قوله (ع) بعد ان ذكر ان مثله لم يكن يصلى عليه وكان علي (ع) يأمر به فيدفن ولا يصلى عليه ولكن الناس صنعوا شيئا فنحن نصنع مثله نص في ذلك ولكنه لا منافاة بين ان لا يكون شئ بالذات عبادة بل مرجوحا ويعرضه بتعارفه بين الناس جهة محسنة فيجعله راجحا كقيام الشيخ عن مجلسه عند قدوم عالم جليل فان هذا لم يكن راجحا في أصل الشرع بل مرجوحا ولكن بعد ان صنعه الناس بحيث رأوا تركه تحقيرا بالعالم وهتكا لحرمة صار فعله راجحا بل قد يصير واجبا فمن الجايز ان يكون صلاة أبي جعفر (ع) على أطفالهم بعد تعارفها بين الناس من هذا الباب اي حفظ احترام موتاهم وعدم استحقارها لا من باب التقية كما ربما يشعر بذلك ما ذكره (ع) في مرسلة الصدوق والصحيحة الأخيرة والحاصل انه لا دلالة في هذه الأخبار على أن صدور الصلاة من أبي جعفر (ع) كان خوفا من ضررهم كما هو مناط كونه تقية فيمكن ان يكون بواسطة اندراجها بذلك في عنوان راجح فلا يعلم من ذلك ان الامر الذي صدر من الصادق (ع) في الأخبار السابقة صدر تقية كي يجوز طرحها نعم هذه الروايات تصلح شاهدة لصرف تلك الأخبار عن ظاهرها من الوجوب لكونها نصا في أنه لا تجب الصلاة بالفعل الا على من عقل الصلاة وكان ابن ست سنين فلاحظ وتدبر فان وقع الولد سقطا ميتا لم يصل عليه ولو ولجته الروح كما يدل عليه مضافا إلى الأصل الروايات المتقدمة للصلاة على الصبي بما إذا سقط من بطن أمه واستهل صارخا * (القسم الثاني) * في المصلى أحق الناس بالقيام باحكام الميت من تغسيله وتكفينه ودفنه والصلاة عليه من هو أولى الناس به ولا يجوز لغير المبادرة إلى شئ منها الا برضاه ما دام الاستئذان منه ممكنا كما عرفته في مبحث الغسل ويدل عليه أيضا في خصوص المقام ما رواه الكليني (ره) باسناده عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع) قال يصلى على الجنازة أول الناس بها أو يأمر من يحب وعن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال يصلى على الجنازة أولى الناس بها أو يأمر من يحب ورواية السكني عن جعفر عن أبيه عن ابائه (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع) إذا حضر سلطان من سلطان الله جنازة فهو أحق بالصلاة عليها ان قدمه الولي والا فهو غاصب ويحتمل بعيدا ان يكون المراد بالسلطان في هذه الرواية الامام المعصوم (ع) فينبغي (ح) لأن يحمل قوله (ع) فان قدمه الولي فهو والا فالولي غاصب لأن امام الأصل أولى بالولي والمولى عليه فيما يتعلق بهما من أنفسهما بنص خبر الغدير المتواتر بين الفريقين وكيف كان فمن هو أولى الناس به هو من كان أوليهم بميراثه كما مر تحقيقه في المبحث المشار إليه وكفاك شاهدا على ذلك صحيحة الكناسي عن أبي جعفر (ع) قال ابنك أولى بك من ابن ابنك وابن ابنك أولى بك من أخيك وقال أخوك لأبيك وأمك أولى بك من أخيك لأبيك وقال أخوك لأبيك أولى بك من أخيك لامك وقال وابن أخيك لأبيك وأمك أولى بك من ابن أخيك لأبيك وقال وابن أخيك لأبيك أولى بك من عمك قال وعمك أخو أبيك من أبيه وأمه أولى بك من عمك أخي أبيك من أبيه قال وعمك أخو أبيك من أبيه أولى بك من عمك أخي أبيك لأمه قال وابن عمك أخي أبيك من أبيه وأمه أولى بك من ابن عمك أخي أبيك لأبيه قال وابن عمك أخي أبيك من أبيه أولى بك من ابن عمك أخي أبيك لأمه فان الأولوية كما ترى دائرة مدار الإرث فمن كان الوارث فهو الأولى من غير الوارث فهو أيضا دلالة على أن المتقرب بالأبوين أولى بالميت من المتقرب بأحدهما وان المتقرب بالأب أولى من المتقرب بالأم وان كانا في مرتبة واحدة من حيث القرابة الموجبة لاستحقاق أصل الإرث ومن هنا يعلم أن العم أولى بالميت من الخال وان كانا في مرتبة واحدة من حيث الوارثية كما صرح به الأصحاب فأولويته منه باعتبار أشدية علاقة النسبة من طرف الأب وهي موجبة لكثرة النصيب وليس بمانعة عن أصل الاستحقاق بل قد لا تكون كذلك أيضا فان نصيب الابن أكثر من الأب ومع ذلك الأب أولى من الابن كما هو المشهور بل في المدارك هذا ما ذهب الأصحاب لا اعلم فيه مخالفا بل عن التذكرة انه أولى منه ومن الجد وغيره من الأقارب كولد الوالد والاخوة عند علمائنا مشعرا بالاجماع عليه أقول اما أولويته على ما عدى الابن ممن ليس في طبقته في الميراث فقد ظهر وجهه مما مر فما عن ابن الجنيد من تقديم الجد عليه وعلى الابن فمحجوج بما مر وقد سبق مزيد توضيح لذلك في مبحث الغسل واما أولويته من الولد مع تساوهما في الدرجة من حيث الوارثية وأكثرية الولد نصيبا في الميراث فعللوه بان الأب أشفق على الميت وأرق عليه فيكون دعائه أقرب للإجابة ونوقش فيه بعدم صلاحية مثل هذه الوجوه الاعتبارية لاثبات حكم شرعي والأولى الاستدلال له بعد الغض عن الاجماع بأنه مع وجود الأب للميت لا يلتفت الذهن لدى الامر بان يصلى عليه أولى الناس به أو يرجع إليه في سائر تجهيزاته الا إلى أبيه فهو الذي ينصرف إليه اطلاقات الأدلة الواردة في هذا الباب كما فهمه الأصحاب وليس هذا منافيا لما ذكروه من أن أحق الناس بالصلاة عليه أوليهم بميراثه فان الأب وكذا كل من كان في طبقته أولى الناس بميراثه ممن عداهم وكون الولد أكثر نصيبا من والديه لا يجعله أولى بأصل الميراث إذ قد يكون ذلك لمصالح اخر كأكثرية نصيب الذكر من الأنثى مع اتحاد نسبتهما من حيث القاربة فأحقية الأب من الابن بمنصب الولاية على الميت كأحقية الذكر من الأنثى بزيادة النصيب انما هي لجهات اخر غير جهة القرابة وكيف كان فالمدار على ما يفهم من أدلته وقد ادعينا انصرافها إلى الأب حال وجوده والعرف اعدل شاهد بذلك وكذا الولد وان نزل أولى بوالديه من الجد والأخ والعلم وباقي الأرحام بلا شبهة والأخ من الأب و الأم أولى ممن ينسب بأحدهما لأنه أولى بالميت عرفا وشرعا ممن ينسب بأحدهما والأخ من الأب أولى من الأخ من الأم وهو أولى من ابن الأخ والعم وباقي الأرحام وابن أخيه لأمه وأبيه أولى من ابن أخيه لأبيه أو لأمه وابن أخيه وان نزل أولى من عمه وهو أولى من خاله والمتقرب إلى الميت بالأب و الأم أولى من كل مرتبة من التقرب بأحدهما والمتقرب بالأب أولى من المتقرب بالأم كما دلت عليه الصحيحة المتقدمة تصريحا في بعضها وتلويحا في بعض مما ليس فيها التصريح به بخصوصه كتقديم العم على الخال لما فيها من الإشارة إلى وجه التقديم من أن المتقرب بالأب في كل مرتبة أولى من المتقرب بالأم
(٤٩٥)