الزكاة المفروضة لان الله عز وجل يقول فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم وشهادة الزور وكتمان الشهادة لان الله عز وجل يقول من يكتمها فإنه اثم قلبه وشرب الخمر لان الله عز وجل نهى عنه كما نهى عن عبادة الأوثان وترك الصلاة متعمدا أو شيئا مما فرضه الله لان رسول الله صلى الله عليه وآله قال من ترك الصلاة متعمدا فقد برء من ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وآله ونقض العهد وقطعية الرحم لان الله تعالى يقول لهم اللعنة ولهم سوء الدار قال فخرج عمر وله صراخ في بكائه وهو يقول هلك من قال برأيه ونازعكم في الفضل والعلم أقول في شهادة هذه الصحيحة على المدعى تأمل فالأولى ذكرها كالحسن السابق بيانا لما ثبت كونها كبيرة بالنص المعتبر فليتأمل ثم قال الرابع دلالة العقل والنقل على أشدية معصية مما ثبت كونها من الكبيرة أو مساواتها لها كما في قوله تعالى والفتنة أكبر من القتل وفي الكذب شر من الشراب وكما ورد في الغيبة انه أشد من الزنا ومثل حبس المحصنة للزنا فإنه أشد من القذف بحكم العقل ومثل إعلام الكفار بما يوجب غلبتهم على المسلمين فإنه أشد من الفرار من الزحف الخامس ان يرد النص بعدم قبول شهادته أو الصلاة خلفه كما ورد النهى عن الصلاة خلف العاق لوالديه أقول استفادة كون الذنب كبيرة من هذا القسم من النص مبنى على ما تسالموا عليه من عدم كون الصغيرة قادحة بالعدالة المعتبرة في الشاهد وامام الجماعة وسيأتي البحث عنه واما ما ذكروه من أن فعل الكبيرة مخل بالعدالة مطلقا دون الصغيرة فعمدة ما يصح الاستناد له إليه قوله عليه السلام في صحيحة ابن أبي يعفور ويعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله عليها النار وهو انما يتم لو كان هذا الكلام في حد ذاته معرفا مستقلا للعدالة وهو خلاف الظاهر بل غير مستقيم فإنه لا يجتمع مع ما ذكر أولا معرفا للعدالة حيث إن الأول أخص مطلقا من الثاني فيحصل التنافي بين المعرفين اللهم الا ان يلتزم بارجاع الأول إلى الثاني بحمل قوله ان يعرفوه بالستر والعفاف وكف البطن والفرج واليد واللسان على إرادة الاتصاف بهذه الأوصاف بالإضافة إلى خصوص الكبائر وهو لا يخلو من بعد فالظاهر أنه من تتمة المعرف الأول فهو من قبيل ذكر الخاص بعد العام اما لشدة الاهتمام به أو بلحاظ ان اجتناب الكبائر من حيث هو له ملحوظية في باب العدالة عرفا وشرعا نظرا إلى صيرورة حرمتها لدى المتشرعة من الضروريات على وجه لا يمكن عادة صدورها من شخص الا بعد الالتفات تفصيلا إلى حرمتها الا ان لا يكون مباليا بالدين أصلا بحيث يختفي عليه ضروريات الدين أو يغفل عنها حين ابتلائه بمواردها كما لو صار مثلا شرب الخمر لديه من مشروبه المتعارف بحيث لا يلتفت حين شربه إلى حرمته وهذا بخلاف صغائر الذنوب فإنها ربما تصدر من المتدينين جهلا بحرمتها أو غفلة عنها حال الارتكاب بحيث لو علم بحرمتها والتفت إليها تفصيلا لتركه فلا ينافي ذلك صدق اتصافه بكونه ممتنعا عن فعل المحرمات الذي هو معنى كف البطن والفرج إلى آخره أو ان المراد بالفقرة الأولى ملكة الأمور المزبورة الغير المنافية عرفا لصدور ما يخالف مقتضاها أحيانا وبالفقرة الثانية الفعلية فيكون محصل مفاد الرواية في تعريف الرجل العدل هو من كان له ملكة العفة والستر وحفظ جوارحه عن ارتكاب ما نهى عنه خصوصا الكبائر فإنه يعتبر فيها مع ذلك الاجتناب الفعلي وهذا ينطبق في الخارج على ما ذهب إليه المشهور وان لا يخلو تطبيق كلماتهم عليه عن تكلف وكيف كان فعلى هذا التقدير أيضا قد يتجه الاستدلال بالرواية للمدعى حيث إن مفادها ان فعل الكبيرة مخل بالعدالة مطلقا دون الصغيرة ولكن يتوجه عليه أو لا انه لم يتعين إرادة هذا المعنى من الرواية اللهم الا ان يدعى انه أقرب محتملاتها كما ليس بالبعيد وثانيا ان مقتضاها عدم كون الصغيرة قادحة فيما إذا أصدرت ممن كان له ملكة الاجتناب عنها وكان صدورها منه على خلاف ما يقتضيه شأنه لا مطلقا كما يقتضيه ظاهر كلماتهم فليتأمل والذي يقوى في النظر ان صدور الصغيرة أيضا إذا كان عن عمد والتفات تفصيلي إلى حرمتها كالكبيرة مناف للعدالة ولكن الذنوب التي ليست في انظار أهل الشرع كبيرة قد يتسامحون في امرها فكثيرا ما لا يلتفون إلى حرمتها حال الارتكاب أو يلتفتون إليها و لكن يكتفون في ارتكابها باعذار عرفية مسامحة كترك الامر بالمعروف أو النهى عن المنكر أو الخروج عن مجلس الغيبة ونحوها حياء مع كونهم كارهين لذلك في نفوسهم فالظاهر عدم كون مثل ذلك منافيا لاتصافه بالفعل عرفا بكونه من أهل الستر والعفاف والخير والصلاح وغير ذلك من العناوين المعلق عليها قبول شهادته في اخبار الباب وهذا بخلاف مثل الزنا واللواط وشرب الخمر وقتل النفس ونظائرها مما يرونها كبيرة فإنها غير قابلة عندهم للمسامحة ومانعة عن اتصاف فاعلها بالاستقامة والاعتدال مطلقا فهذا هو الفارق بين ما يراه العرف صغيرة وكبيرة فان ثبت بدليل شرعي ان بعض الأشياء التي يتسامح فيها أهل العرف ولا يرونها كبيرة كالغيبة مثلا حاله حال الزنا والسرقة لدى الشارع في كونها كبيرة كشف ذلك عن خطاء العرف في مسامحتهم وان هذا أيضا كالزنا مناف للعدالة مطلقا فالذي يعتبر في تحقق وصف العدالة ان يكون الشخص من حيث هو لو خلى ونفسه كافا نفسه عن مطلق ما يراه معصية ومجتنبا بالفعل عن كل ما هو كبيرة شرعا أو في انظار أهل العرف والدليل على ما قويناه ما تقدمت الإشارة إليه مرارا من أن المتبادر من اطلاق كون الرجل عدلا في الدين ليس الا إرادة كونه ملازما للتقوى والصلاح بأداء الواجبات وترك المحرمات ولم يظهر من صحيحة ابن أبي يعفور ولا من غيرها من الروايات إرادة ما ينافي ذلك فمن شهد أهل العرف الذين القى إليهم الخطاب باشهاد ذوى عدل منهم بكونه موصوفا بهذه الصفة جرى عليه حكمه وان كانت شهادتهم بذلك مبتنية على بعض المسامحات المغتفرة لديهم كسائر الموضوعات التي تعلق بها حكم شرعي مما يتحمل المسامحات العرفية كإطلاق الصاع من الحنطة على الحنطة المدفوعة فطرة المشتملة على شئ يسير من تراب أو تبن ونحوه مما يتسامح فيه فحكمهم متبع في تشخيص موضوعات الاحكام وان كان مبنيا على هذا النحو من المسامحات الغير الموجبة لكون الاطلاق اطلاقا مجازيا في عرفهم اللهم الا ان يدل دليل شرعي على خطائهم في مسامحتهم و ان الذنب الفلاني الذي يستصغره العرف ويتسامحون في امره ليس كما يرونه بل هو عظيم في الواقع بحيث لو اطلع العرف على عظمته لرأوا كون مرتكبه خارجا عن حد الاعتدال خروجا بينا غير قابل للمسامحة نظير ما لو دل الدليل في المثال على أن ما يرونه من التبن المختلط ليس كما يرونه بل هو جسم تقبل كقطع الحديد له مقدار معتد به من الوزن غير قابل للمسامحة فليتأمل فإنه لا يخلو من دقة وكذا يعتبر في الامام العقل حال الإمامة كما يدل عليه مضافا إلى أنه لا عبادة للمجنون صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام
(٦٧٥)