ما دام فعلها كاضرام النار في المسجد أو وقوفه قبالة المصلين أو مروره بين أيديهم للفرق بين التصوير ونحوه من التصرفات الموجبة لخروج المكان من حيث هو عن صلاحية ان يصلى فيه صلاة بلا منقصة وبين التصرفات الخارجية الغير الموجبة لصيرورة المكان من حيث هو كذلك فان هذا لا يضر بنفس المسجد ولا بما تعلق به غرض الواقف من كونه معبدا للناس فان ترتب على هذا النوع من التصرفات ضرر فعلى خصوص المصلين في ذلك الوقت حيث يرد على صلاتهم منقصة بواسطتها فان رضوا بذلك فلا محذور والا يشكل جواز هذا النحو من التصرفات أيضا الا ان يدل عليه دليل بالخصوص فليتأمل ويحرم بيع آلتها كما عن غير واحد التصريح به وظاهرهم عدم الجواز مطلقا حتى مع المصلحة بل عن بعضهم التصريح بأنه لا يجوز بيعها بحال فهو كالصريح في الاطلاق فتكون حالها ح حال ارض المسجد التي ستعرف انه لا يجوز بيعها بحال لأصالة حرمة التصرف في الوقف إذا الوقوف على حسب ما يقفها أهلها ولكن في كشف اللثام بعد ان نقل عن جملة منهم التصريح بالمنع قال يعنون حرمة ما جرى عليه الوقف من الآلات الا ان تقضيه المصلحة كسائر الوقوف وظاهره كصريح جملة منهم جواز بيعها مع المصلحة بل في المدارك قال انما تثبت مع انتفاء المصلحة والا جاز قطعا بل قد يجب ويتولاه الناظر انتهى وفي الجواهر بعد نقل ما سمعته من المدارك وغيره قال ما لفظه قلت لا ريب في اصالة الحرمة ولا دليل على كفاية مطلق المصلحة نعم لا يبعد الجواز إذا تعذر استعمالها والانتفاع بها فيما قصده الواقف أو قرب منه ضرورة أو لوشه من التلف اما مع امكان أحدهما فلا انتهى وهو جيد ولتمام الكلام فيه مقام اخر وكذا يحرم ان يؤخذ منها في الطرق أو الاملاك بحيث ينمحي عنه اثار المسجدية أو يبطل استعماله فيما أعد له ضرورة منافاته لما يقتضيه وقفيته على الجهة المخصوصة فمن اخذ منها شيئا فهو غاصب وجب عليه ان يعيده إليه أو إلى مسجد اخر مع تعذر الإعادة إلى الأول اما بدونه فمشكل خصوصا إذا حصل بسببه نقص في هذا المسجد بل لا ينبغي الاستشكال في عدم جوازه في هذا الفرض والظاهر اختصاص التكليف بإعادته إليه بمن تصرف فيه وادخله في الطريق مثلا لأنه هو الغاصب دون دون غيره ولكن في المدارك صرح بأنه لا يختص الوجوب بالمغير بل يعمه وغيره وفى الجواهر بعد ان نقل ذلك عن المدارك قال ولا بأس به ان كان المراد حسبته لكن لكن لا يبعد وجوب المؤنة لو احتيج إليها من المتخذ فيجبر عليها وتؤخذ من ماله قهرا كغيره من مؤنة رد المغصوب أقول الظاهر أن حاله ليس الا حال سائر الأموال المغصوبة من الأوقاف وغيرها ولا دليل على كون تخليصها من الغصب من الواجبات الكفائية على سائر المكلفين نعم قد يجب عليهم كفاية من باب النهى عن المنكر الزام الغاصب بردها إلى مستحقها لا انه يجب عليهم ابتداء ان يتحملوا كلفة الرد خصوصا لو كان لها ناظر مخصوص فليتأمل وإذا زالت اثار المسجدية لا تزول بذلك مسجديته لان قوام المسجدية في الحقيقة انما هو بأرض المسجد لا بالآثار بل لو خرجت ارضه عن صلاحية ان يصلى فيه بالفعل باستيلاء الماء عليها أو استيجامها مثلا لم يحل لاحد تملكه بل ولا فعل ما ينافي مسجديته فان هذا أيضا كزوال الآثار غير مقتض لزوال مسجديته فضلا عن بطلان وقفية المانعة عن صحة تملكه إذ لا معنى للمسجدية الا كون المكان موقوفا للصلاة بحيث لو أراد أحد ان يصلى فيه ولو بان يتكلف في اصلاح الأرض وإزالة الموانع أو بعد ان أزيلت الموانع بفعل أي شخص يكون لم يكن لاحد مزاحمته في ذلك فعروض الموانع عن الصلاة فيه بالفعل غير مقتض لذهاب ماهية المسجدية وتمام الكلام في هذه المباحث وما بها من الفروع موكول إلى محله نسئل الله التوفيق لتنقيحها ولا يجوز ادخال النجاسة إليها إذا كانت مسيرته إلى المسجد لا مطلقا على الأظهر ولا إزالة النجاسة فيها إذا كانت موجبة لتلويث المسجد لا مطلقا على الأشبه ولو اصابته نجاسة وجبت ازالته فورا سواء كان بفعله أم بفعل غيره وهل يختص هذه الأحكام بظاهر المسجد أم تعم باطنه فيه تردد وقد تقدم تحقيق هذه المسائل مفصلا في كتاب الطهارة فلا نطيل بالإعادة ولا اخراج الحصى منها أي اخذه بحيث ينقطع علاقة اختصاصه بالمسجد والا فليس مجرد الاخراج من حيث هو حتى مع العزم على ارجاعه إلى مكانه محرما وكيف كان فقد صرح غير واحد منهم المصنف والعلامة والشهيد في بعض كتبهم بحرمة اخراج الحصى من المسجد وانه ان فعل ذلك وجب رده إليه أو إلى مسجد اخر وذهب آخرون إلى القول بكراهته منهم المصنف ره في المعتبر والعلامة في عدة من كتبه والشهيد في الذكرى والدروس والبيان على ما حكى عن بعضها واستدل للقول بالحرمة بكونه من اجزاء الوقف وقضية ذلك حرمة اتلافه ووجوب اعادته إلى الوقف قضاء لوقفية وبخبر وهب بن وهب عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال إذا اخرج أحدكم الحصاة من المسجد فليردها مكانها أو في مسجد اخر فإنها تسبح وما رواه الشيخ بأسناده عن زيد الشحام قال قلت لأبي عبد الله ع اخرج من المسجد حصاة قال فردها أو اطرحها في مسجد وعن الكليني بأسناده عن زيد الشحام نحوه الا أنه قال وفى ثوبي حصاة وخبر معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله ع انى اخذت سكا من سك المقام وترابا من تراب البيت وسبع حصيات فقال بئس ما صنعت اما التراب والحصى فرده وفي كشف اللثام بعد ان نقل كلا من القول بالكراهة والوجوب عن جملة منهم قال ولعل المحرم اخراج ما هي من اجزاء ارض المسجد التي جرى عليه المسجدية والمكروه اخراج ما خصت المسجد بعد المسجدية فلا خلاف واما الحصى الخارجة عن القسمين فينبغي قمها واخراجها مع القمامة انتهى وفي الجواهر بعد نقل عبارة كاشف اللثام قال وكأنه اخذ ذلك من تقييد جماعة منهم الثانيان الحرمة بما إذا كانت جزء من المسجد وفيه مع أنه تقييد لاطلاق النصوص والفتاوى المنصرف إلى غير المقيد من دون شاهد انه لا معنى للحكم بالكراهة في الثانية أيضا بعد فرض تخصيصها بالمسجد أدهى ح كسائر فرشه وآلاته المعلوم حرمة اخراجها من المسجد ومن هنا الحق في الروضة بالحصى الذي هو جزء في الحرمة الحصى المتخذ فرشا بل في حاشية الارشاد انه ربما يخص التحريم به انتهى أقول ما نبه عليه من تعذر تنزيل اطلاق النوص وفتاوى الأصحاب القائلين بالكراهة على خصوص ما خص بالمسجد وانه لا فرق بين اجزاء المسجد وما خص به في عدم جواز اخذ شئ منه وجيه بل لعل الثاني أولى بهذا الحكم كما سنوضحه ولكن للتأمل في اقتضاء وقفية الأرض المنع عن اخذ شئ من اجزائها مطلقا حتى مما لا يعتد عرفا بجزئيته ويلتحق بعد الانفصال منه بالقمامة كما فيما نحن فيه مجال خصوصا إذا كان من توابع الانتفاع بها كالتراب الممتزج بالحنطة
(٧٠٥)