنة جزما وكيف كان فقد استدل للقول بالحرمة بجملة من الأصول والقواعد التي أصحها وأمتنها كونها عبارة يتوقف جوازها على التوظيف ولم يثبت لقصور العمومات والاطلاقات الواردة في الباب عن اثبات شرعية اقامتها بغير امام منصوب كما عرفت ففعلها بعنوان العبارة تشريع محرم وفيه ان جملة من الروايات المزبورة تدل على جواز اقامتها للمسلمين بل استحبابها كصحيحة زرارة المتقدمة التي ورد فيه الحث على فعلها وكذا صحيحته الأخرى المتضمنة لقوله (ع) فإذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمهم بعضهم فان حمله على إرادة بعض مبهم وهو المنصوب بعيد خصوصا مع عدم معهودية المنصوب للجمعة في تلك الاعصار من قبل الإمام (ع) وعدم كون اقامتها مع المنصوبين من قبل غيره معرضا للخوف حتى يعلقه على في لخوف وكذا الصحيحتان الدالتان على جواز اقامتها له القرية التي فيها جمع من المسلمين إذا كان لهم من يخطب بهم إذ الظاهر أن المراد بمن يخطب بهم من من شأنه الخطبة لا من كان منصوبا لذلك من قيل الوالي لما أشرنا إليه من عدم تعارف النصب من قبل الأئمة (ع) وعدم العيرة بنصب غيرهم فهو (ح) دليل الاستحباب كما تقدم تقريبه فيما سبق ورواية عبد الملك المتقدمة على أقوى الاحتمالات بل ربما يظهر ذلك من بعض الأخبار المتقدمة التي منعنا دلالتها على الوجوب العيني فليتأمل وربما يؤيده أيضا بعض الأخبار الواردة في كيفية الجمعة مثل خبر عمر بن حنظلة قال قلت لأبي عبد الله (ع) القنوت يوم الجمعة فقال أنت رسولي إليهم في هذا (إذا صليتم في جماعة ففي الركعة الأولى) إذا صليتم وحدانا ففي الركعة الثانية إلى غير ذلك مما يقف عليه المتتبع فلا ينبغي الاشكال فيه كما لا ينبغي الاستشكال في أن الجمعة متى جازت أجزأت عن الظهر إذ ليس المراد بصلاة الجمعة في شئ من النصوص والفتاوي التي وقع التعرض لها أو الشئ من احكامها الا الصلاة المعهودة التي شرعت بدلا عن الظهر من يومها بل قد أشرنا في صدر الباب إلى أن تسميتها بدلا مسامحة بل هي بعينها فريضة الظهر من يومها لدى تأديتها مع امام يخطب فلا مجال لتوهم مشروعيتها في زمان الغيبة وعدم كونها مسقطة عن الظهر ولذا لم يقع الخلاف في ذلك من أحد على مات يظهر من كلماتهم حيث ارسلوا بدليتها عن الظهر على تقدير صحتها ارسال المسلمات وصرح غير واحد باجماعهم عليه نعم لو نوقش في الأدلة التي أقيمت على شرعيتها ولكن قيل معه ذلك باستحباب فعلها من باب الاحتياط ورجاء ادراك فضيلتها أو الاكتفاء في اثبات الاستحباب بفتوى المعظم والإشارات الواقعة في النصوص التي لم تبلغ مرتبة الدلالة من باب المسامحة لم يجز الاكتفاء بها عن الفريضة التي علم اشتغال ذمته بها اللهم الا ان يقال إن اشتغال الذمة بخصوص الظهر غير معلوم والمرجع عند دوران الامر بين التعيين والتخيير اصالة البراءة عن خصوص المعين ولكنه لا يخلو من تأمل نظرا إلى أن الشك في الحقيقة راجع إلى الشك في شرعية الجماعة بهذه الكيفية وتأثيرها في سقوط الأخيرتين
(٤٤٢)