لكونه واقعا على وجه قبيح لا تتهمه بذلك بل احمله على أحسنه ما دمت تجد لفعله محملا صحيحا قابلا لان يحمل عليه كما نطق بذلك جملة من الاخبار ولكن المقصود بتلك الأخبار على الظاهر ليس الا ما أشير إليه من في تهام المؤمن وسوء الظن به مهما صح توجيه عمله بالحمل على محمل حسن لا الالتزام بتنزهه في الواقع عن ارتكاب الصحيح الذي من جملته ترك الواجبات المستلزم للحكم بوثاقته وعدالته تعبدا كما لا يخفى على من لاحظها وان أريد بأصالة الصحة ظهور الحال بدعوى ان الظاهر من حال المسلم وقوفه على جادة الشرع وعدم ميله عنه ففيه ان هذا الظهور لو كان فمنشأه الغلبة وهي ممنوعة بل الغالب في المسلمين عدم استقامتهم على الطريقة على الاطلاق ولو سلمت الغلبة على وجه أفادت الظن به في المجهول حاله فلا دليل على اعتبار هذا الظن المعبر عنه بظهور الحال وان أريد بها قاعدة المقتضى والمانع بدعوى ان الاسلام الذي هو عبارة عن الاقرار بالشهادتين والتصديق بجميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله مقتض للتدين بشريعته في مقام العمل أي الخروج عن عهدة تكاليفه ما لم يمنعه مانع فالفسق الذي هو عبارة عن الخروج عن الطاعة لابد وأن يكون عن سبب مانع للاسلام عما يقتضيه من الطاعة فلا يعتنى باحتماله ما لم يتحقق ففيه بعد تسليم القاعدة ان الاعتراف بصدق النبي وصحة شريعته ليس بنفسه مقتضيا لعدم مخالفته في مقام العمل وانما المقتضى له خوف المؤاخذة المترتبة (على المخالفة) فليس مجرد العلم بوجوب شئ أو حرمته تفصيلا فضلا عن التصديق الاجمالي بصدق النبي صلى الله عليه وآله الذي تتوقف عليه الاسلام كافيا في البعث على الخروج عن عهدته ما لم يكن في نفسه مرتبة من الخوف داعية إليه كما لا يخفى واما الدليل الرابع فيتوجه عليه المنع من عدم انتظام الاحكام للحكام الا بالاقتصار في معرفة الشهود على مجرد ظهور الاسلام وعدم ظهورا لفسق فان معرفة كونهم بظاهر حالهم من أهل المروة والصلاح امر ميسور في الغالب خصوصا لو اكتفينا في ذلك بالمعرفة الظنية الحاصلة من حضور جماعة المسلمين في صلواتهم الخمس ونظائره ودعوى لزوم الاختلال وابطال الحقوق مقلوبة فإنه لو اقتصرنا في اثبات الحقوق واحقاقها على مجرد اخبار من لم يظهر منه الا مجرد الاسلام لزم منه تضييع الحقوق وتلفها لشيوع من يشهد بالزور فيما بين المسلمين فكيف يجوز أن يوثق في امر دين الخلق ودنياهم وفروجهم وأموالهم وأغراضهم ودمائهم بمن لم يستوثق منه الأمانة والصدق والصلاح وكيف كان فهذا القول بظاهره ضعيف والأقوى هو القول بكفاية حسن الظاهر وعدم اعتبار تحصيل الوثوق (كما نسب) إلى المشهور لاستفاضة الروايات الدالة عليه وعدم صلاحية شئ من الروايات التي أوردناها دليلا لاعتبار الوثوق لمعارضتها لحكومة هذه الروايات على تلك الأخبار الدلالة هذه الأخبار على ثبوت عدالة الشخص بحسن ظاهره كما وقع التصريح به في صحيحة ابن أبي يعفور على ما رواها الشيخ حيث قال ومن لزم جماعتهم حرمت عليه غيبته وتثبت عدالته بينهم وفي رواية علقمة التصريح بان من لم تره بعينك يرتكب ذنبا ولم يشهد بذلك شاهدان فهو من أهل العدالة والستر وتوهم جرى هذه الأخبار مجرى الغالب من إفادة حسن الظاهر الوثوق بالعدالة مدفوع بان الامارات التي أشير إليها في الاخبار من حضور الجماعة أو حسن المعاشرة مع الناس بعدم التعدي عليهم في المعاملة وخلف الوعد وكذب الحديث أو عدم تظاهره بالفسق ونحوها لا تفيد غالبا أزيد من الظن بل قد لا تفيد الظن أيضا فهي امارات نوعية قد لا تفيد الظن أيضا ولكن الشارع اعتبرها طريقا للحكم بالعدالة مطلقا على ما يقتضيه اطلاق أدلته وان لم تفد الظن في خصوص المورد فضلا عن الوثوق ويشهد لذلك مضافا إلى ذلك قوله عليه السلام في خبر الأمالي من صلى خمس صلوات في اليوم والليلة في جماعة فظنوا به خيرا وأجيزوا شهادته وفي خبر اخر من صلى خمس صلوات في اليوم والليلة في جماعة فظنوا به كل خير إذا الظاهر أن المراد به الامر بالمعاملة معه معاملة الظن والا فنفس الظن عند حصول هذا السبب ليس امرا اختياريا قابلا لان يتعلق به التكليف فيدل الرواية بالالتزام على أن الظن بكون الرجل من أهل الخير والصلاح سبب لترتب احكامه عليه وان حضوره للجماعة في الفرائض الخمس بمنزلته فليتأمل والحاصل ان مفاد هذه الأخبار هو ان العدالة تثبت شرعا بهذه الامارات وقضية ذلك تحكيم هذه الروايات على الأخبار المتقدمة الواردة في باب الجماعة الدالة بظاهرها على اعتبار الوثوق بدين الامام وأمانته وورعه التي استظهرنا منها اعتبار العدالة وتنزيل ما ورد في تلك الأخبار من التعبير بالوثوق على الجرى مجرى العادة من كونه كالعلم طريقا عاريا لاحراز العدالة كتحكيم أدلة الاستصحاب والبينة وغيرها من الامارات عليها وعلى غيرها مما اخذ فيه العلم أو الوثوق من باب الطريقة من مثل قوله عليه السلام كل شئ فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف انه حرام ونظائره والا لوجب الالتزام بان لوصف الوثوق من حيث هو مدخلية في جواز الايتمام وعدم كون مجرد ثبوتها شرعا باي طريق يكون ما لم يكن مفيدا للوثوق كافيا في صحة الايتمام فيشكل حينئذ الاعتماد على البينة أيضا ما لم تفد الوثوق فضلا عن الاستصحاب ونحوه من الأمور التعبدية الا ان يدل عليه دليل خاص تعبدي غير عمومات أدلة هذه الأمور وهذا بحسب الظاهر ممالا يلتزم به أحد وملخص الكلام انه لا معارضة بين الاخبار لأنه ان اخذ الوثوق في تلك الأخبار من باب الطريقية فهذه الأخبار حاكمة عليها والا فلا تنافى بينها ولكن مقتضاها الالتزام بالتفصيل بين باب الجماعة وغيرها بالالتزام باعتبار الوثوق في الأول وكفاية حسن الظاهر فيما عداه ولكن الظاهر في لقول بالتفصيل فيتعين حملها على الطريقة كما لعله هو الظاهر منها فتلخص مما ذكرناه ان الأقوى ما ذهب إليه المشهور من كفاية حسن الظاهر في الحكم بالعدالة وان لم تحصل الوثوق بها حتى في باب الجماعة وهل يشترط افادته للظن أم يكفي مطلقا وجهان بل قولان أشبههما الثاني لاطلاق الروايات الدالة عليه بل ظهور بعضها بالخصوص في ذلك كما عرفته انفا وربما نسب إلى المشهور الأول بدعوى ورود الاخبار مورد الغالب وهى صورة افادته للظن بل قد يظهر من بعضهم إناطة الحكم بالظن من أي سبب يكون لتسالمهم على قيام الظن مقام العلم فيما لا سبيل للعلم به غالبا وهو لا يخلو من اشكال خصوصا في مثل المقام الذي ثبت فيه عرفا وشرعا طريق خاص وهو حسن الظاهر والله العالم ثم إنه قد يترائى من بعض النصوص والفتاوى ان الاستقامة الظاهرية التي يعبر عنها بحسن الظاهر بنفسها هي العدالة كما قواه في الجواهر ناسبا له إلى كثير من القدماء بل عن المحقق البهبهاني في حاشية المعالم
(٦٧٢)