لا يخلو عن نظر فالقول بعدم الوجوب كما نسب إلى أكثر المتأخرين أشبه بالقواعد الا ان الالتزام به مع استفاضة نقل الاجماع على خلافه واعتضاده بالشهرة لا يخلو عن اشكال فما ذهب إليه المشهور ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط واما وجوبهما لنسيان التشهد فهو المشهور بل عن الخلاف والغنية دعوى الاجماع عليه و يشهد له المعتبرة المستفيضة التي تقدم ذكر جملة منها لدى البحث عن قضائه فما عن ظاهر ابن أبي عقيل والشيخ في الجمل والاقتصاد وأبي الصلاح حيث لم يذكروه فيما يوجب سجدتي السهو ضعيف وما عن صاحب الذخيرة من التردد فيه لزعمه عدم ظهور الامر الوارد في اخبارنا في الوجوب في غير محله (كما تقرر في محله) والظاهر أنه لا فرق بين الأول والثاني لاطلاق بعض أدلته ولكن الأحوط في التشهد الأخير عند عدم تخلل المنافي التلافي بنية الاحتياط من غير تعرض للأدائية والقضائية ثم السجود للسهو كما ظهر وجهه فيما مر والله العالم واما الشك ففيه مسائل الأولى من شك في عدد الواجبة الثانية أعاد كالصبح وصلاة السفر وصلاة العيدين إذا كانت فريضة والكسوف على المشهور بل عن المعتبر والتذكرة والمنتهى نسبته إلى علمائنا واستثنى في الأخير ابن بابويه فحكى عنه التخيير بين البناء على الأقل والإعادة وفى الحدائق نفي الخلاف فيه بين الأصحاب وخطاء من نسب الخلاف إلى ابن بابويه فقال بعد ان نقل عن المنتهى نسبته إلى علمائنا أجمع الا ابن بابويه ما لفظه قد اشهر في كلام الأصحاب من العلامة فمن دونه نقل الخلاف عن ابن بابويه في مواضع من الشكوك كما ستمر بك انشاء الله تعالى مع أنه لا أصل له وهو من أعجب العجائب عند ذوي الألباب والسبب في ذلك هو تقليد المتأخر للمتقدم من غير مراجعته كلام ابن بابويه والنظر فيه بعين التأمل والتحقيق كما يظهر لك انشاء الله فيما نشرحه لك من البيان الرشيق ومن جملتها هذا الموضع فان كلامه فيه جار على ما جرى عليه الأصحاب ودلت عليه الأخبار في هذا الباب ثم نقل عنه في الفقيه والمقنع ما يظهر من مواقة المشهور وكيف كان فيدل على المشهور مضافا إلى الاجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة جملة من الأخبار منها صحيحة محمد بن مسلم قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي ولا يدري واحدة صلى أم ثنتين قال يستقبل حتى يستيقن انه قد أتم وفي الجمعة وفي المغرب وفي الصلاة في السفر و خبر زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال قلت له رجل لا يدرى واحدة صلى أو اثنتين قال يعيد ورواية إسماعيل الجعفي وابن أبي يعفور عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قالا إذا لم تدر أواحدة صليت أم اثنتين فاستقبل وخبر عبد الله بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن رجل لم يدر أواحدة صلى أو اثنتين فقال له يعيد الصلاة فقال له فأين ما روى أن الفقيه لا يعيد الصلاة قال انما ذلك في الثلاث والأربع ومضمرة سماعة قال سئلته عن السهو في صلاة الغداة قال إذا لم تدر واحدة صليت أم اثنتين فأعد الصلاة من أولها والجمعة أيضا إذا سهى فيها الامام فعليه ان يعيد الصلاة لأنها ركعتان والمغرب إذا سهى فيها فلم يدر كم ركعة صلى فعليه ان يعيد الصلاة ويفهم من التعليل الوارد (في هذه الرواية) ان كل فريضة ثنائية حكمه حكم صلاة الغداة في وجوب الإعادة إذا تعلق الشك بها وان مناط هذا الحكم هو كونها ثنائية لا كونها غداة أو جمعة كما أنه يفهم من تعليق الحكم على مطلق السهو في الجمعة عدم اختصاصه بالشك بين الواحدة الاثنتين كما وقع عنه السؤال في الغداة بل يعم مطلق الشك المتعلق بعدد الركعات ولو بين كونها اثنتين (أو ثلاثا فما زاد كما يؤيد ذلك) مضافا إلى اطلاق كلمات الأصحاب في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم المحكية المستفيضة الدالة على بطلان الغداة بالشك في عددها على الاطلاق مثل ما عن الشيخ في الصحيح عن الحلبي وحفص بن البختري وغير واحد عن أبي عبد الله عليه السلام إذا شككت في المغرب فأعد وإذا شككت في الفجر فأعد ومرسلة يونس عن أبي عبد الله عليه السلام في المغرب والفجر سهو إلى غير ذلك من الروايات الدالة عليه وربما يشهد له أيضا المستفيضة الدالة على أن الفرائض التي فرضها الله تعالى في أصل الشرع ركعتان (وهاتان الركعتان) يجب حفظهما عن السهو مثل ما رواه الصدوق باسناده عن زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام كان الذي فرض الله على العباد عشر ركعات وفيهن القراءة وليس فيهن وهم يعني سهوا فزاد رسول الله صلى الله عليه وآله سبعا وفيهن الوهم وليس فيهن قراءة فمن شك في الأولتين أعاد حتى يحفظ ويكون على يقين ومن شك في الأخيرتين عمل بالوهم وخبر عبد الله بن سليمان عن أبي جعفر عليه السلام قال لما عرج برسول الله صلى الله عليه وآله نزل بالصلاة عشر ركعات فلما ولد الحسن عليه السلام والحسين عليه السلام زاد رسول الله صلى الله عليه وآله سبع ركعات وانما يجب السهو فيما زاد رسول الله صلى الله عليه وآله فمن شك في أصل الفرض الركعتين الأولتين استقبل صلاته إلى غير ذلك من الروايات الدالة عليه وقد أشرنا انفا إلى أن قضية التعليل الوارد في خبر سماعة كاطلاق سائر الروايات المتقدمة عليه ومفهوم الحصر الوارد في خبر الهاشمي اطراد الحكم في كل ثنائية حتى العيدين والكسوفين فعدم ورود نص خاص فيهما غير قادح خصوصا مع اعتضاده بنقل الاجماع وعدم القول بالفصل ولكن مورد هذا الحكم هي الصلوات المفروضة دون النوافل بشهادة النص والاجماع بعدم بطلان النافلة بالشك في عددها كما ستعرف مع امكان دعوى انصراف الروايات في حد ذاتها بواسطة ما فيها من الامر بالإعادة إلى الفرائض كما ربما يؤيد ذلك الطائفة الأخيرة من الأخبار بل لا يبعد دعوى انصراف المطلقات عن العيدين والكسوفين أيضا الا ان فيما عداها مما عرفته غنى وكفاية مضافا إلى موافقة وجوب الإعادة للأصل وهي قاعدة الاشتغال فإنه وان كان مقتضى الأصل الأولى في مثل المقام هو البناء على الأقل لأصالة عدم فعل المشكوك فيه وبقاء التكليف به وعدم الاعتناء باحتمال حصول الزيادة المبطلة بفعله لمخالفته للأصل كما هو الشان في سائر الأركان عند الشك فيها قبل تجاوز محلها و دعوى ان المعتبر في الفريضة الثنائية وقوعها بلا زيادة ولا يحرز وقوعها كذلك بالأصل فإنه لا يجدي في اثبات الاتصاف مدفوعة بمنع اعتبار الاتصاف بالعدم قيدا في المهية حتى يشكل احرازه بالأصل وانما المسلم أو انحصار المأمور به في الركعتين وكون الزيادة مبطلة كما في سائر الأركان مع أن الاتصاف في حد ذاته مجرى للأصل لحصوله بعد اتمام الركعتين وارتفاعه بلحوق الزيادة غير معلوم فلا حاجة إلى احرازه بأصل اخر كي يكون ذلك الأصل بالنسبة إليه مثبتا اللهم الا ان يقال إن مرجع اخذ العدم قيدا إلى اعتبار صفة وجودية ملازمة له كاستقلال الركعتين بالفردية والانقطاع عليهما ونحوه
(٥٥٣)