في صلاته من غير تدارك النقص مع أنه من اظهر مصاديق هذا العموم على تقدير ظهوره في إرادة المعنى المزبور كما لا يخفى فظهر بما ذكرنا انه لا ينبغي التشكيك في أن الاخبار المزبورة موردها خصوص كثير الشك لا الأعم منه ومن كثير النسيان فضلا عن خصوص الثاني ومن زعم أن المراد به الأعم ولكن لم يلتزم بمفادها في الناسي الا في سجود السهو فقد أخطأ فان سجود السهو ليس مشمولا للنص كي يكون مقصودا بخصوصه من التعميم كما نبه عليه المحدث المجلسي في ذيل عبارته المتقدمة إذ لا يفهم من امر الناسي بالمضي في صلاته الا في لرجوع لتدارك المنسي والاكتفاء بالصلاة الفاقدة له في مقام الخروج عن عهدة التكليف بها واما الآثار الثابتة لنفس النسيان من حيث هو كسجود السهو ونحوه (فهو أجنبي عن مفاد هذا الدليل ولا يقاس ذلك بصلاة الاحتياط التي نلتزم باستفادة سقوطها من الامر) بالمضي في شكه إذ لا معنى للامر بالمضي مع الشك الا الاكتفاء بما يشك معه في تفريغ ذمته فالمقصود بالامر هو ترك تحصيل الجزم بالفراغ على حسب ما كان يقتضيه قاعدة الاشتغال اما باستيناف الصلاة أو تدارك المشكوك بالرجوع إليه مع الامكان أو بفعل الاحتياط الذي جعله الشارع مبرء يقينيا لا يقدح معه احتمال الزيادة فهذه كلها من مقتضيات قاعدة الشغل التي يكون الامر بالمضي في الصلاة مع الشك واردا عليها نعم لا يفهم من الامر بالمضي في شكه سقوط سجود السهو الذي يوجبه الشك بين الأربع والخمس الا بملاحظة التعليل الواقع في الاخبار حيث يفهم منها ان المقصود بالامر بالمضي ترك الاعتناء بالشك وكون الاعتناء به إطاعة للشيطان وتعويد الخبيث مع امكان دعوى انصراف دليله عن كثير الشك كما أنه قد يتجه الالتزام بعدم وجوب سجود السهو لكثير النسيان أيضا لذلك فليتأمل ولو كثر شكه في فعل بعينه كالركوع مثلا جرى عليه حكمه وهل يجري بالنسبة إلى غيره من الافعال والاعداد أو يقتصر عليه فقط وجهان اختار أولهما غير واحد على ما حكى عنهم للاطلاق المؤيد بالتعليل بان ذلك من الشيطان والأقوى هو الثاني كما صرح به في الجواهر إذ المتبادر من النصوص انما هو في لالتفات إلى سهوه فيما كثر فيه سهوه وما ذكر من التعليل فهو للثاني أولى كما لا يخفى ولا يجب على كثير السهو ضبط صلاته ينصب قيم أو بالحصى أو بالخاتم ونحوه للأصل مضافا إلى اطلاق الاخبار الامرة بالمضي في سهوه وما في بعض الأخبار من الامر بالادراج أو التخفيف لكثير السهو كما في خبر الحلبي قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن السهو قلت فإنه يكثر على فقال ادرج صلاتك ادراجا قلت واي شئ الادراج قال ثلاث تسبيحات في الركوع والسجود وفي خبره الاخر عن أبي عبد الله عليه السلام قال ينبغي تخفيف الصلاة من اجل السهو أو الامر بالاحصاء بالحصى كما في خبر حبيب الخثعمي قال شكوت إلى أبي عبد الله عليه السلام كثرة السهو في الصلاة فقال احص صلاتك بالحصى أو قال احفظها بالحصى أريد به على الظاهر الارشاد وبيان ما هو الأصلح بحاله لا الالزام كما يشهر بذلك التعبير بلفظ ينبغي في الخبر الثاني ونفي الباس في خبر المعلى سئل أبا عبد الله عليه السلام فقال له اني رجل كثير السهو فما احفظ صلاتي الا بخاتمي أحوله من مكان إلى مكان فقال لا باس به وربما الحق بعض بكثير الشك كثير الظن أو القطع وهو بالنسبة إلى كثير القطع في غير محله إذ لا يعقل ان يكلف القاطع بالعمل على خلاف ما يعتقد كونه مشروعا في حقه وربما قيده بعض بما إذا علم القاطع بحصول قطعه مما ليس سببا للقطع في المتعارف وفيه ان علمه بكون قطعه حاصلا من سبب غير عادي لا يجدي في تجويز عقله العمل بما يعتقد مخالفته للمشروع بان تقتصر مثلا في امتثال الامر بصلاة الصبح التي يعلم بكونها ثنائية على ما يعتقد كونها ركعة أو ثلاث ركعات واما بالنسبة إلى كثير الظن أيضا فلا يخلو من اشكال فإنه وان أمكن ان يدعى انصراف ما دل على اعتبار الظن في الصلاة عمن خرج عن العادة في ظنه بان حصل له غالبا الظن من أسباب غير مورثة للظن في المتعارف بحيث لولا كونه كذلك لكان شاكا أو جازما بالعدم ولكن هذا الا يقتضي الحاقه بكثير الشك الذي حكمه المضي في صلاته اخذ باحتمال الصحة بعد خروجه عن موضوعه عرفا بل عدم حجية ظنه فعليه حينئذ الرجوع في موارد ظنه على ما تقتضيه الأصول والقواعد الجارية في تلك الموارد فليتأمل ويرجع في تحقيق مسمى الكثرة إلى ما يسمى في العادة كثيرا كما صرح به غير واحد وقيل إن يسهو ثلاثا في فريضة وقيل إن يسهو مرة في ثلاث فرائض ولكن لم ينقل في المدارك وغيره هذين القولين صريحا عن أحد بل نقلوا في مقابل القول الأول عن ابن حمزة القول بان حده ان يسهو ثلاث مرات متوالية وهو بظاهره أعم من أن يسهو في فريضة واحدة أو فرائض متوالية وعن ابن إدريس القول بان حده ان يسهو في شئ واحد أو فريضة واحدة ثلاث مرات أو في أكثر الخمس اي الثلاث منها فيسقط في الفريضة الرابعة فيحتمل ان يكون ما في المتن إشارة إلى هذين القولين من باب المسامحة (في التعبير) ويمكن ارجاع هذين القولين أيضا إلى الأول بالحمل على إرادة بيان ما به يتحقق مسماه عرفا لا انحصاره في ذلك إذا الظاهر تحققه عرفا بمثل السهو ثلاثا في فريضة واحدة أو ثلاثا فرائض متواليات أو في أكثر الخمس ما لم يكن ذلك من باب الاتفاق لعوارض خارجية موجبة لتشويش الذهن فيعود النزاع لفظيا وكيف كان فالأول اظهر إذ العرف هو المحكم فيما لم يرد فيه تحديد شرعي وتحديده بالثلاث في الصحيح عن محمد بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال وإذا كان الرجل ممن يسهو في كل ثلاث فهو ممن يكثر عليه السهو فهو غير مناف لما ذكر فان سوق الرواية يشهد بإرادة بيان ما يتحقق به مسماة لا الحصر وما تضمنته ليس منافيا للعرف فإنه وان لا يخلو من اجمال الا ان اظهر ما يحتمل ارادته منه هو ان لا يسلم من السهو في كل ثلاث صلوات متتالية وهذا مما يتحقق به مسمى الكثرة عرفا سواء اتحد محل سهوه أم اختلف فان غالب الناس قد لا يصدر منهم السهو في شئ من الفرائض الخمس في أغلب أيامهم كما لا يخفى وحكى عن الشهيد في الذكرى انه احتمل حصول الكثرة بالثانية فقال ويظهر من قوله عليه السلام في حسنة ابن البختري ولا على الإعادة إعادة ان السهو يكثر بالثانية الا ان يقال يختص بموضع وجوب الإعادة انتهى واعترض عليه في الحدائق بان الأظهر في معنى هذه العبارة هو انه
(٥٨٦)