لا يبطل الصلاة وإذا بقي حكمها بقي حكمها على الجماعة في جواز الاستخلاف بخلاف ما إذا احدث متعمدا فان الصلاة تبطل بذلك فيبطل حكمها وهو جواز الاستخلاف والأصل عندنا باطل والفرع أوضح بطلانا انتهى وهو جيد وقد فسرت عبارة المتن في المسالك وغيره أيضا بهذا التفسير فكان معهودية الخلاف من أبي حنيفة في هذا الفرع أرشدتهم إلى ارادته والا فسوق العبارة يعطي ظهورها في إرادة الاستنابة اختيارا كما لو بدا له ان يستخلف غيره ويعتزل عن القوم ويتم صلاته منفردا ولكن الجزم بالجواز اي بصحة ايتمام المأمومين بالمستخلف في هذه الصورة كصورة عدولهم اختيارا عن امام إلى امام اخر بلا ضرورة يقتضيه لا يخلو من اشكال والله العالم بحقيقة الحال ويكره ان يأتم حاضر بمسافر وبالعكس على المشهور كما ادعاه في الجواهر بل عن الخلاف وظاهر الغنية دعوى الاجماع عليه وحكى عن والد الصدوق أنه قال لا يجوز امامة المقصر للمتمم ولا العكس وعن الصدوق في المقنع أنه قال لا يجوز ان يصلي المسافر خلف المقيم وعن جملة من الأصحاب انهم لم يعدوا في قسم المكروه ايتمام المسافر بالحاضر واقتصروا على الحكم بكراهة ايتمام الحاضر بالمسافر كعبارة المتن وهو مشعر بعدم التزامهم بالكراهة في عكسه و يدل على المشهور فيهما موثقة أبي العباس البقباق عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يؤم الحضري المسافر ولا المسافر الحضري فان ابتلى بشئ من ذلك فأم قوما حاضرين حضريين فإذا أتم الركعتين سلم ثم اخذ بيد بعضهم فقدمه فأمهم وإذا صلى المسافر خلف هو حضور فليتم صلاته بركعتين ويسلم وان صلى معهم الظهر فليجعل الأولتين الظهر والأخيرتين العصر والنهي في هذه الرواية وان كان متوجها إلى الامام ولكن المنساق من مثل هذه النواهي إرادة الحكم الوضعي لا محض التكليف كما في النهي عن امامة ولد الزنا والأغلف ونظائرها فيكشف ذلك عن خلل في الجماعة المنعقدة بمثل هذا الامام فيؤل النهي عن إمامته إلى النهي عن عقد هذه الجماعة سواء حصل ذلك بفعل الامام أو المأموم كما يؤيد ذلك قوله عليه السلام وإذا صلى المسافر إلى اخره إذ الظاهر سوق هذه الفقرة كسابقتها في مقام بيان تكليفه فيما لو ابتلى بشئ من ذلك سواء حصل بالإمامة لهم أو بالايتمام بهم فيكون المقصود بالنهي ان لا يصلي المسافر مع المقيم اماما كان أم مأموما كما وقع التعبير عن النهي بذلك في الخبر الآتي وقوله فان ابتلى بشئ من ذلك إلى اخره شاهد على أن النهي عنه تنزيهي لا تحريمي كما لا يخفى وصحيحة أبي بصير قال قال أبو عبد الله عليه السلام لا يصلي المسافر مع المقيم فان صلى فلينصرف في الركعتين وقوله فان صلى إلى اخره كقوله عليه السلام في الخبر السابق فان ابتلى بشئ من ذلك قرينة على أن المراد بالنهي الكراهة لا الحظر ويمكن ان يكون المراد بالنهي حقيقة بان يكون القصود به المنع عن المتابعة في مجموع الصلاة لا عن أصل الايتمام فلا يفهم منه حينئذ الكراهة ولكن الأول أوفق بالسياق وعن الفقه الرضوي قال واعلم أن المقصر لا يجوز له ان يصلي خلف المتمم ولا يصلي المتمم خلف المقصر وان ابتليت بقوم لا تجد بدا من أن تصلي معهم فصل معهم ركعتين وامض لحاجتك ان تشاء إلى أن قال وان كنت متما صليت خلف المقصر فصل معه ركعتين فإذا سلم فقم وأتم صلاتك انتهى وقد يترائى من صدر هذه العبارة إرادة الحرمة ولكن ذيلها شاهد على إرادة الكراهة إذ الظاهر أن المقصود بقوله وان ابتليت بقوم لا تجد بدا الخ إلى اخره إرادة الضرورة العرفية كانحصار إقامة الجماعة فيهم ونحوه لا الخوف من مخالفتهم والا لا نحصر مورده في التقية مع أن ما فيه من الامر بالتسليم والمضي لحاجته مخالف للتقية وعلى تقدير تسليم ظهورها في الحرمة فهي لا تنهض حجة الا لاثبات الكراهة من باب المسامحة ومما يشهد أيضا بعدم إرادة الحرمة من النهي الوارد في هذه الأخبار مضافا إلى ما عرفت جملة من الروايات المعتبرة منها صحيحة حماد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المسافر يصلي خلف المقيم قال يصلي ركعتين ويمضي حيث شاء وصحيحة محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام إذا صلى المسافر خلف قوم حضور فليتم صلاته ركعتين ويسلم وان صلى معهم الظهر فليجعل الأولتين الظهر والأخيرتين العصر وخبر عمر بن يزيد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المسافر إذا دخل في الصلاة مع المقيمين قال فليصل صلاته ثم يسلم ويجعل الأخيرتين سبحة ومرسلة ابن أبي عمير عن أحدهما في مسافر أدرك الامام ودخل معه في صلاة الظهر قال فيجعل الأولتين الظهر والأخيرتين السبحة وان كانت صلاة العصر فليجعل الأولتين السبحة والأخيرتين العصر وخبر محمد بن النعمان الأحول عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا دخل المسافر مع أقوام حاضرين في صلاتهم فان كانت الأولى فليجعل الفريضة في الركعتين الأولتين وان كانت العصر فليجعل الأولتين نافلة والأخيرتين فريضة في الوسائل بعد نقل هذه الرواية قال وعلله الشيخ اي جعل الأخيرتين العصر بكراهة الصلاة بعد العصر الا القضاء أقول ولكن يبقى بعد في هذه الرواية وكذا في سابقتيها الاشكال من جهة أخرى فان ظاهرها جواز الايتمام في النافلة هنا مع أن المشهور بين الأصحاب المنع عن الجماعة في النافلة مطلقا فيما عدى ما استثنى ولم يعدوا هذا الموضع في جملة ما خصوه بالاستثناء كما نبه عليه في الحدائق فيشكل حينئذ الاعتماد على هذا الظاهر في مقابل العمومات الناهية عن الجماعة في النافلة بعد اعراض المشهور عنه واحتمال ورود مثل هذه الأخبار في الجماعة مع المخالفين التي لا بد فيها من اظهار المتابعة لهم صورة إلى اخر صلاتهم وكيف كان فهذه الأخبار بأسرها واضحة الدلالة على جواز اقتداء المسافر بالحاضر في الجملة بل يظهر من سياقها كون جوازه لديهم على اجماله مفروغا عنه فما عن الصدوق من القول بالمنع عنه وعن والده القول بالمنع عنه وعن عكسه أيضا ضعيف في الغاية خصوصا أولهما إذ لم يعرف له مستند عدى خبر أبي بصير الذي هو على الجواز أدل واما ما استظهر من المتن وغيره من اختصاص الكراهة بايتمام الحاضر بالمسافر فيمكن ان يكون مستنده جعل الخبر الدال على الكراهة فيهما بالنسبة إلى ايتمام المسافر بالحاضر معارضا بالاخبار المتقدمة الدالة على الجواز وسلامته عن المعارض في عكسه وفيه ما لا يخفى ويحتمل قويا ان يكون مراد المصنف وغيره ممن عبر كعبارته الإشارة إلى صورة اختلاف الفرضين قصرا وتماما وترك تعرضهم لصورة العكس من باب الاختصار كما يؤيد ذلك ما حكى عن معتبره من التصريح بالكراهة فيهما والله العالم ثم إن المنساق من الأخبار الناهية عن أن يصلي المسافر مع المقيم بقرينة ما فيها من التفريغ انما هو ارادته فيما يختلف فرضهما من حيث القصر والاتمام أعني الرباعيات فان أتم أحدهما بالاخر في الصبح أو المغرب أو قضاء الصبح بظهر مقصورة مثلا فلا كراهة وحيث إن الحكم تعبدي لا يتعدى عن مورده إلى سائر الموارد التي يختلف
(٦٨٦)