في اعتبار النية بين بلده وغيره فليتأمل الثاني إذا وجب التقصير والافطار على كثير السفر بإقامة العشرة فهل هو في السفرة الأولى خاصة فيتم في الثانية أم يقصر في الثانية أيضا فلا يعود حكمه أي الاتمام والصيام الا في الثالثة قولان نسب أولهما إلى الحلى وكثير من المتأخرين وثانيهما إلى الشهيد وجماعة ممن تأخر عنه والأول لا يخلو من قوة فان غاية ما يمكن استفادته من الاخبار المزبورة هي ان إقامة العشرة تخرجه عن حكم كثير السفر في السفرة الأولى خاصة فيبقى ما عداها مندرجا في عموم ما دل على وجوب الاتمام على من كان عمله السفر بل هذا هو الذي يستفاد من مرسلة يونس التي وقع فيها السؤال عن حد المكارى الذي يصوم ويتم بل وكذا رواية عبد الله بن سنان المتقدمتين إذا الظاهر كونهما مسوقتين لبيان ضابطة يعرف بها المكارى الذي عمله السفر تكليفه في جميع أسفاره وهى ان المكارى إذا حل في بلده أو البلد الذي يدخله لنقل المتاع إليه أو منه فان أقام فيه أقل من عشرة أيام وجب عليه عند المسافرة عنه الصيام والاتمام وان أقام فيه عشرة فما زاد قصر في سفره وافطر فالمراد بقوله في الرواية الأولى ان أقام في بلده أو البلد الذي يدخله أقل من عشرة أيام وفي الرواية الثانية ان لم يستقر في منزله الا خمسة أيام وأقل وكذا من مقابلة انما هي الإقامة الحاصلة له قبل الاخذ في سفره الذي هو متلبس به بالفعل لا مطلقها أو في شئ من الأزمنة الماضية في الجملة فليتأمل واستدل له أيضا باستصحاب وجوب التمام الثالث له حال كونه في منزله أو ما هو في حكمه كالمحل الذي انقطع فيه سفره بنية إقامة العشرة ولم يقمها وفيه ان وجوب الاتمام الثابت في حقه حال كونه في منزله لم يكن الا لأجل كونه حاضرا فإذا سافر فقد تبدل موضوع ذلك الحكم فلا يصح استصحابه مع أنه قد يقال بمعارضته باستصحاب وجوب القصر الثابت في حقه سابقا على سبيل التعليق بل حكومة هذا الاستصحاب على الأول لأنه حال كونه في منزله كان هذا الاستصحاب جاريا في حقه فلا يبقى معه مجال للتشكيك في حكمه بعد صيرورته مسافرا ولكن فيه أيضا انه من باب الشك في المقتضى فلا تعويل عليه واستدل للقول الثاني باستصحاب وجوب القصر الثابت في حقه بعد الإقامة الحاكم على اصالة التمام كما تقدمت الإشارة إليه وفيه بعد الغض عما عرفت من أن مقتضى الأصل هو الاخذ باطلاق ما دل على وجوب الاتمام على من عمله السفر مقتصرا في تقييده على القدر المتيقن وهى السفرة الأولى لو لم نقل بظهور الأخيار المقيدة أيضا في حد ذاتها أيضا في خلافه ما سبقت الإشارة إليه من أنه شك في المقتضى كما هو الشأن في سائر الأحكام الشرعية الكلية التي نشأ الشك في بقائها عن تبدل وصف أو حال يحتمل مدخليته في بقاء الحكم وعن الشهيد في الذكرى انه استدل عليه بزوال الاسم واحتياج عوده إلى سفرات ثلث كالمبتدأ بناء على أصله من اعتبار ذلك في العنوان المعلق عليه الحكم فقال ما لفظه وربما قيل إذا كان الاسم صادقا عليهم يعنى على المكارى والملاح والتاجر ونحوهم فخرجوا بمقام عشرة ثم عادوا إلى السفر اكتفى بالمرتين وان كانوا مبتدئين فلا بد من الثلاثة وهو ضعيف لان الاسم قد زال فهو الان كالمبتدأ لأنه لو لم يزل وجب الاتمام في السفرة الأولى عقيب العشرة انتهى وفيه ما لا يخفى فان إقامة العشرة ليست منافية لصدق شئ من العناوين المعلق عليها هذا الحكم في الفتاوى والنصوص الدالة عليه سواء قلنا بان المدار على صدق اسم المكارى ونحوه أو عنوان كثير السفر أو أكثرية سفره من حضره أو عملية السفر ولكن رفعنا اليد عن عمومات أدلته في السفر الأولى للنصوص الخاصة الدالة عليه فلا يقاس عليها غيرها نعم استظهر شيخنا المرتضى ره من القيد الوارد في صحيحة هشام بن الحكم المكارى والجمال الذي يختلف و ليس له مقام يتم الصلاة ويصوم شهر رمضان إناطة الحكم بتحقق سفرات ثلث من غير تخلل إقامة نظرا إلى أن وصف الاختلاف الذي اعتبره الشارع قيدا في موضوع هذا الحكم بظاهر هذه الصحيحة لا يتحقق الا بتكرر الذهاب والمجيئ أي بتكرر السفر فالتمام لا يكون الا في السفرة الثالثة التي هي بعد تحقق وصف الاختلاف دون الأوليين اللتين يتحقق بهما هذا الوصف فالاقامة على هذا التقدير رافعة للموضوع المعلق عليه هذا الحكم إذ لا يصدق عليه بعد حصول الإقامة انه مكار ليس له مقام بل يصدق عليه انه مكار له مقام فرجوعه على ما كان يتوقف على أن يصدر منه سفرات ثلث غير متخللة بالإقامة كالمبتدأ وفيه ان وصف الاختلاف للمكارى والجمال من اللوازم العادية التي لا يفهم من ذكرها إرادة الاحتراز بل هو بحسب الظاهر توطئة لتقييد موضوع الحكم بقوله ليس له مقام فلا يفهم من الرواية الا إرادة بيان وجوب التمام على المكارى والجمال المواظب على عمله سبيل الاستمرار من غير أن يكون له حالة توقف واستقرار واما انه إذا حصل له الاستقرار في بلد بإقامة العشرة فهل يزول حكمه رأسا ان في خصوص السفرة الأولى أو الأعم منها ومن الثانية فلا تعرض لها كما لا يخفى على المتأمل الثالث ان الروايات الدالة على وجوب التقصير بعد إقامة العشرة مختصة بالمكارى ومن هنا قد يقوى ما قيل من أن ذلك مختص بالمكارى ولكن المشهور كما ادعاه غير واحد التعدي عنه إلى كل من عمله السفر من الأصناف المزبورة بل في الجواهر بعد ان صرح بعدم الفرق بين المكارى وغيره قال بلا خلاف محقق أجده فيه وان اختص النص بالأول لعموم معقد الاجماع والقطع بعدم الفرق بعد ان كان المناط عملية السفر المنقطع حكمها بإقامة العشرة انتهى أقول ويؤيده أيضا ما في رواية إسماعيل من توصيف الجابي بالذي يدور في جبايته والأمير بالذي يدور في امارته والتاجر بالذي يدور في تجارته فان المنساق منه ليس الا ما يتبادر من توصيف الجمال في صحيحة هشام بالذي يختلف وليس له مقام فما ذهب إليه المشهور من كون الإقامة رافعة لحكم كثرة السفر فيمن عمله السفر مط لعله أقوى ولكن الاحتياط بالجمع بين القصر والاتمام في غير مورد النص مما لا ينبغي تركه ثم على القول باختصاصه بالمكارى قيل إنه بمعناه الأعم فيدخل في جملته الملاح والأجير وهو لا يخلو من اشكال إذ لو سلم صحة اطلاق اسمه عليهما فلا أقل من خروجهما خصوصا الثاني منهما عن منصرف اطلاقه ولذا اختار في المستند هذا القول وخصه بخصوص المكارى بمعناه المعروف دون الملاح والأجير وهو لا يخلو من وجه وان كان الأول أظهر كما يظهر وجهه مما مر الا ان يدعى القطع بالمناط وعهد على مدعيه ولو أقام خمسة أيام قيل يتم بل هذا هو المشهور كما صرح به غير واحد بل عن الحلى دعوى الاجماع عليه وقيل يقصر صلاته نهارا دون صومه ويتم ليلا وقد حكى هذا القول عن الشيخ وابني حمزة والبراج لقوله عليه السلام في صحيحة ابن سنان المتقدمة المكارى ان لم يستقر في منزله الا خمسة أيام أو أقل قصر في سفره بالنهار الحديث وفيه بعد الغض عن شذوذ هذه الفقرة بل
(٧٤٩)