ظاهر جماعة وجوب التقصير عليهم مط لعدم الاعتناء بمثل هذا الاحتمال المخالف للأصل بل ربما يظهر من المحكى عن المنتهى في لخلاف فيه الا من الشافعي حيث حكى عنه أنه قال لو اخرج مكرها إلى المسافة كالأسير قصر لأنه مسافر سفرا بعيدا غير محرم فأبيح له التقصير كالمختار والمرأة مع الزوج والعبد مع السيد إذا عزما على الرجوع مع زوال اليد عنهما خلافا للشافعي قال لأنه غيرنا وللسفر ولا جازم به فان نيته مهما خلا رجع والجواب بالعبد والمرأة انتهى وهذا كما تراه ظاهره في لخلاف فيه الا من العامة مع أنه حكى عنه في نهايته أنه قال لو عزم العبد على الرجوع متى اعتقه مولاه والزوجة متى طلقها الزوج أو على الرجوع وان كان على سبيل التحريم كالإباق والنشوز لم يترخصوا لعدم القصد انتهى وعن الشهيد في الذكرى أنه قال ولو جوز العبد العتق والزوجة الطلاق وعزما على الرجوع متى حصلا فلا ترخص قاله الفاضل وهو قريب ان حصلت امارة لذلك والا فالطاهر البناء على بقاء الاستيلاء وعدم رفعه بالاحتمال البعيد انتهى أقول إن أراد بالاحتمال البعيد الاحتمال الغير المعتد به عرفا بحيث لا ينافي الوثوق والاطمينان بقطع المسافة فهو وجيه والا فما نقله عن الفاضل أوجه فان الأصول والقواعد لا تؤثر في تحقق القصد الذي هو مناط التقصير بعد فرض كون أصل القصد في المقام تبعيا ناشئا من قصد التبعية المفروض في لجزم ببقائها حتى يقطع المسافة كي يلزم قصد قطعها بالتبع وأصالة بقاء التبعية وعدم حدوث سبب تمكنه من المفارقة غير مجدية في اثبات لوازمها العارية أو العقلية كما هو واضح ومن هنا يظهر ضعف مقايسة ما نحن فيه بما لو عزم على قطع مسافة يحتمل عروض الموانع في أثناء الطريق عن قطعها فان احتمال طرد المانع مانع عن الجزم بحصول المقصود لا عن أصل القصد الداعي له إلى السير نحو المقصود بخلاف المقام الذي لم يتعلق قصده لا بقطع المسافة ولا ببقائه على صفة التبعية الملازمة له نعم بقاء أصل التبعية موافق للأصل ولكنه غير مجد في حصول قصده فضلا عن قصد ما هو ملزوم له فليتأمل وهل يجب على التابع تعرف قصد المتبوع بالسؤال عنه ونحوه وجهان أشبههما العدم لان قصد المسافة من المقدمات الوجوبية للتقصير فلا يجب تحصيله بمقتضى الأصل كما هو الشان في سائر الشرائط الوجوبية للواجبات المشروطة فلا يقاس ذلك بما لو قصد مكانا معينا يشك في كونه مسافة حيث نفينا البعد في تلك المسألة عن وجوب اختيارها مع الامكان لان تشخيص مقدار المسافة المعينة التي أراد قطعها طريق لمعرفة ما هو تكليفه في الواقع من القصر أو الاتمام فيمكن الالتزام بوجوب تحصيله مع الامكان بخلافه هيهنا فإنه لا يجب عليه التقصير في الواقع ما لم يجزم بكونه قاطعا للمسافة ولا يجب عليه تحصيل الجزم بذلك وان تمكن منه لما عرفت الخامسة الظاهر أن مرادهم بالقصد هيهنا كقصد إقامة العشرة ليس خصوص القصد الحقيقي الذي هو عبارة عن الإرادة المنبعثة عن قصور الغاية المرتبة على قطع المسافة الداعية إلى اختيار قطعها بل ما يعم الجزم بقطعها وان لم يكن عن ارادته النفسانية بل قسر قاسر كما ينبئ عن ذلك ما يظهر بالتدبر في كلماتهم من التسالم على أن الأسير في أيدي المشركين إذا علم مقصدهم وانهم يسيرون به المسافة لا محالة ولا يتمكن من الهرب من أيديهم يجب عليه التقصير مع أنه ليس بقاصد حقيقة لا للسير ولا لمتابعتهم فيه بل هو مجبور عليهما نعم ربما يظهر من المستند نوع تردد في ذلك حيث قال ما لفظه المكره في السفر كالتابع إذا لم يسلب الاكراه الاختيار ولو سلبه كان يشد يداه ورجلاه وحمل إلى السفر وعلم حمله إلى المسافة فقد يختلج بالبال فيه الاشكال إذا القصد انما يكون على العمل ولا يصدر عنه عمل حتى يكون قاصدا له ولعدم شمول كثير من اخبار القصر لمثله وعدم تبادره من شئ من اخباره واجمال نحو قوله التقصير في بريدين لاحتمال إرادة قصد بريدين أو سيره ومثل ذلك لا يقصد ولا يسير الا ان الظاهر الاجماع على وجوب القصر عليه ويمكن الاستدلال له أيضا بقوله سبحانه وان كنتم على سفر فعدة من أيام أخر فان ذلك كائن في السفر وان لم يكن مقصودا له ولا معارض فيجب عليه التقصير أيضا انتهى وأولى بالاشكال ما لذا لم يكن هناك قصد أصلا كما لو كان سيره بأمر سماوي كما لو دخل في سفينة مربوطة في ساحل بحر متصل ببلده بقصد التنزه أو اخذ متاع مثلا فاخذها الريح و علم بمقتضى العادة انها لا نتف الا بعد قطع مسافات إذ لا يبعد ان يدعى في الفرض الأول ان علمه بإرادة المكره وعدم تمكنه من التخلف عن ارادته بجعله بحكم بريد المسافة بخلاف هذا الفرض الذي ليس الفعل مستندا إلى إرادة أصلا ولكن الأظهر في الجميع التقصير فإنه يدل عليه مضافا إلى ما استظهره من الاجماع واطلاق قوله تعالى ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر اطلاق الروايات الدالة على أن صلاة الفريضة في السفر ركعتان الا المغرب فإنها ثلث ركعات المقتصر في تقييدها بكونه جازما يقطع المسافة حال تلبسه بالسير ولو من غير اختياره لقصور ما دل على اعتبار القصد عن اثبات أزيد من ذلك كما لا يخفى على المتأمل السادسة قد عرفت انه لو تمادى به السير إلى أن قطع ثمانية فراسخ يقصر في الرجوع إلى منزله بلا خلاف فيه على الظاهر لحصول القصد إلى المسافة ح بنية الرجوع فلو بدا له بعد ان قطع الثمانية بلا قصد ان يذهب إلى ما دون المسافة ثم الرجوع فهل يضم ما قصده من الذهاب أيضا إلى الاياب فيقصر في الجمع وجهان بل قولان نسب إلى المشهور في لضم الا ان يكون ما قصده عن الذهاب اربع فراسخ وأراد الرجوع ليومه بناء على اشتراطه في المسافة الملفقة كما هو المشهور وحكى عن الوافي القول بالضم مطلقا وان كان فرسخا أو فرسخين ووافقه بعض من تأخر عنه فالأظهر بناء هذه المسألة على ما هو المختار في مسألة ما لو كان لبلد طريقان والأبعد منهما مسافة فسلك الأقرب بانيا على الرجوع من الابعد لما عرفت من أن ما سلكه بلا قصد المسافة وجوده كالعدم نصا وفتوى فيتحد الحكم ح في المسئلتين وقد عرفت في تلك المسألة ان الأقوى ثبوت التقصير إذا كان الأقرب أربعة وان لم يرد الرجوع ليومه بل وان لم يكن الا بعد بنفسه أيضا مسافة بناء على ما اخترناه من عدم اشتراط الرجوع ليومه في الثمانية الملفقة واما إذا كان أقل من أربعة فقد عرفت ان ضمه إلى الاياب ح في غاية الاشكال وعلى تقدير الالتزام به فلا يتفاوت ح بين كون الاياب وحده مسافة أو بضم ما بقي من الذهاب إليه فيتجه ح التقصير حتى فيما لو ذهب سنة بلا قصد ثم قصد ان يسير فرسخا ويرجع إلى بلده حيث يحصل بضم الذهاب
(٧٣٣)